دمشق - جورج الشامي
أعلن وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أن مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري"، سينعقد في 29 أيار/مايو الجاري في طهران، فيما اعتبر الائتلاف السوري "المعارض" أن إيران جزء من المشكلة، وأنه يرفض حضور إيران للمؤتمر الدولي الذي تسعى إلى تنظيمه موسكو وواشنطن، في حال قرر المشاركة فيه، في حين أجّلت بريطانيا وفرنسا البت في طلب سوري بأن تقوم الأمم المتحدة بتصنيف "جبهة النصرة"
الإسلامية، كمنظمة إرهابية، وسط دعوات في الولايات المتحدة بتجنب التورط في المأزق السوري، بعد خسائرها الهائلة في العراق وأفغانستان، وللتعقيدات المصاحبة للصراع الطائفي في سورية.
وكشف مسؤول أميركي سابق في وزارة الخارجية الأميركية عن طابع السياسة الأميركية الجديدة حيال الحرب في سورية والذي يتبناه وزير الخارجية جون كيري. من خلال مقابلة مهمة نشرها المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية (CFR) مع المستشار الخاص الأسبق لملف "سورية الانتقالية" لدى وزارة الخارجية الأميركية فريدرك هوف، بعنوان ''السلام السوري.. الطريق المتعثِّر"، تناول محاور عدة أهمها مؤتمر جنيف 2 وحال المعارضة السورية المترددة والمتشرذمة وإيجاد عنوان لإنهاء الأزمة السورية في دعم المجلس العسكري الأعلى وقائده اللواء سليم إدريس.
وكشف المستشار الأميركي أن محادثات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الأميركي باراك أوباما في واشنطن في الأيام المقبلة ستتركز على توحيد صفوف المعارضة المسلحة السورية تحت إمرة اللواء إدريس والسيطرة على التباينات والانقسامات بين الجيش الحر.
ويقول هوف معبراً عن الانطباع السائد عنه في مكاتب الخارجية الأميركية "إدريس عنوان موثوق لتلبية احتياجات الجيش السوري الحر من الولايات المتحدة الأميركية من حيث السلاح والغذاء والاتصالات، والدروع الواقية للبدن، والطبية، وما شابه ذلك". ويضيف "وهذا الدعم يعزز نفوذ إدريس الذي هو بالمقاييس كلها ضابط كفء ومؤهل وصادق ويساعده على إعادة النظام بعد الفوضى الكبيرة التي حدثت بالإضافة إلى العمل على تهميش دور الجماعات الجهادية".
الطرح الجديد يحمل إشارة علنية لقرار أميركي يتمثل في دفع المجلس العسكري إلى الواجهة ووضع المعارضة السورية المتمثلة في الائتلاف الوطني جانباً.
ويشمل الإجماع الأميركي الروسي المبدئي لمؤتمر جنيف 2 على انتقال سياسي للحكم عماده المفاوضات رغم معرفة الطرفين أن نسبة نجاح ذلك تتراوح بين 10 إلى 15 % وأن أي بديل غير ذلك سيكون مفجعاً.
وأشار هوف إلى عدم وجود تماسك حقيقي في جسد المعارضة السورية مؤكداً أهمية وجود حكومة الثوار على الأراضي السورية. لافتاً إلى التحدي الجديد المتمثل في تعزيز النظام السوري لوجوده على الأرض تكتيكياً من خلال الدعم الكبير لإيران وحزب الله، بعد أن "وضع الأسد مصيره في أيديهم منذ البداية".
وعن مشاركة المعارضة السورية في مؤتمر جنيف 2 عبر المستشار الأميركي عن العبء الثقيل لجمع تأييد المعارضة على رأي واحد خصوصاً أن مطالبهم تتركز في استقالة الأسد ومغادرته البلاد حتى قبل بدء المفاوضات متمسكين بمطالبهم في مؤتمر جنيف الأول وهذا شيء صعب ولا يندرج ضمن أصول المفاوضات في نهاية المطاف.
وهذا العجز الأميركي خلص إليه كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية الذين كانوا في اسطنبول الأسبوع الماضي والذين رافقوا وزير خارجيتهم في زيارته لموسكو ومقابلته نظيره الروسي سيرجي لافروف. وهذا بالتأكيد جعل الدعم الأميركي متردداً نوعا ما ودفعهم للقرار الأهم في دعم شخصية إدريس.
