رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران

دافع رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران عن حكومته الجديدة، معتبرًا إياها جاءت لتجنيب البلاد من أزمة سياسية في ظرفيّة يعرف فيها المحيط الإقليمي مجموعة من التقلبات، ورد عن وزرائه السابقين بمن فيهم وزراء حزب "الاستقلال" المنسحبين من الحكومة، كما أجاب عن اختياراته بخصوص هيكلة وتشكيلة حكومته الجديدة، التي عيّنها العاهل المغربي محمد السادس بشكل رسمي، الخميس الماضي، في القصر الملكي في الرباط، بعد 3 أشهر من المفاوضات مع حزب "التجمع الوطني للأحرار"، كما دافع باستماتة عن بعض اختياراته الاقتصادية كنظام "المقايسة" (ربطها بالسعر العالمي هبوطًا وصعودًا) في أسعار المحروقات، وأكد أنه "في مصلحة الشعب"، واعتبره "خطوة لإصلاح صندوق المقاصّة (موازنة الأسعار)".ولم يُخفِ رئيس الحكومة المغربية وهو يتحدث في برنامج تلفزيوني تم بثّه على القنوات العمومية المغربية، ليلة الأحد/الإثنين أن العاهل المغربي كان له دور في تشكيلة الحكومة الجديدة، مبديًا في الوقت ذات ارتياحه لحصول توافق بين القصر ورئاسة الحكومة في ما يخص التشكيلة الحكومة.وأشار إلى أنه "لا يمكنه أن يرفع لائحة للملك ويردّ عليها"، مؤكدًا أنه لم يرفع لائحة هيكلة حكومته للملك "حتى حصل بشأنها توافق قبلي"، وكشف أن العاهل المغربي قال لأعضاء الحكومة مباشرة بعد تنصيبهم الخميس الماضي، "Au Travail"، أي إلى العمل.
ونفى بنكيران أن يكون محمد السادس قد فرض أيّ وزير عليه لتولِّي أيّ منصب في الحكومة، وأكَّد أنه هو من اقترح جميع الأسماء، وقال: "حاشا لله أن يكون الملك قد فرض علينا اسمًا، وأنا من اقترحت جميع الأسماء، وضمت اللائحة 39 وزيرًا".
وهاجم عبد الإله بنكيران حليفه الحكومي السابق حميد شباط، وحمله مسؤولية فشل حكومته في نسختها الأولى، نافيًا في الوقت ذاته وجود أيّ أزمة حكومية، مؤكدًا أن الأزمة التي وقعت على مدى الأشهر الستة الماضية، "كانت أزمة غالبية ولم تكن أزمة حكومية"، مشددًا أن حكومته الأولى "لم تفشل، وحظيت بعطف المجتمع" على حد تعبيره.
وأعلن أن حميد شباط بدأ في مهاجمته مباشرة بعد تعيينه أمينًا عامًا لحزب "الاستقلال"، نافيًا في ذات الوقت أن يكون قد رد الهجوم بالمثل على شباط، مؤكدًا أن حزب "الاستقلال" هو أقرب حزب لـ "العدالة والتنمية" من حيث المرجعية، وأشار أنه "يحترم حزب (الاستقلال) بشكل كبير"، واعتبر "زعماء (الاستقلال) بمثابة زعماء لـ (العدالة والتنمية)"، وقال "علال الفاسي زعيمنا أيضًا".
وفي ما يتعلق بالرفع من عدد الحقائب الوزارية في حكومته من 31 إلى 39 حقيبة وزارية، رغم أن الحزب كان يقول أثناء الحملة الانتخابية إنه يسعى لتشكيل حكومة من 15 وزيرًا فقط، قال بنكيران، "عندما يكون السياسي في المعارضة تكون له نظرة، وعندما يكون في الغالبية تكون له نظرة أخرى"، مؤكدًا أن رواتب الوزراء لا تكلف الشيء الكثير بالمقارنة مع استقرار البلاد.
