معبر رفح البري

غزة – محمد حبيب ينظر الغزيون بقلق إلى التطورات المصرية الجارية عقب عزل الجيش المصري للرئيس محمد مرسي متوقعين أن تزداد أوضاعهم المعيشية سوءا جراء التضييق غير المسبوق منذ سنوات على الأنفاق الحدودية التي تعتبر شريان قطاع غزة. ويعتمد أهالي غزة بنسبة 70% على البضائع والمنتجات المصرية المستوردة عبر الأنفاق الحدودية في ظل تعطل عمل المعابر الحدودية مع الاحتلال جراء الحصار الإسرائيلي الجائر على القطاع والمفروض منذ عام 2007.
ويخشى المواطنون في قطاع غزة استمرار أمد الشح في المواد الاستهلاكية الأساسية كـ"المحروقات ومواد البناء" بالإضافة إلى تخوفهم من تعطيل قد يصيب عمل معبر رفح البري الذي يعتبر منفذهم الوحيد على العالم الخارجي.
و قال وكيل وزارة الخارجية الفلسطينية غازي حمد ، إن "حكومته لم تتبلغ من القاهرة إغلاق المعبر نظرًا إلى التطورات السياسية التي تمر بها مصر حاليًا".
وأضاف حمد في تصريح صحافي: "نحن على تواصل دائم مع القاهرة أكان ذلك على المستويين الأمني أو السياسي، ولكن لوحظ الأسبوع الماضي بطء في عمل المعبر نتج عنه تقليص ملحوظ في أعداد المسافرين من القطاع".
وتابع: "كان عدد المسافرين من القطاع يبلغ 1200 مسافر يوميًا، لكن الأسبوع الماضي انخفض إلى ما بين 600 و650 مسافرًا".
ونبه وكيل الخارجية إلى أن المعبر شهد خلال الأيام القليلة الماضية عودة أعداد كبيرة من الفلسطينيين المقيمين في مصر إلى قطاع غزة نظرا إلى تخوفهم من تطورات الأوضاع هناك.
من جانب آخر، قال حمد إن الأنفاق الحدودية شهدت تضييقا ملموسًا من الجانب المصري نتج عنه نقص في بعض السلع الأساسية في غزة.
المحلل السياسي أكرم عطا الله رأى من ناحيته أنّ ما يجري على الساحة المصرية يؤثر كثيرا على القطاع.
وقال عطا الله: "أحداث مصر أدت إلى اختناقات على معبر رفح البري وإغلاق 90% من الإنفاق وارتفاع غلاء المعيشة وقلة البناء".
وحذر مسئول فلسطيني من حدوث كارثة حقيقة في قطاع غزة بسبب تفاقم أزمة الوقود والمواد الإنشائية بسبب إغلاق الأنفاق التي تصل بين قطاع غزة ومصر.
وأشار حاتم عويضة وكيل وزارة الاقتصاد الوطني في غزة خلال برنامج لقاء مع مسئول نظمه مكتب الاعلام الحكومي بغزة في مقره بمدينة غزة؛ الى أن تفاقم الأزمة يرتبط باستمرار إغلاق المعابر واقتصارها على معبر "كرم أبو سالم" الخاضع للاحتلال الإسرائيلي، كمنفذ وحيد لإدخال البضائع والوقود اللازم لتسيير حياة اهالي القطاع.
وبدت الازمة واضحة في شوارع قطاع غزة التي توقفت فيها حركة السيارات الا القليل منها ، في حين توقف العمل في المشاريع الحكومية والخاصة والاعمار، وذلك بعد اغلاق معظم الانفاق التي تدخل الوقود ومواد البناء والبضائع الى غزة بسبب الوضع الحالي في مصر.
وأكد عويضة ان الحكومة في غزة تعمل على توفير ايجاد حلول وبدائل تبدو موضوعية لتوفير الاستمرار اللازم لمواصلة الحياة في قطاع غزة المحاصر منذ سبع سنوات.
وأفاد أن احتياج القطاع للوقود يومياً يصل إلى 350 ألف لتر من السولار، ونحو 200 ألف لتر من البنزين.
وأشار الى إن الكميات الموجودة من الوقود في قطاع غزة تخصص لتشغيل المرافق الحيوية كالمستشفيات وغيرها، من أجل ضمان استمرار تقديم الخدمات الضرورية.