وعن تعاظم قوة جبهة النصرة وازدياد شعبيتها، أكد المستشار الأميركي وكبير باحثي المعهد الأطلنطي أن الجماعات الجهادية هي رد فعل على الحرب الطائفية التي يقودها النظام منذ البداية من خلال قوات ومليشيات عمادها من العلويين.
وأضاف "يعتقد ويحلم الأسد في نهاية المطاف أن يسوق لنفسه لدى الغرب بأنه درع وحاجز في وجه الجماعات الجهادية التي دخلت سورية إلى الحرب لتستهدف السنة بشكل رئيس والذين يشكلون عماد المعارضة".
في غضون ذلك كشف وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري أن حكومة بشار الأسد سلمت روسيا أسماء المسؤولين المفترض أن يشاركوا في المؤتمر الدولي بشأن سورية كممثلين عن النظام.
تصريح كيري جاء من العاصمة السويدية التي يزورها حالياً، وسبقت هذه التصريحات مكالمة أجراها كيري مع قائد هيئة الأركان المشتركة اللواء سليم إدريس، لمناقشة موضوع المؤتمر الدولي، دون أن تتسرب المزيد من التفاصيل عما دار خلال المحادثة الهاتفية.
وأعرب كيري عن عدم اتفاقه مع الآراء التي ترى أن عقد المؤتمر الدولي عن سورية بعيد جدا. ولم يكشف كيري أسماء المسؤولين السوريين الذين قدمهم نظام بشار إلى الروس، مشيرا إلى لقاء سيجمعه (كيري) مع نظيره الروسي لافروف الثّلاثاء في مدينة كيرونا، في شمال السويد.
وسبق للوزير كيري أن أعلن من موسكو عن تحضيرات لعقد مؤتمر دولي بشأن سوريا، اصطلح على تسميته "جنيف 2" عطفا على الاجتماع الذي عقد قبل قرابة عام، وتمخض عن "اتفاق جنيف" الذي تم تجميده، ما شجع بشار على توسيع دائرة حربه ضد الشعب السوري.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أن مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري"، سينعقد في 29 أيار/مايو الجاري في طهران، فيما اعتبر الائتلاف السوري "المعارض" أن إيران جزء من المشكلة، وأنه يرفض حضور إيران للمؤتمر الدولي الذي تسعى إلى تنظيمه موسكو وواشنطن، في حال قرر المشاركة فيه، في حين أجّلت بريطانيا وفرنسا البت في طلب سوري بأن تقوم الأمم المتحدة بتصنيف "جبهة النصرة" الإسلامية، كمنظمة إرهابية، وسط دعوات في الولايات المتحدة بتجنب التورط في المأزق السوري، بعد خسائرها الهائلة في العراق وأفغانستان، وللتعقيدات المصاحبة للصراع الطائفي في سورية.
وأكد دبلوماسيون في مجلس الأمن، أن "بريطانيا وفرنسا أخرتا طلباً من سورية بأن تقوم الأمم المتحدة بتصنيف (جبهة النصرة) الإسلامية، كمنظمة إرهابية، لأنهما تريدان تصنيف هذه الجماعة على أنها مجرد اسم مستعار لتنظيم (القاعدة)، وإنه من المقرر أن تناقش لجنة عقوبات (القاعدة) المنبثقة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاقتراح المضاد لبريطانيا وفرنسا في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وأن المسألة إجرائية لأنه في الحالتين سيتم إدراج الجبهة على قائمة عقوبات (القاعدة)، وتخضع لحظر السلاح والسفر وتجميد الأموال نفسه، ويجب أن يوافق أعضاء لجنة العقوبات المكونة من 15 عضوًا على هذا الإدراج".
وتعتبر "جبهة النصرة"، من أكثر الجماعات فعالية في قتال قوات الجيش السوري، وتعهدت الشهر الماضي بالولاء لزعيم "القاعدة" أيمن الظواهري، وصنفتها وزارة الخارجية الأميركية على أنها "منظمة إرهابية" في كانون الأول/ديسمبر.
