رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور يؤدي اليمين الدستورية

عزل ضباط الجيش المصري أول رئيس مدني منتخب بشكل ديمقراطي، الدكتور محمد مرسي، الأربعاء، وتم تعليق الدستور، ووضع حكومة مؤقتة برئاسة قاضٍ كبير.وحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فقد اشتعلت الأجواء في ميدان التحرير، حيث كان يتجمع عشرات الآلاف من المعارضين للحكومة كل ليلة، منذ الأحد، للمطالبة برحيل مرسي، وأطلقوا الألعاب النارية تعبيرًا عن فرحهم بأخبار الاطاحة بالرئيس  المخلوع. وذكرت الصحيفة أنه في مربع بالقرب من القصر الرئاسي حيث تجمع أنصار مرسي من الإسلاميين، انهمرت دموع الرجال في البكاء، وتعهدوا بالبقاء حتى يتم إعادته أو تفريقهم بالقوة، وردد المتظاهرون: "إن الكلاب فعلوا انقلابًا ضدنا"، وأعلن متحدث باسمهم "الموت في سبيل الله أسمى من أي شيء". ورفض مرسي إجراءات الجنرالات واعتبر أنها "انقلاب عسكري كامل الأركان". وانتشرت العربات العسكرية وجنود مكافحة الشغب وحاصرت الحشد في الساعات التي سبقت عملية الاستيلاء على السلطة، وتصاعدت التوترات خلال الليل، وفي غضون ساعات لقى سبعة أشخاص على الأقل حتفهم، وأصيب أكثر من 300 في اشتباكات في 17 مقاطعة (محافظة) بين أنصار مرسي وإما المعارضين المدنيين أو قوات الأمن. وقالت الصحيفة: إنه مع حلول نهاية الليل كان مرسي قد وضع في الحجز العسكري، ومنع من كل الاتصالات، وقال واحد من مستشاريه: إن العديد من كبار مساعديه وضعوا تحت الإقامة الجبرية. وأكد مسؤولون أمنيون أن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على 38 على الأقل من كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك رئيس الحزب السياسي للجماعة الدكتور محمد سعد الكتاتني، والبعض الآخر يجري البحث عنهم، ولم تقدم أية أسباب فورية للاعتقالات. وبالنسبة إلى مرسي، كانت نهاية مريرة ومخزية لعام صاخب من صدمات المعارك السياسية، التي جعلت الملايين من المصريين يشعرون بالغربة في نهاية المطاف، بعد أن حقق فوزًا ضيقًا. ويقول منتقدوه "إن خلف وعوده في تشكيل حكومة شاملة، والتجريح مرارًا في المعارضه، ووصفهم بأنهم خونة، مع ازدياد المشاكل الاقتصادية ونقص الكهرباء والوقود، عجل بِشَنِّ الشعب موجة الغضب على الحكومة". وأقام الجنرالات تحركاتهم للتدخل في الوضع الساخن بسلسلة مدبرة بعناية من المناورات، واصفين أفعالهم جهدًا للوصول "لمصالحة وطنية"، ورفضهم وصف هذه الدعوة بالانقلاب. وفي مؤتمر صحافي بثه التليفزيون في وقت متأخر ليلة الأربعاء، قال الفريق أول عبد الفتاح السيسي "إن الجيش ليس لديه مصلحة في السياسة، وتم طرد مرسي لأنه فشل في الوفاء بالتوصل "لتوافق وطني". وقف الفريق السيسي أمام منصة واسعة، ويحيط به كبار رجال الدين المسلمون والمسيحيون في مصر، وكذلك عدد من القادة السياسيين بينهم الدبلوماسي الحائز على جائزة نوبل ورمز الليبرالية محمد البرادعي، والمحافظ المتشدد والإسلامي البارز في "الدعوة السلفية" جلال مرة، وجميعهم أيدوا العزل. وعلى الرغم من احتجاجاتهم أعادت هذه الخطوة الجنرالات مرة أخرى إلى مركز السلطة السياسية للمرة الثانية في أقل من ثلاث سنوات، في أعقاب إطاحتهم بالرئيس السابق حسني مبارك في العام 2011. وتهدد عودتهم الجهود المستقبلية على الوفاء بوعود الثورة في تحقيق دولة ديمقراطية مدنية. لكن الفريق سيسي سعى لتقديم صورة مختلفة جدًا للمجهول، بلاغات مرقمة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتلى رسميًا على التلفزيون الرسمي إعلان خروج مبارك، فقد أكد السيسي أن الجيش ليس لديه رغبة في الحكم. وفي البداية قال السيسي "قالت القوات المسلحة منذ البداية إنها لا تطمع في السلطة وإنها لا تزال، وسوف تظل بعيدًا عن السياسة". وبموجب خطة "خارطة الطريق" لحكومة ما بعد مرسي، التي وضعت في اجتماع القادة المدنيين والسياسية والدينية، قال الجنرال "سيتم تعليق الدستور، وسيصبح رئيس المحكمة الدستورية العليا، عدلي منصور رئيسا مؤقتًا، وهناك خطط لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة في ظل حكومة مؤقّتة". وفي البيت الأبيض، حث الرئيس الأميركي أوباما الجيش على التحرك بسرعة للعودة بمصر إلى حكومة منتخبة ديمقراطيًا، قائلاً: "إننا نشعر بقلق عميق بسبب قرار من القوات المسلحة المصرية لعزل الرئيس مرسي وتعليق الدستور المصري"، ولم يشير أوباما إلى أن استيلاء الجيش