وأكد أن حزب "التجمع الوطني للأحرار" طالب في بداية المفاوضات بـ 8 حقائب وزارية، علمًا أن "الاستقلال" المنسحب من الحكومة كان يتوفر على 6 حقائب وزارية فقط، وقال إنه لجأ إلى الرفع من عدد الوزارات لأن "بعض القطاعات ثقيلة، ويقع أن الوزراء يشتغلون في ملفات ولا يعطون الأهمية لقطاعات على حساب قطاعات أخرى"، مما أجبره على تجزئة بعض القطاعات، مؤكدًا أن هذا "اقتراح من طرف مزوار".
وأوضح أن جميع الأحزاب السياسية المشكِّلة للائتلاف الحاكم رُفع من عدد الحقائب الوزارية التي تديرها، إلا حزب "العدالة والتنمية"، حيث تم إضافة حقيبتين لحزب "التجمع الوطني للأحرار" بالمقارنة مع حزب "الاستقلال" المنسحب، ورُفعت حصة "الحركة الشعبية" إلى 6 حقائب وزارية بعدما كان يدير 4، كما تم رفع حصة حزب "التقدم والاشتراكية" إلى 5 حقائب في الوقت الذي كان يُسيّر 4 حقائب وزارية فقط في الحكومة الأولى، مؤكدًا أن "هدفه هو ضمان راحة شركائه".
وبخصوص الجدل الذي راج بشأن وزارة الاقتصاد والمال بعدما راج في وقت سابق أن صلاح الدين مزوار هو من سيتمّ تعيينه على رأس الوزارة، قبل أن يتم تعيينه وزيرًا للخارجية عكس التوقعات، أعلن بنكيران: "بالفعل صلاح الدين مزوار كان مرشحًا للمالية قبل أن يتم التراجع عن القرار"، مؤكدًا أن "المفاوضات ليست مباراة في كرة القدم، بل الأهم هو أن يكون الطبق الذي يقدم للمغاربة جيدًا، وهو ما حصل مع الحكومة".
وبخصوص تأخر مفاوضاته مع مزوار أوضح بنكيران أن "الأهم بالنسبة إلى المواطنين هو النتيجة"، لافتًا إلى أن علاقة حزبي "العدالة والتنمية" و "التجمع الوطني للأحرار" شابها في بعض اللحظات مدّ وجزر، خصوصًا أثناء حملة الانتخابات التشريعية، ولذلك يقول بنكيران "احتجنا للتواصل"، وأكد أن "فترة المشاورات مع مزوار كانت مناسبة للتواصل".
وبخصوص تعيين رجل الأعمال حفيظ العلمي وزيرًا للتجارة والصناعة، أكد أن "تعيينه اعتراف بدور رجال الأعمال"، نافيًا في الوقت ذاته أن يكون العلمي محسوبًا على حزب "الأحرار"، كما دافع على الوزراء التكنوقراط في حكومته الجديدة.
وأشاد بنكيران بوزيره محمد الوفا، ودافع عنه بشدة، بعدما رفض الاستجابة لزعيمه في حزب "الاستقلال" حميد شباط ورفض الانسحاب من الحكومة، وأكد أن "الوفا كان مرشحًا بقوة للبقاء في وزارة التربية، قبل أن يتمّ تعيينه في الوزارة المنتدبة المكلف بالحكامة"، وأعلن أن "الوفا يتمتع بقدرات خارقة، في الاقتصاد والقانون والسياسة".
وبخصوص تنازل وزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني عن منصبه أعلن بنكيران أن "مغادرة العثماني للخارجية مسألة مؤلمة بالنسبة (للعدالة والتنمية)"، معتبرا إياه "من بين رموز الحزب"، وأكد أن تنازله عن الخارجية جاء من أجل مصلحة الوطن، مشيرًا إلى أن ما قام به العثماني "درس للجميع"، موضحًا أن "هناك رجالاً يقدرون مصالح البلاد على المصالح الشخصية".