وقال خبراء منذ وقت طويل، إن "النصرة" تتلقى دعمًا من مقاتلين مرتبطين بـ"القاعدة" في العراق المجاور، في حين أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن تفجيرات مميتة في دمشق وحلب، وانضم مقاتلوها إلى كتائب المعارضة السورية الأخرى.
واعتبر نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أن "نجاح أي مؤتمر أو جهد دولي يرغب في مساعدة الشعب السوري في الوصول إلى حل سياسي للأزمة الحالية، متوقف على صدق نيات داعمي الإرهاب في سورية، باعتبار أن وقف الإرهاب والعنف هو عامل أساسي في إنهاء الأزمة"، موضحًا أن "سورية تواصل اتصالاتها مع الأصدقاء من أجل بحث قضايا تتعلق بالمشاركة والأجندة في المؤتمر الدولي الذي جرى التفاهم عليه بين روسيا والولايات المتحدة، والتعرف على ما يسفر عنه التحرك الدبلوماسي في هذا الإطار، من أجل تحديد موقفها من هذا المؤتمر، وأن سورية منذ البداية تريد حلاً سياسيًا عبر إصلاحات سياسية وحوار وطني".
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن "حزب الله" يخاطر بمقاتلة الثوار في سورية، وأن جنود الحزب المدربين لمحاربة إسرائيل والدفاع عن لبنان، بدأوا يوجهون اهتمامهم ويشاركون بصورة أكثر عمقًا في معركة مختلفة تمامًا في سورية ضد إخوانهم المسلمين، الذين يحاولون الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وأن قادة الحزب أوضحوا أن حرب الأسد هي حربهم أيضًا، وأنه على الرغم من أن (حزب الله) لم يتمتع قط بقوة مماثلة على الصعيد العسكري، نظرًا لتمكنها من تعويض الخسائر في الأسلحة والمقاتلين التي تكبدتها خلال حربها القصيرة مع إسرائيل في العام 2006، وتجد الجماعة اللبنانية نفسها الآن في وضع غير معتاد، حيث إنها تكافح من أجل الحفاظ على مصداقيتها داخل لبنان، ومواجهة مجموعة جديدة من التحديات في الخارج بينما تقاتل في ما ترى أنه معركة للحفاظ على حكومة الأسد وخط نقل الأسلحة الذي يمر عبر سورية".
ورأت الصحيفة ان "إيران تعاني في ظل العقوبات المفروضة عليها لسبب برنامجها النووي، وقد اعتقل العديد من أعضاء الحزب لسبب دورهم في المساعدة في قتل السياح الإسرائيليين في بلغاريا، كما تبحث أوروبا في إمكان الانضمام إلى الولايات المتحدة في تصنيفه على أنه منظمة إرهابية".
ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إلى أن "استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الحكومة السورية لم يحدث فارقًا كبيرًا في تلك الدولة المتداعية، فقد سقط عشرات الآلاف من القتلى بالفعل، ولا تزال أعمال العنف الدامية مستمرة من دون أي نهاية منظورة"، مضيفة أنه "مع ذلك كان لتقارير الأسلحة الكيميائية تأثير كبير في الولايات المتحدة، حيث حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن استخدامها سيغير قواعد اللعبة، وسيأتي بعواقب وخيمة، ومن أنه خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وسرعان ما شرع المحافظون الجدد الذين ساعدوا في إقحام الولايات المتحدة في العراق في قرع طبول الحرب من جديد، وبدأ دعاة التدخل الليبراليون الحديث أيضًا عن التدخل العسكري، لكن أوباما يكرر الآن الخطأ نفسه من خلال السعي للحصول على أدلة ما حدث في سورية"، محذرة من أن "مصداقية الولايات المتحدة على المحك".
وأضافت "واشنطن بوست"، أن "الوقت قد حان لكي يدرك الجميع حقيقة المأزق السوري، حيث لا شك في أن أوباما محق في تجنب التورط بأي شكل من الأشكال في حرب جديدة في الشرق الأوسط، نظرًا للتكاليف الهائلة للتدخل الأميركي في العراق وأفغانستان، وللتعقيدات المصاحبة للصراع الطائفي في سورية، وأن أي تدخل سينطوي على عملية بناء الدولة في خضم السعي إلى نزع سلاح الميليشيات المتنافسة المناهضة للولايات المتحدة، على غرار العراق، والحل لا يتمثل أيضًا في تسليح الثوار بأسلحة ثقيلة، نظرًا لأن هذه الأسلحة قد تنتهي إلى أيدي الفصائل المعادية للولايات المتحدة".
