جنيف ـ سامي لطفي
وصل عدد المشردين داخل بلدانهم في العالم خلال عام 2012 إلى قرابة 28 مليون مشرد، وساهم في ارتفاع هذا العدد الصراعات المسلحة والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وبخاصة الصراع الدائر في كل من سورية وجمهورية الكونغو الديمقراطية.جاء ذلك في تقرير لمركز مراقبة المشردين داخل بلدانهم الذي يتخذ من العاصمة السويسرية جنيف مقرا له، ويقول المركز في تقريره السنوي أن عدد المشردين داخل بلدانهم زاد بمقدار 6.5 مليون مشرد خلال عام 2012 وحده وهو تقريبا ضعف عدد المشردين خلال عام 2011. وأكد المركز أن الوضع في سورية يتسم بالخطورة، وبخاصة أن الأزمة السورية هي أكبر الأزمات التي تواجه العالم حاليا وأسرعها تفاقمًا في ظل عمليات التهجير والتشريد الجارية الآن، ووصل عدد المشردين داخل سورية حاليا إلى ما يزيد عن ثلاثة ملايين مشرد بعد أن كانوا 2.4 مليون مشرد قبل عام. وقال المتحدث باسم مركز مراقبة المشردين، كلار سبوريل، إن المشكلة في سورية دخلت عامها الثالث، مشيرًا إلى أن تفاقم الأوضاع وصل إلى أبعد نقطة وأن المؤسسات الخيرية لا يمكنها إنقاذ سورية وأن العبء يقع على عاتق السياسيين، وأن ما نشاهده في سورية الآن هو مواطنين أنهكهم التشرد إلى أقصى درجة وهم يعتمدون على غيرهم من المجتمعات المضيفة التي تعاني هي الأخرى داخل سورية من نقص المواد الغذائية وانتشار الأمراض. ووصف مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس الحرب الأهلية في سورية بأنها أسوأ كارثة إنسانية منذ نهاية الحرب الباردة كما أن أنها أكثر قسوة وتدميرا من الصراعات التي شهدتها العراق وأفغانستان. وأوضح مركز مراقبة المشردين أنه وحتى يتم حسم الصراع في سورية فإن مشكلة التشرد والتهجير والنزوح الداخلي سوف تستمر في التفاقم، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة متلازمة مع البلدان التي تشهد صراعات طويلة الأمد، مشيرًا إلى أن كولومبيا تأتي على رأس الدول التي تشهد مشردين داخلها ويليها في الترتيب سورية ثم جمهورية الكونغو الديموقراطية التي تحتل المرتبة الثالثة. أما الأقليم الذي شهد أكبر عدد من المشردين العام الماضي فهو إقليم جنوب الصحراء الأفريقية حيث وصل عددهم بنهاية عام 2012 إلى 10.4 مليون مشرد وهو ثلث المشردين داخليا تقريبا في العالم، وفر قرابة مليون مواطن كونغولي من منازلهم بسبب الهجمات التي تشنها المقاومة هناك والمعروفة باسم جماعة إم 23. وشهد شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي فرار 140 ألف فرد من كيفو الشمالية عاصمة مدينة غوما في الكونغو خلال أسبوع واحد لحظة دخول قوات المقاومة للمدينة، أما الصراع في مالي والعنف المتزايد في نيجيريا على يد جماعة بوكو حرام قد تسبب في تشريد أعداد كبيرة من السكان، وألمح التقرير إلى أنه وفي ظل أهمية التوصل إلى تسوية للنزاع في سورية للتعامل مع أزمة المشردين هناك أيضا ضرورة القيام بسد الفجوة بين الاستجابة للطوارئ وبين تطورات الحالة. وقالت مديرة المركز كيت هالف أن 90% من الدول التي يراقبها المركز يعاني المشردين داخلها على مدار فترات طويلة غالبا ما تمتد إلى عشرات السنين وفي ظل هذه الأحوال ينشأ الجيل الثاني والثالث في أجواء من التشرد، مشيرة إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومات في إيجاد حل لهؤلاء إلا أنه لا أحد يدري بهم إلا بعد أن تدرك الحكومات والمجتمع الدولي أن هؤلاء باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية بعد أن تتفاقم أزمتهم. وأوضحت هالف أن هناك دول أفريقية رائدة في أسلوب التعامل مع مثل هذه المشاكل ففي شهر ديسمبر من العام الماضي بدء سريان معاهدة كامبالا وهو أول معاهدة دولية قانونية تحدد الالتزامات التي تقع على عاتق الحكومات لحماية ومساعدة المشردين داخل بلدانهم. وأشارت إلى أنه وقع على هذه المعاهدة 37 دولة من بين 53 دولة من دول الاتحاد الأفريقي وهي معاهدة تلزم الحكومات بتوفير الحماية لحقوق ومعيشة المشردين داخل بلدانهم بسبب الصراعات الداخلية والعنف والكوارث الطبيعية كما تقع على الحكومات مسؤولية جمع المعلومات عن هؤلاء وتحديد أماكنهم واحتياجاتهم.