وفي السياق ذاته ، أعرب مراقبون اقتصاديون عن تخوفهم من طول الاحتجاجات التي تشهدها مصر، مشيرين إلى أن طول مدتها سيؤدي إلى تردي أوضاع القطاع الاقتصادية نتيجة التشديدات الأمنية التي ستطرأ على الحالة المصرية عموما، ما سيؤدي إلى عرقلة تهريب البضائع إلى غزة.
وأكدوا أن حجم الأزمة واستمرارها يرتبطان بحجم الاحتجاجات المصرية وتداعياتها.
ويعاني قطاع غزة في هذه الأيام نقصا حادا في المواد الاستهلاكية الداخلة عبر الأنفاق الحدودية مع مصر وأبرزها البنزين والغاز ومواد البناء.
من جهتهم ، اشتكى عاملون في الأنفاق المراقبة الأمنية الدقيقة لمنطقة عملهم، موضحين أن الأزمة التي تعانيها المنطقة لم تتعرض لها منذ سنوات، ومرجعين سبب التضيق إلى خشية الأمن من هرب مصريين إلى غزة أو دخول غزيين إلى سيناء، "أو استخدام الأنفاق بصورة سلبية وفق اعتقادات الجيش".
ورغم استمرار العمل في معبر رفح البري حتى اللحظة فإن مسؤولا في معبر رفح فضل ألا يكشف اسمه توقع أن يشهد المعبر تشديدات أمنية وإغلاقات متكررة على ضوء الاحتجاجات المصرية والخطة الأمنية للجيش المصري التي من بينها تشديد الإجراءات على كل المعابر الحدودية مع بلاده، مؤكدا في الوقت نفسه أن إغلاق معبر رفح سيزيد معاناة الغزيين على الصعيد الإنساني.
وذكر المصدر أن الحركة على معبر رفح بطيئة جدا مقارنة مع الأيام الماضية، مشيرا إلى أن هناك عمليات إرجاع لأعداد كبيرة من المسافرين.
ولفت إلى أن المعبر سيكون المتضرر الأكبر والنقطة ذات الحساسية جراء تداعيات الأزمة المصرية، "لأنه يخضع لجهة أمنية رسمية على عكس الأنفاق التي يزيد عددها عن المئة ولا تخضع لسيطرة أمنية رسمية".
وفي اسرائيل، ذكرت صحيفة معاريف على صفحتها الأولى في العدد الصادر لها الخميس "إن عزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم لن يؤدي إلى هدوء ، وإنما سيجلب مزيداً من الانقلابات الأخرى حتى وإن تحققت طموحات أحزاب المعارضة متمثلة بجبهة الإنقاذ".
وأشارت الصحيفة إلى أن الأوضاع في مصر لن تستقر، لافتة إلى أن إجراء الجيش المصري لانتخابات حرة رئاسية وبرلمانية فإنه لا يضمن من أن القوى السياسية لاسيما الإسلامية منها ستنجح في جسر الفوارق التي تفصل بينها وبين القوات المسلحة ورأب الصدع في النظام السياسي السائد في مصر.
وأوضحت الصحيفة أن الانقلاب على نظام حكم الإخوان في مصر سيزيد من ذلك التصدع داخل النظام السياسي وكذلك داخل المجتمع المصري نفسه، ما سيؤثر على مصير كل رئيس مصري مقبل إذا لم يكن في حجم توقعات الجماهير.
كما لفتت الصحيفة إلى أنه سيؤثر على أي رئيس قادم في حال لم يعمل على تحسن واضح في النظام الاقتصادي والأمني، فإنه سيكون مصيره كمصير الرئيس المعزول محمد مرسي، وبهذا الشكل سيكون هناك سلسلة من الانقلابات.
وبينت الصحيفة أن سيناريو سلسلة الانقلابات قد يكون واردا في مصر باحتمالات كبيرة، وذلك نظراً لوجود انقسامات عميقة في المعارضة، وإنها لم تستطع تقديم بدائل حتى اللحظة، كما أنها لم تستطع طرح مرشح متفق عليه يكون قادرا على اقناع الجماهير المصرية، و أن الانقسام العميق الذي تشهده مصر يشير الى أن الأمر سيكون أكثر صعوبة على التوافق في ما بينها في المستقبل.