ابوظبي- سعيد المهيري
أكد رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الدكتور محمد مطر الكعبي، دور دولة الإمارات في مواجهة التطرف والتشدد، وتعزيز مرجعية الاعتدال والوسطية، تحديدًا في هذه المرحلة الحساسة التي يشهدها العالم، بعد أن شاعت الفتن وكثر انتشار الفرق والأحزاب، وتعالت أصوات الطائفية والتطرف، داعيًا إلى فك أسر الخطاب الديني من أيدي المتطرفين.
وأوضح الكعبي في كلمته الافتتاحية للندوة التي عقدت بمشاركة العلماء ضيوف رئيس الدولة في فندق "سانت ريغس الكورنيش" في العاصمة أبوظبي بعنوان "دولة الإمارات في مواجهة التطرف"، أنّه أصبح لزامًا على علماء المسلمين والمؤسسات المعنية بالخطاب الديني بذل الجهد الكبير لاستعادة الخطاب الديني وفك أسره من أيدي المتطرفين، بعد أن اختطفت الجماعات المتطرفة الدين، وزعمت أنها تنشئ دولة الإسلام، ودعت المسلمين إلى الخروج عن الحكام وأصدرت فتاوى التكفير والتفجير بحق الكبير والصغير ممن رفضوا مبايعتها وأعرضوا عن انحرافهم وتطرفهم.
وشدد على ضرورة استعادة الخطاب الديني من أيدي المتطرفين، بهدف إظهار الإسلام بجوهرة الأصيل وحقيقته الناصعة وإعادة صورته الحقيقة اللامعة، مؤكدًا أنّ الهيئة تنفذ استراتيجيات حكومة دولة الإمارات الرشيدة لتحقيق مجتمع آمن متلاحم يحافظ على هوية متمسكة بولاية الحاكم وولي الأمر، والانتماء للوطن، من خلال غرس قيم الوسطية والاعتدال الديني وتعزيز التسامح في العلاقات الإنسانية مع غير المسلمين، وتحقيق الأمن الفكري والاجتماعي وحماية المجتمع الإماراتي من الأفكار الهدامة والممارسات الواهية المتعارضة مع قيم الإسلام النبيلة، وتعزيز هذه الأولية في نشر قيم الاعتدال والوسطية في جميع فعالياتها.
وتمنى في ختام كلمته أن "تخرج الندوة بأفكار عملية لمواجهة أفكار المتطرفين الذين اختطفوا الدين، وعملوا على التغرير بأبنائنا من الأجيال الصاعدة بمصطلحات براقة وجرهم إلى مستنقعات التطرف باسم الدين، وتناوب العلماء ضيوف رئيس الإمارات في شرح وتفسير محاور الندوة، حيث تحدث وزير الشؤون الإسلامية والتعليم في موريتانيا الشيخ أحمد ولد أهل داود عن الجهاد وأحكامه الشرعية وضوابطه وصور الجهاد المشروع بين الماضي والحاضر.
كما بيّن للحضور أنواع الجهاد ومراحلة، لافتًا إلى أنّ القتال لا يكون إلا على الكافر الحربي ممن ليس بينه وبين المسلمين أي عهد أو ميثاق أو صلح، مشيرًا إلى أنّ "العهود مواثيق وعلاقات دبلوماسية في وقتنا الحاضر، والمخول الوحيد لمنح هذه العهود والمواثيق؛ الحاكم، أو رئيس الدولة، ولا يحق لأحد الاعتداء عليها أو نقدها".
ونوه الشيخ أحمد ولد أهل داود إلى أنّ حكم الجهاد يختلف باختلاف نوعه، ومن قتل دون ماله وأهله فهو شهيد، موجهًاإلى أنّ الجهاد يكون في القلب واللسان والمال والنفس، فرض كفاية وليس فرض عين، وركز المستشار الديني لرئيس جمهورية مصر العربية الدكتور أسامة الأزهري، على أهمية المصارحة في مجالس العلم لبيان الحقيقة أمام من تغريهم المصطلحات البراقة من الشباب المغرر بهم، كما تحدث عن الحاكمية في نصوص الشريعة الإسلامية وأحكامها من جهة، وبين مفهوم التنظيمات الإسلامية والمتطرفة وتطبيقاتها من جهة ثانية.
وذكر الأزهري أنّ الرجل الثاني في "داعش" الملقب بأبو أحمد العرياني عكف على تفسيرات سيد قطب الناصحة بالأفكار التكفيرية التي تقود إلى التكفير، كما تناول رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك فضيلة المفتي مصطفى سيريتش الحديث عن التكفير ومخاطرة الدينية وآثاره الاجتماعية، واستخدامه مبررًا للقتل في نهج الجماعات الإرهابية والمتطرفة، مبيّنًا أنّ الدين الإسلامي الدين الذي يلف الجميع حوله ويعاني من حروب وأزمات داخلية بقدر ما هو محارب من الغرب.
وشدد سيريتش على أهمية العودة إلى الفكر الإسلامي المتزن والمعتدل، قائلًا: "نحن بحاجة إلى علماء نفس أكثر من حاجتنا إلى علماء دين".