الأقصر – محمد العديسي
الأقصر – محمد العديسي
تعاني نحو 28 أسرة، تقطن جوار معبد "الرامسيوم"، في مدينة القرنة، في البر الغربي للأقصر، من مخاوف انهيار منازلهم، بعد أن بدأت مكوناتها في الانهيار، نتيجة إقامتها بالطوب "اللبن"، منذ عشرات الأعوام، وحرمان سكانها من إعادة بنائها، لوقوع تلك المنازل داخل حرم المعبد، وتجاهل الآثار لمطالبهم، بتوفير
منازل أو أرض بديلة لهم.
ويكاد لا يمر أسبوع حتى تنهار أجزاء من أسوار المعبد فوق المنازل, ما تسبب في إصابة عدد من الأهالي، كان أخر هذه الإصابات إصابة سيدة مسنة، بإصابات بالغة، نتيجة انهيار جزء من سور المعبد الملاصق لمنزلها, كما أن الأهالي معرضون لخطر دائم، بسبب تصدع مساحات كبيرة من أسوار المعبد الملاصق لمنازلهم، التي بنيت قبل نحو 50 عامًا بالطوب اللبن.
وكشف سكان المنطقة عن تقدمهم بعشرات البلاغات والشكاوى، بغية حمايتهم من مخاطر انهيار منازلهم، وصدور قرارات إزالة لها لتصدعها، واحتمال انهيارها على ساكنيها في أية لحظة.
وأكّد مصدر أثري تعرض 83 منزلاً في مناطق "الرامسيوم" و"هابو" و"الجنينة" و"عزبة الورد" للتصدع، وانهيار أجزاء منها، نتيجة تأثرها بمشروع خفض منسوب المياه الجوفية أسفل خمس معابد فرعونية غرب الأقصر.
وأوضح أحمد علي, مزارع, وأحد المتضررين أنه "قبل أن ينهار السور بعام قدم شكاوى للآثار، ولم يهتم أحد بشكوانا، حتى فوجئنا الأسبوع الماضي بسقوط جزء من السور على سيدة مسنة، أثناء قيامها بإعداد الخبر في فرن بلدي أمام منزلها, ولم يمر سوى يومين من الحادث الأول حتى سقط جزء أخر من السور على بعض رؤوس الماشية الخاصة بي", مشيرًا إلى أن "المسؤولين في الأقصر لا يهتمون بشكوانا".
ولفت علي إلى أن "السلطات، بعد اكتشاف أجزاء من معبد الرامسيوم جوار منازلنا، منعتنا من ترميم المنازل، أو إعادة بنائها"، مطالبًا الحكومة بـ"توفير منازل بديلة في أية منطقة، لكي نخرج من هذه المنازل، التي ستنهار على رؤوسنا في أي وقت".
وبدورها، أكّدت الحاجة فاطمة، التي أصيبت في انهيار جزء من السور، أنها "تعيش في المنطقة منذ 30 عامًا تقريبًا، ومنازلنا بدأت جدرانها في التآكل بسبب المياه الجوفية، فضلاً عن قدم هذه المنازل، ورفض الآثار التصريح لنا بترميمها، أو إعادة بنائها".
وتطالب الحاجة فاطمة المسؤولين بأن "ينظروا إلى 28 أسرة تسكن جوار معبد الرامسيوم بعين العطف، وأن يتم تخصيص منازل بديلة في أية منطقة غرب الأقصر، لتكون مأوى لنا، ولأبنائنا، بعد أن ضاقت علينا المنطقة، بسبب الاكتشافات الأثرية".
وأوضح محمد يوسف أن منزله أصبح عرضه للانهيار في أي وقت، وأنه يخشى على أبنائه من المبيت داخل المنزل، كما أنه هناك قرارات إزالة عدة للمنزل، منذ عام 2009، ولكن يجب أن تعطي لنا الدولة منازل بديلة، للخروج من بيوتنا".
ومن جانبه، أكّد محافظ الأقصر اللواء طارق سعد الدين أنه سيشكل لجنة لحصر المنازل المتصدعة، وسيقوم بإعداد مشروع عاجل لإعادة تسكين المواطنين المقيمين في محيط معبد "الرامسيوم" الفرعوني غرب المدينة، وإعادة تهذيب المنطقة المحيطة بالمعبد، بما يتناسب وقيمتها التاريخية، وحماية معالمها، وحرمها، بالتنسيق مع وزارة الدولة لشؤون الآثار.
يشار إلى أن معبد "الرامسيوم" من المعابد الجنائزية، التي كانت تبنى للأموات في مصر القديمة، بناه الملك رمسيس الثاني، وهو أكثر الملوك الذين بنيت لهم معابد، ويضم المعبد تماثيل ضخمة للملك، وجانبًا مهمًا من النقوش، التي تحكي طبيعة الحياة في تلك الفترة.
وتسجل الصور والنقوش، التي تزين جدار المعبد، وقائع معركة "قادش" الشهيرة، التي انتصر فيها الملك رمسيس الثاني على الحيثيين، وكيفية تخطيطه للحرب.
ويعتبر المعبد من أجمل المعابد في مصر، حيث يتكون من بقايا طرق وأعمدة "أوزيرية" متكسرة، وصرح ضخم، تهاوى نصفه، وسقوفه، التي صنعت من الطوب الآجر، ترتفع في مستوى واحد مع سور المعبد.
وعثرت بعثة الآثار المصرية الفرنسية، برئاسة كريستيان لبلان، العاملة في معبد "الرامسيوم"، في منطقة البر الغربي في الأقصر، على بقايا مهمة من المعبد، ترجع إلى عصر الأسرتين الـ19 و20 الفرعونيتين، تضم مجموعة من المطابخ العامة وأبنية للجزارة ومخازن ضخمة، إضافة إلى المدرسة التي كانت مخصصة لتعليم أبناء العمال.