دمشق - جورج الشامي
اعتبر الرئيس السوري بشار الاسد ان "الاتهامات الغربية الموجهة الى نظامه بشن هجوم باسلحة كيماوية في ريف دمشق، تخالف العقل والمنطق"، محذراً "الولايات المتحدة بان خططها لشن عمل عسكري في سورية ستصطدم بالفشل".
وقال الأسد في مقابلة حصرية مع جريدة "ايزفستيا" الروسية، أن "الأمن السوري يتعامل اليوم مع مجموعات فردية، ومع جيوش إرهابية كونها أولاً تتبع الأيديولوجيا الراديكالية نفسها، أمثال الظواهري، وثانياً لأنهم يحصلون على المال من المصادر نفسها".
وحول موضوع الربط ما بين سورية وإسرائيل، رأى الأسد أن "العلاقة تتوضح أكثر امام الرأي العام ما بين "الإرهابيين" والدولة الإسرائيلية، من خلال استقبال جرحاهم"،
موضحاً انه "اذا كانت تلك المجموعات الإرهابية تكره إسرائيل فعلاً، فلماذا تلجأ إلى مستشفياتها، ولماذا يحاربون الدولة في كل من مصر وسورية بدل من أن تفتح عملياتها ضد إسرائيل؟ ودعنا لا ننسى أن من أسس هذه المجموعات هي الولايات المتحدة الاميركية في بادئ الأمر".
وتوجه الرئيس الأسد إلى رؤساء دول العالم، مشيراً إلى أنه "كان يجدر بهم التعلم من دروس الـ50 سنة الماضية للتنبه من أن الحروب كافة، منذ حرب فيتنام، فشلت حتى الآن، وأن تلك الحروب لا تجلب سوى الفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم." وأضاف الأسد: "أود أن أوضح أن الإرهاب ليس ورقة رابحة في الجيب يمكن استخدامها متى تشاء، ثم وضعها جانباً مرة أخرى. ولذلك، فإنه لا يمكن أن يكون المرء مع الإرهاب في سورية، وضده في مالي. لا يمكنك دعم الإرهاب في الشيشان وشن حرب ضده في أفغانستان".
وشدد الأسد قائلاً: "لن تتحول سورية إلى دمية في يد الغرب، نحن دولة مستقلة، وسنحارب الإرهاب، وسوف نبني بحرية العلاقات مع تلك البلدان التي نرغب بها من أجل الشعب السوري".
اما بشأن استعمال السلاح الكيماوي، فرأى الأسد أن "التصريحات الغربية بهذا الشأن هي إهانة للحس السليم"، واصفاً الكلام الغربي بـ"الهراء".
وطرح الأسد مجموعة من الأسئلة في هذا الشأن، فسأل "كيف يعتزمون جمع الأدلة وبيننا مسافة قارات وليس فقط دول؟"، كما تساءل الأسد "اتهمنا بالكيماوي وبعد يومين فقط أعلنت الحكومة الأميركية بداية جمع الأدلة؟"، ورداً على الاتهامات باستخدام الكيماوي، سأل الأسد "كيف يمكن للحكومة استخدام الكيماوي أو أي من أسلحة الدمار الشامل الأخرى في مكان حيث تتركز قواتها؟"
وأعاد الأسد التأكيد أنه هو" أول من طالب بلجنة دولية للتحقيق في جرائم الحرب في سورية"، لافتاً إلى أن "روسيا لن تسمح بمرور تفسير للوثائق على وتر المصالح السياسات الأميركية والغربية".
وفي موضوع التدخل العسكري، لفت الأسد إلى أنها" ليست المرة الأولى التي يلوح الغرب بالتدخل، واليوم حاولوا إقناع روسيا والصين في مجلس الأمن ولكنهم فشلوا، إن الوضع هنا يختلف عن الوضع في مصر وتونس، فسيناريو الثورة العربية لم يعد مقنعاً".
وأشار الأسد إلى أن "العقبة الاخرى التي تقف أمام التدخل العسكري هو أنه في حال حصوله، يمكن لقادة الغرب القول نحن نذهب إلى سورية من أجل دعم الإرهاب."
وأضاف الأسد: "يمكن للقوى العظمى أن تطلق العنان للحرب، ولكن هل يمكنها الفوز؟".
