عناصر تابعة للجيش السوري الحر

تغيب الأرقام الحقيقية والدقيقة لعدد النازحين والمهجرين في الداخل السوري، كما يصعب تحديد أماكن تواجدهم لصعوبة التواصل، وتعتبر مدينة حمص من أبرز المحافظات التي شهدت نزوحاً كبيراً شكّل نحو 70% من السكان بحسب ناشطين من داخل المدينة المنكوبة.فبعد تعرض حمص للتدمير والتهجير نتيجة المعارك والقصف المتواصل لقوات الحكومة، أصبح أهلها تحت وطأة التشرد والنزوح، وهي الآن مقسمة إلى ثلاث مناطق أساسية، وتعتبر المناطق المحاصرة التي كانت مهداً للمظاهرات السلمية المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الأقل نسبة في عدد بالسكان بعد نزوح جماعي كبير هرباً من القصف الهمجي من قبل قوات النظام، كأحياء بابا عمرو والخالدية والقرابيص وباب هود، وبقية أحياء "المؤيدين" وهي منطقة محمية من قبل الحكومة وتقطنها الطائفة العلوية الموالية.وثمة أحياء "آمنة" نزح إليها سكان الأحياء المحاصرة ، هي أحياء الغوطة والحمرا والميدان وحي الوعر وكرم الشامي والادخار والشماس والمحطة والإنشاءات والدبلان الذي حدثت فيها مجزرة مدرسة "الأندلس".وهذه الأحياء استقبلت النازحين من داخل حمص وهي كلها تحت سيطرة النظام ومقطعة الأوصال بالحواجز المنتشرة في شوارعها ومداخل حاراتها، فحي الإنشاءات، مغلقٌ بحواجز إسمنتية ولا يمكن الدخول إليه إلا من مدخلين تتواجد فيهما حواجز قوات النظام الذين يقومون بتفتيش المارة والداخلين للحي عبر تفتيش دقيق، وخاصة النازحين منهم، ويمارسون حالات اعتقال في كثير من الأحيان، ويعتبر الدخول إليه مخاطرة كبيرة، كما يوجد فيه فرع أمن الدولة وتنتشر فيه عناصر الأمن بشكل كبير، نظراً الى قربه من حي بابا عمرو المدمر بشكل كامل انتقاما من أهله الذين كانوا أول المشاركين بالمظاهرات السلمية منذ باكورة الثورة السورية.
أما حي المحطة فهو حي تقطنه غالبية مسيحية، والنظام حاول تحييد هذا الحي عن الثورة السورية حتى لا يخسر ولاء سكانه، أو بالمعنى الأكثر دقة يضمن عدم انحيازهم للثورة ضد النظام، فيما يعتبر حي الوعر الأكبر والذي يؤوي نازحين يتجاوز عددهم 500 ألف نازح من الأحياء المحاصرة، ولا يفصله عن الأحياء المحاصرة سوى بساتين حمص التي يتقاسم الجيشين الحر والنظامي السيطرة عليها، ويتحكم النظام بالمساعدات الغذائية والطبية التي تقدم للنازحين من المنظمات الدولية، وهو مغلق بجميع مداخله، فطريق "الغاردينيا" وطريق "خالد بن الوليد" تم إغلاقمها، أما طريق المزرعة وطريق التحويلة (مصياف) فيقوم النظام بإغلاقهما وفتحهما حسب مزاجه مما يشكل ضغطاً كبيراً على سكان الحي عامة والنازحين خاصة.
ولا يخلو حي كرم الشامي والميدان الذي يتواجد به مبنى الأمن العسكري والمتاخمة للأحياء المحاصرة من أحداث خطف وقتل للنازحين من قبل الشبيحة، كحادثة خطف سبع أشخاص من قبل الشبيحة وقتلهم في حي كرم الشامي، أو انفجار لسيارات مفخخة كما حدث في حي الحمرا وأودت بحياة 23 مدنياً وجرح العشرات بينهم أطفال، ولا ننسى المجزرة التي أودت بحياة 50 شخص في حي الشماس المواجه لحي عكرمة ووادي الذهب المواليين للنظام.
وتسيطر قوات الحكومة على حي "الغوطة" وفيه مبنى أمن الدولة، أما حي "الدبلان" فالحياة فيه لا تنعم بالصخب والحركة والازدحام كما كان سابقاً، نظرا لقربه من مركز المدينة الذي يعتبر خزاناً لقوى النظام والشبيحة، والذين يقومون بالاعتقالات والخطف لقربه من حي جورة الشياح المحاصر، وفي هذا الحي الهادئ نسبيا والواقع تحت سيطرة النظام باستثناء نزول القذائف التي تسقط بين الفينة والأخرى كحال بقية أحياء حمص التي تسمى آمنة، يوجد فيه مدرسة التمريض والأندلس اللتان أصبحتا من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان لارتفاع عدد النازحين المقيمين فيها (أكثر من 250 عائلة) أي أكثر من ألف شخص بين طفل وامرأة وشيخ مسن، لجؤوا إلى المدارس بعد تهديم منازلهم وأحلامهم)، ويتابعون حياتهم في ظروف معيشية قاسية للغاية.
تواجه مدينة حمص مشكلات النزوح المستمرة، ومعظم سكان الأحياء المؤيدة للثورة السورية قد نزحوا إلى أحياء مجاورة لأحيائهم المدمرة بفعل قصف قوات الحكومة، أو لجأوا إلى لبنان وقليل منهم لجأ إلى الأردن وتركيا، ويسيطر النظام على معظم أحيائها باستثناء المدينة القديمة التي مازالت تقاوم صواريخ النظام وقذائف مدفعيته يومياً وتهدم أكثر من نصف بيوتها بشكل كامل.
