الطيب العقيلي عضو اللجنة الوطنية للكشف عن حقيقة اغتيال بلعيد والبراهمي

اتهم عضو هيئة كشف حقيقة اغتيال المعارضيْن شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، المحامي الطيب العقيلي، الأربعاء، "قيادات في وزارة الداخلية التونسية بالتورط في اغتيال البراهمي وبلعيد"، مشيرًا إلى أن "الداخلية كانت قادرة على التصدي للعمليتين، لولا تقصير عناصرها". كما اتهم العقيلي، "قائد الجناح العسكري للثورة الليبية، وزعيم الجماعات الإسلامية المسلحة، عبدالحكيم بلحاج، بالتورط في الأعمال الإرهابية، والاغتيالات السياسية في تونس"، لافتًا إلى أن "السلطة الأمنية تتفادى ذكر اسمه نظرًا إلى علاقته الوطيدة مع زعماء حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم.
وقد رفضت حركة "النهضة" اتهامها بـ"التواطؤ مع الإرهاب"، منددةً بـ"محاولات تشويهها"، بينما قررت وزارة الداخلية، "إحالة 4 من كوادرها إلى التحقيق القضائي مدنيًّا وعسكريًّا بتهمة تسريب وثائق أمنية"، مؤكدة أن "الوثائق التي كشفها المحامي مزورة". وأكد المحامي الطيب العقيلي، خلال ندوة صحافية، عقدها الأربعاء، في العاصمة التونسية، "أن المدير العام السابق للأمن إلى جانب كلٍّ من: مدير إقليم قرطاج، ورئيس إقليم أمن مدينة أريانة، متورطون في اغتيال شكرى بلعيد".
واعتبر المحامي الطيب عقيلي، أن "تصريحات مسؤولي وزارة الداخلية بشأن اغتيال الأمين العام لحزب "الوطنيين الديمقراطيين"، شكري بلعيد،  حملت الكثير من المغالطات، وتكتمت على الكثير من الحقائق؛ لتضليل  للرأي العام"، مؤكدًا أن "وزارة الداخلية كان بإمكانها إحباط عمليتي اغتيال شكري بلعيد في 6 شباط/فبراير الماضي، ومحمد البراهمي في 25 تموز/يوليو الماضي، لولا تقصير عناصرها وتواطؤ البعض منهم"، على حد قوله.
وقال العقيلي، أن "موظفة في فرع بنكي في منطقة المنزه 6، اتصلت بمركز الأمن في أريانة في 23 كانون الثاني/يناير الماضي، أي قبل 9 أيام من اغتيال شكري بلعيد؛ لتعلمهم بوجود تحركات مريبة لشابين يركبان سيارة من نوع "بولو"، الحاملة للترقيم المنجمي "1488تونس 98".
وأضاف أنه "رئيس المنطقة قام بالكشف عن صاحبها؛ فتبين أنها ملك أحد المتهمين، الذين ذكرتهم وزارة الداخلية في قضية اغتيال شكري بلعيد، وهو المدعو، مروان الحاج صالح، وهو سلفي جهادي".
كما تحدث عقيلي، عن "الخلل الأمني، ومسؤولية مدير إقليم الأمن في أريانة، محمد اللجمي، والذي تولى تركيز رقابة أمنية على فرع البنك المذكور، إلا أنهم لم يتفطنوا إلى تحركات مريبة بشأن منزل المعارض شكري بلعيد".
وكشف العقيلي، أن "وحدة أمنية تابعة إلى منطقة أريانة حاصرت، مساء يوم اغتيال شكري بلعيد، المشتبه به، مروان بالحاج صالح، داخل محل صائغي في منطقة 5 ديسمبر في مدينة الكرم الغربي؛ بنية القبض عليه، إلا أنها تلقت معلومات من القيادة بالانسحاب، وترك المجال للشرطة العدلية المكلفة بالقضية، والتي لم تتحرك في ما بعد، ولم تعتقل المتهم"، على حد قوله.
وأشار العقيلي إلى أن " وثائقًا رسمية، وتسجيلات صور، تؤكد ارتباط تنظيم "أنصار الشريعة"، والجهة المنفذة لعمليات الاغتيال في حق المعارضيْن شكري بلعيد، والبراهمي بالجماعة الليبية المقاتلة، التي يتزعمها عبدالحكيم بالحاج".
كما أكد الطيب العقيلي، أن "وزارة الداخلية قد تعمدت عدم ذكر الجماعة الإسلامية الليبية، والتي تقوم بتدريب أنصار الشريعة على استعمال السلاح؛ لإخفاء الحقيقة، وعدم كشف تورط حزب سياسي".