وفي سياق آخر، لفت الرئيس السوري أنه من الممكن أن يزورموسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الفترة المقبلة من أن اجل بذل كل جهد ممكن لحل الأزمة السورية، مؤكداً أن "هدف الولايات المتحدة هو تقليص دور روسيا في الساحة الدولية"، مؤكدا ان هدف روسيا اليوم "ليس حماية الرئيس أو حكومة بشار الأسد، فالشعب السوري يمكن أن يتختار أي رئيس وأي حكومة، من أجل الدفاع عن مصالحه في المنطقة".
وعن الأسلحة الروسية ومنها عقد صواريخ S-300، اعتبر ان جميع العقود المبرمة مع روسيا تنفذ، ولا الأزمة ولا ضغوط الولايات المتحدة وأوروبا قادرة على منع تنفيذها:"روسيا تزود سورية بما هو مطلوب لحمايتها، وحماية شعبها".
اما عن مؤتمر جنيف 2، فتوقع الأسد "فشل مساعي الحوار بشأن الإتجاه السياسي حتى يتوقف دعم الإرهاب في الخارج."
هذا وكانت الإدارة الأميركية اكدت أن "موافقة سورية على دخول المفتشين موقع الهجوم الكيميائي جاءت متأخرة، وأنها تكاد تجزم الآن بأن الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيميائية ضد مدنيين". أما بريطانيا فقالت من جهتها إن "الادلة على هجوم بالأسلحة الكيماوية في ضواحي دمشق، قد تكون دمرت بالفعل قبل زيارة مفتشي الامم المتحدة للموقع".
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن الولايات المتحدة تكاد تجزم الآن بأن الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيميائية ضد مدنيين الأسبوع الماضي، وإن أي قرار بفتح موقع الهجوم امام مفتشي الامم المتحدة "جاء متأخرًا".
وقال المسؤول "استنادًا الى عدد الضحايا المذكور والأعراض الواردة عمن قتلوا أو أصيبوا وروايات الشهود وحقائق أخرى جمعتها مصادر عامة وأجهزة المخابرات الأميركية وشركاؤها الدوليون، فما من شك يذكر في هذه المرحلة في أن النظام السوري استخدم سلاحًا كيماويًا ضد مدنيين في هذه الواقعة".
وأوضح المسؤول أن "موافقة الحكومة السورية على زيارة مفتشي الامم المتحدة لموقع الهجوم ليست ملائمة".
وقال : "في هذه المرحلة سيعتبر أي قرار متأخر للنظام بالسماح لفريق الأمم المتحدة بالدخول جاء متأخرًا جدًا بدرجة لا تسمح باعتبار أن له مصداقية، ويشمل ذلك أن الادلة المتاحة افسدت بشكل كبير كنتيجة لقصف النظام المستمر وغير ذلك من الاعمال العمدية على مدار الأيام الخمسة الماضية."
وقالت وزارة الخارجية السورية إنها وافقت على السماح لمفتشي الامم المتحدة بالدخول إلى مواقع في ضواحي دمشق حيث وقعت هجمات مزعومة بالأسلحة الكيماوية قبل ايام.
وقال المسؤول ان "الحكومة الاميركية اطلعت على تقارير عن أن سورية ستسمح للفريق بالدخول إلى موقع الهجمات الاثنين"، لكنه قال ان "الحكومة لو لم يكن لديها ما تخفيه لسمحت للمفتشين بالدخول منذ خمسة ايام".
واضاف: ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يقيم في الوقت الحالي كيفية الرد على هذه الواقعة. وقال "نحن نواصل تقييم الحقائق حتى يتمكن الرئيس من اتخاذ قرار على اساس من المعرفة بشأن كيفية الرد على هذا الاستخدام العشوائي للاسلحة الكيماوية."
ودعا مشرعون اميركيون كبار إلى قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري محدود رداً على الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيماوية
من جهتها قالت بريطانيا إن" الادلة على هجوم بالأسلحة الكيماوية في ضواحي دمشق قد تكون دمرت بالفعل قبل زيارة مفتشي الامم المتحدة للموقع". وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ للصحافيين "يجب أن نكون واقعيين الآن بشأن ما يمكن لفريق الامم المتحدة تحقيقه". واضاف مشيرًا الى تقارير لنشطاء المعارضة عن أن الجيش قصف المنطقة في الأيام القليلة الماضية "الحقيقة أن كثيرًا من الأدلة ربما يكون دمره ذلك القصف المدفعي، وقد تكون أدلة أخرى تلاشت على مدى الايام القليلة الماضية، وأدلة أخرى ربما يكون تم التلاعب بها".