وفي ظل هذا الوضع كان الجيش الحر قد أطلق في ريف حماة الشمالي معركة أطلق عليها اسم "قادمون" نسبة إلى حمص المدينة لفك الحصار عنها، وفي الأيام القليلة الماضية نجحت الكتائب المشاركة بالسيطرة على عدة قرى وقتل عشرات من جنود الحكومة.
بعد المحاولات المتكررة لفك الحصار عن محافظة حمص والتي بائت جميعها بالفشل وذلك بسب تشبث الحكومة بها، وبعد إحباط عملية الجسد الواحد في الوصول لها يقول أبو منذر من المكتب الإعلامي لكتائب الفاروق المشاركة في المعركة لأحد مواقع المعارضة: "ما كان من إخواننا (كتائب الفاروق الإسلامية – فاروق سوريا – لواء التوحيد – هيئة حماية المدنيين – ألوية الفاتح) إلا أن يستجمعوا قواهم ويوحدوا صفوفهم ويعدوا العدة ليخلصوا حمص عاصمة الثورة السورية من براثن هذا النظام الباغي الذي قام بدوره بتضيق الخناق على إخواننا في حمص المحاصرة بعد ان استطاع اقتحام حي الخالدية في حمص المحاصرة وتدنيس مسجد سيدنا خالد ابن الوليد رضي الله عنه", وأضاف "الهدف من معركة قادمون في بداية الأمر هو تحرير مدينة حمص بالكامل كما ذكرت بينما انتشرت المعركة في عدة مناطق من سوريا شملت منها الساحل السوري حيث قامت الكتائب العاملة في الساحل بإطلاق عملية جديدة سميت سمية "أبطال الساحل قادمون".
حققت الكتائب المشاركة في المعركة انتصارات عديدة أهمها السيطرة على 22 قرية، وعدد من الحواجز واغتنام أسلحة وقتل العشرات من جنودالحكومة، يلخصها أبو منذر "كانت شارة البداية في ناحية عقيربات حيث تم تحريرها إضافة إلى القرى التالية: سوحا، عكش، رسم العبد، خطملو، النعيمية، الخضيرة، رسم العوابد، أم ميل، الحردانة، سلاَم، قهوجي، حمادي عمر، رسم الضبع، مكيمن الشمالي، مكيمن الجنوبي، مسعدة، مسعود، أبو حنايا، أبو حبيلات، قليب الثور، الخريجة والسعن، كما تم السيطرة على عدد كبير من الحواجز العسكرية لقوات الحكومة، واغتنام عدد من المدرعات والأسلحة المتوسطة والفردية، وقتل عدد كبير من الجنود، ونبين أن معركة القادمون منتشرة بمواقعها على معظم الأراضي السورية في الجبهة الشمالية والجبهة الساحلية وجبهة حمص هدفها القضاء على قوات الحكومة ونصرة أهلنا في حمص عاصمة الثورة".
وعن خطط الكتائب المشاركة في الأياد القادمة وتصوراتهم للمعركة إلى حد الآن يقول أبو منذر "بعد تحرير اثنين وعشرين قرية كان لابد للكتائب كافة أن تلتقط أنفاسها وتعيد ترتيب صفوفها وتعيد رسم خطتها، حيث أن المعركة اتجهت لنطاق أوسع واتسعت محاورها، وكان لابد ان ننتظر بعض الفصائل كي تعمل على محاورها وإشغال النظام لاقتحام كتيبة المدفعية في قرية بري, والتي تعتبر من أعنف الترسانات العسكرية في ريف حماه، كما قامت كتائب الفاروق الإسلامية بعمليتين استشهاديتين كان لهما وقع كبير في الريف الشرقي لحمص حيث قامت بتفجير حاجز الجوية وحاجز المخابرات العسكرية, وبحمد من الله ومنّه أدت هذه العملية إلى مقتل 160 من شبيحة النظام ومرتزقته وتدمير آليتين عسكريتين، حيث أن هذان الحاجزان يعتبران العقل المفكر للحواجز في المنطقة. وحتى اللحظة فان معركة قادمون مستمرة ولن تتوقف حتى تحقق أهدافها كاملة، ونتوعد النظام في الأيام القليلة القادمة بعمليات على نطاق واسع سوف يسمع صداها في القصر الجمهوري والبيت الأبيض".
من جانبه قال سامي الحموي عضو المكتب الإعلامي لمجلس قيادة الثورة عن معركة قادمون "تختلف المعركة عن سابقتها بأن هذه المعركة جاءت ضمن ظروف ملائمة أكثر، فغرفة عمليات كبيرة وذات فاعلية وتكتيك عسكري يستحق الاحترام, كما أن الفصائل المشاركة ذات سمعة قتالية عالية كالجبهة الإسلامية متمثلة بكتائب الفاروق الإسلامية وهيئة حماية المدنيين وكذلك لواء التوحيد ذو السمعة االعسكرية الطيبة" وأضاف "الآن ومع دخول المعركة شهرها الثاني محافظة على نفس الزخم منذ بدايتها وحتى الآن نستطيع أن نقول أنها معركة ناجحة بامتياز, وتقدير كبير لجميع المشاركين فيها".
وختم حديثه "إذاً وبعد الانتهاء من معركة الجسد الواحد التي لم تؤتِ ثمارها نستطيع أن نقول أن الثوار اليوم باتوا أكثر قدرة على التعامل مع آلة النظام وتلافوا الأخطاء الماضية ويقتربون رويداً رويداً من تحقيق أهداف معركتهم".