وشدد  العقيلي على أن " قائد الجناح العسكري للثورة الليبية في طرابلس، عبدالحكيم بالحاج، قد دخل خِلسة إلى تونس للتخطيط  لعلميات إرهابية بمساعدة القيادي في حركة "النهضة" في الجنوب الشرقي، صالح البشيني"، مضيفًا أنه "على اتصال دائم وفي علاقة وطيدة بقيادات من حركة "النهضة"، والتي استقبلته كضيف في مؤتمرها العام  التاسع، بالإضافة إلى لقائه بأبرز قادة الحزب الإسلامي الحاكم في تونس، وعلى رأسهم راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة السابق، حمادى الجبالى، ووزير العدل الأسبق، نورالدين البحيري".
وقال المحامي الطيب العقيلي، أن "قيادات حركة النهضة، قد حافظت على تواصلها مع عبدالحكيم بالحاج، رغم إقرار وزارة الداخلية بتحضير هذا الأخير؛ لشن عمليات إرهابية في تونس".
وأبرز العقيلي، أن "العلاقات وثيقة ومتينة بين بالحاج، وزعيم تيار أنصار الشريعة المحظور، أبوعياض، اللذين شاركا معًا في حرب أفغانستان؛ ضمن تنظيم "القاعدة" من جهة، وبلحاج، وحركة "النهضة" الإسلامية من جهة ثانية".
يذكر أن عبدالحكيم بلحاج، هو مؤسس وأمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وقد كان معتقلًا في السجون الليبية، إلى أن تمتع بعفو في العام 2009، بعد إعلان هدنة مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي، لكنه قضى قبل ذلك سنوات في سجن غوانتانامو، كما تتهمه السلطات الإسبانية بالضلوع في تفجيرات مدريد في العام 2004".
وفور إنهاء الندوة الصحافية، غادر المحامي الطيب العقيلي المكان، وسط حراسة أمنية مشددة، بعد أن كان قد أعلن أنه "مهدد بالقتل".
من جانبها، أصدرت وزارة الداخلية التونسية، بيانًا مساء الأربعاء، أكدت فيه أن "التواريخ المتضمنة على الوثائق، والتي عرضت خلال الندوة الصحافية، "هي تواريخ مزورة، ومخالفة للواقع، وسيتم تقديم الإشعارات الحقيقية والصحيحة إلى حاكم التحقيق المتعهد بالقضية".
وأوضحت الوزارة، أن "السيارة المشبوهة التي تحدث عنها المحامي، والتي انتبهت لها موظفة في أحد البنوك، لم يتم استعمالها في عملية اغتيال المعارض شكري بلعيد".
وكشفت الوزارة، أنها "اتخذت قرارًا بإحالة 2 من قياداتها، و2 آخرين من رجال الأمن، إلى  التحقيق بتهمة تسريب وثائق أمنية وإدارية، وذلك بالتنسيق مع القضاء المدني والعسكري".
وشددت الداخلية التونسية، على أنها "ستتخذ الإجراءات الإدارية الخاصة بسوء التعامل مع الوثيقة الإدارية المتعلقة باغتيال المعارض محمد البراهمي،  في حق كل مقصر، وذلك خلال الأيام القليلة المقبلة".
وقد أثارت الندوة الصحافية، التي عقدها المحامي الطيب العقيلي، ردت فعل كبيرة في الرأي العام السياسي والشعبي التونسي، حيث أكدت مصادر أن حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، قد دخل في اجتماع مغلق لأبرز قياداته بعد الاتهامات الموجهة له بالارتباط بعناصر إرهابية.
وقالت النهضة، في بيان لها، مساء الأربعاء، أن "الاتهامات الكاذبة التي وجهها المحامي الطيب العقلي؛ تهدف إلى محاولة إفساد مساعي الحوار الوطني بعد الاقتراب من انعقاد جلسته الأولى،  وهو ما اعتبرته انعكاسًا؛ لرفض المعارضة للحوار والتوافق بشأن مبادرة رباعي المجتمع المدني".
وأكد الحزب الإسلامي الحاكم في تونس، "إن ما ورد من تهم وتصريحات هي ادعاءات باطلة، لا تنطلي على أحد، وتهدف لتشويه حركة "النهضة"، وتبرير عودة دعوات التصعيد والصدام بعد أن فشلت خلال الأسابيع الماضية".
ويخشى مراقبون، عودة الحوار إلى النقطة الصفر، وفشل مساعي حل الأزمة، التي تعصف بالبلاد، منذ اغتيال المعارض محمد البراهمي، لاسيما بعد ردود الأفعال وردت الفعل التي أحدثتها الندوة الصحفية لهيئة الدفاع في قضية اغتيال بلعيد والبراهمي، والتي تنذر برفع منسوب الاحتقان، وبمستقبل مزدحم بالقضايا والاتهامات، مع مواصلة مسلسل العنف والتخوين المتبادل بين المعارضة وحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، والتي دفع ثمنها الشعب التونسي، باهظًا من استقراره، وأمنه، واقتصاده".