هو انقلاب - وهي العبارة التي سيكون لها آثار على 1.3 مليار دولار سنويًا من المساعدات العسكرية الأميركية لمصر. ومع ذلك، لم يكن هناك خطأ التهديد باستخدام القوة ودلائل على وجود حملة، فقد طافت المركبات العسكرية المصفحة عبر شوارع العاصمة، حاصرت القصر الرئاسي وطوقت حشود الإسلاميين. ومنعت أجهزة الاستخبارات سفر مرسي وغيره من قيادات "الإخوان". وتم منع بث القنوات التليفزيونية الفضائية الخاصة بجماعة "الإخوان المسلمين"، بالإضافة إلى اثنتين من القنوات الإسلامية الأخرى ذات الشعبية في صفوف الإسلاميين. وقال مسؤولو أمن "إن الشرطة اعتقلت اثنين من مضيفي البرامج الإسلامية، والعديد من الآخرين الذين يعملون في تلك القنوات، فضلاً عن الناس الذين عملوا في إحدى قنوات شبكة الجزيرة الفضائية، والذين يعتبرون متعاطفين مع مرسي"، ولا يزال التلفزيون الحكومي يستنكر "الإخوان"، كما فعل قبل ذلك مع مبارك. وبعد لحظات من بيان السيسي، مساء الأربعاء، نشر مرسي شريط فيديو قصيرًا على موقع ويب رئاسي لإلقاء بيان ناري يستنكر طرده. وأعلن "أنا رئيس منتخب لمصر، وأنا مستعد للجلوس مع الجميع والتفاوض مع الجميع"، وقرر قائلاً "الثورة تُسرق منّا". وبعد ذلك بدقائق ، تم إغلاق موقع الإنترنت، واختفى الفيديو، وأرسل مرسي للصحافيين عبر البريد الإلكتروني بيانًا "كرئيس للجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة" أحث الجميع على اتباع قواعد الدستور الذي وضع أخيرًا. ثم وصف عملية العزل "بالانقلاب العسكري الكامل، والذي يرفضه كل الشعب الحر في البلد، التي ناضلوا من أجلها ولتتحول مصر إلى مجتمع مدني ديمقراطي". وفي مؤشر على عدم تمكّن مرسي الضعيف في السيطرة على بيروقراطية مبارك التي ورثها، خرج ضباط من الحرس الجمهوري الذي كان قد تم تعيينه لحمايته أيضًا للاحتفال وهم يُلوّحون بالأعلام من سطح القصر. وعلى الرغم من أن السيطرة الضمنية من الجنرالات على السياسة المصرية الآن لا لبس فيها، وضع الفريق أول عبد الفتاح السيسي خطة أكثر تفصيلاً وأسرع للعودة إلى حكم مدني وإنهاء سيطرة الجنرالات المتقاعدين الآن، والذين عزلوا الرئيس المخلوع مبارك قبل عامين. ولم يشير السيسي إلى فترة محددة من الحكم العسكري ومنح الرئيس بالإنابة عدلي منصور، الذي لديه سلطة إصدار "المراسيم الدستورية" خلال الفترة الانتقالية. وكان اسم منصور على مقاعد البدلاء من قبل مبارك قبل عقدين من الزمن، قبل أن يبحث مبارك دعم المحكمة بالموالين للسياسية أو غير الإسلاميين، وصعد منصور لمنصب رئيس المحكمة قبل بضعة أيام فقط، وبينما يقال إنه يحظى بتقدير كبير، لا يعرف الكثير عن آرائه أو مدى السلطة التي سوف يمارسها حقًا. ودعا السيسي إلى تشكيل "حكومة تكنوقراط" لإدارة شؤون البلاد خلال الفترة الانتقالية، وكذلك لجنة متنوعة سياسيًا من الخبراء لصياغة التعديلات الدستورية. ولم يتضح بعدُ من الذي سيشكل الحكومة أو اللجنة. وقال الجنرال إن المحكمة الدستورية من شأنها أن تضبط قواعد للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وسيكون على المحكمة أيضًا "طرح مدوّنة لقواعد السلوك لضمان حرية الصحافة وتحقيق الكفاءة المهنية والمصداقية" في وسائل الإعلام. وجاءت مشاركة حزب "النور" الإسلامي المتشدد ضمن خطة الجنرال، ويعتقد أنه يسعى لجلب بعض الإسلاميين فضلاً عن الليبراليين واليساريين لدعم الإطاحة بـ "الإخوان المسلمين". وانضم حزب "النور"، الذي أيد الخطة بسرعة، لمجموعات سياسية أخرى في اتهام مرسي و"الإخوان" باحتكار السلطة مقابل الاستقطاب السياسي الخطير. ولكن على عكس الليبراليين، فإن الإسلاميين المتشددين حريصون على تجنب وضع رمز التيار الليبرالي البرادعي كرئيس وزراء انتقالي، أو لرؤية الدستور الحالي - مع اعترافها بالشريعة الإسلامية - ألغي بدلاً من ترسيخه. ولم يتضح ما إذا كان الجنرالات يعتزمون السماح لـ "الإخوان" بالتنافس في الانتخابات البرلمانية، وربما استعادة دورها المهيمن في المجلس التشريعي، الذي قد يمنحها القدرة على تعيين رئيس وزراء جديد، وحث قادةُ الإخوان الإسلاميين على المقاومة. وقال الزعيم السياسي البارز في جماعة الإخوان عصام العريان على القناة الفضائية الخاصة بالجماعة قبل إغلاقها "إن الناس لن تستسلم، فقد وصل الجيش إلى نقطة الصراع ولم يعد الأمر بين الخصوم السياسيين. بدلاً من ذلك سوف يكون الجيش في المواجهة مع قطاع كبير من الشعب، ونحسبه الجزء الأكبر".