وأوضح مصدر فرنسي رفيع، لصحيفة "الحياة"، أن "الكلام عن صعوبة عقد مؤتمر جنيف بشأن سورية هو نتيجة غياب عناصر الاتفاق السياسي على هذا المؤتمر، وأن المهم ليس عقد المؤتمر بل معرفة أهدافه مسبقًا، وما الذي يستعد لتقديمه الجانب الروسي، وماذا يمكن الاتفاق عليه"، مشيرًا إلى أن "وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تحدث عن وجود نص فرنسي يمثل إضافة إلى جنيف، الذي كان محاولة لتحديد معايير الحل السياسي للتوصل إلى حكومة انتقالية"، معتبرًا أنه "من أجل التوصل إلى ذلك، ينبغي معرفة مدى استعداد الروس للتقدم نحو هذا الحل، وماذا يمكنهم الحصول من الرئيس السوري بشار الأسد".
ورأى المصدر الفرنسي، أنه "لا جدوى في عقد مؤتمر إذا لم يكن هناك توافق على التوصل إلى الحل السياسي أي الاتفاق على المعايير المحددة، وأن فرنسا تؤيد فكرة المؤتمر ولكن ينبغي التوافق على جدول الأعمال، وهذا صعب جدًا لأن الموقف الروسي لم يتغير، وطالما هو على حاله فالأمر صعب"، موضحًا أن "الأميركيين الآن يطالبون الروس بممارسة ضغوط على الأسد، وأنه في غياب هذه الضغوط لن يكون هناك مفاوضات، وأنه ليس هناك من حل سياسي مع بقاء الأسد الذي ينبغي أن يتنحى".
وأعلن سفير الائتلاف الوطني السوري في فرنسا، منذر ماخوص، أن "قرار المشاركة في المؤتمر الدولي لحل الأزمة السورية من صلاحيات الهيئة العامة، وأن الاجتماع الذي سيعقده الائتلاف بدءًا من 23 الجاري، سيحدد الخطوط العريضة بشأن هذا القرار الإستراتيجي"، مضيفًا أن "الهيئة السياسية في الائتلاف أصدرت بيانًا أعربت فيه عن أنها مبدئيًا مع أي محاولات جدية لإيجاد حل للأزمة السورية، وأن مشاركة الائتلاف في المؤتمر الدولي الذي لا يزال غامضًا وغير واضح المعالم، تتوقف في الدرجة الأولى على شرط تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، والقبول بالتفاوض مع ممثلين عن الحكومة ممن لم تتلوث أيديهم بدم الشعب السوري، على أن يتم الاتفاق على مناقشة آليات نقل السلطة، وأن هذه الشروط ليست جديدة وهي مثبتة في وثائق الائتلاف".
وأكد ماخوص في حديث صحافي، أن "الائتلاف يعتبر إيران جزءًا من المشكلة، وليست جزءًا من الحل"، مرجحًا "رفض الائتلاف حضور إيران لهذا المؤتمر في حال قرر المشاركة فيه"، معتبرًا أن كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأخير عن حماية "حزب الله" لمقدسات الشيعة وليس القتال إلى جانب الجيش السوري، يوحي كما لو أننا نسمع أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله، وليس وزير خارجية روسيا"، كاشفًا عن أن اجتماع الائتلاف المقرر في 23 الشهر الجاري، سيتخذ قرارات مفصلية وثمة مشروع لإعادة هيكلة الائتلاف وتوسيع قواعده التمثيلية، لهدف تأمين التوازن السياسي المطلوب، مشيرًا الى أن "الاجتماع سينتخب رئيسًا جديدًا للائتلاف، على أن يتخذ قرارًا بشأن الحكومة الموقتة، وسيتم انتخاب نواب للرئيس والهيئة السياسية أي بإيجاز التجديد لكل مؤسسات للائتلاف".