صنعاء - علي ربيع
خطفت الأحداث المتصاعدة في مصر اهتمام الشارع اليمني بشكل لافت، بين مؤيد ومعارض لجماعة "الإخوان المسلمين" ولبقاء مرسي رئيساً لمصر، وسط مخاوف من انسحاب الحالة المصرية إلى اليمن وخروج مظاهرات احتجاجية تقود إلى انهيار العملية الانتقالية التوافقية التي تعيشها البلاد.
في هذا السياق، نظم عدد كبير من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني في
اليمن، الأربعاء، وقفة تضامنية أعلنوا فيها تأييد مطالب الشعب المصري لرحيل الرئيس محمد مرسي, وإسقاط ما وصفوه بـ" نظام المرشد".
وردد المشاركون في الوقفة هتافات مناهضة لحكم جماعة الإخوان المسلمين مؤكدين أن"السلطة هي سلطة الشعب وليس سلطة الجماعة" بحسب تعبيرهم. فيما كان ناشطون وحقوقيون وسياسيون من تيارات مختلفة نظموا في 30 حزيران/يونيو مسيرة في العاصمة صنعاء للتضامن مع مطالب الشعب المصري.
وتؤيد معظم الأحزاب والقوى السياسية اليمنية مطالب المتظاهرين في ميدان التحرير بالقاهرة وميادين مصر الأخرى، باستثناء حزب الإصلاح الذراع السياسي للإخوان المسلمين في اليمن الذين يعتبرون الخروج على مرسي مؤامرة على المشروع الإسلامي.
ودعا رجل الدين البارز والقيادي في حزب الإصلاح المثير للجدل عبد المجيد الزنداني المصريين للالتفاف حول الرئيس مرسي، ونفى في بيان صادر عن مكتبه ما كانت تداولته بعض الأنباء عن دعوته مرسي للتنحي، ووصف البيان تلك الأنباء بـ"المضللة" وقال"إنه يدعو المصريين للالتفاف حول مرسي واصفاً إياه بـ"الشرعي والمنتخب".
ويعد الزنداني من كبار قيادات الجماعة ومؤسسيها في اليمن، وأفتى في العام 2011 الشباب في اليمن بالخروج على نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ووصف أسلوبهم الاحتجاجي بأنه "بحاجة إلى براءة اختراع".
من جهتها علقت الناشطة اليمنية الفائزة بجائزة نوبل توكل كرمان في صفحتها على "فيس بوك" على خطاب مرسي الأخير واعتبرته دعوة للاقتتال، وقالت إن "خطاب الشرعية أو الموت، السلطة أو الدم حين يقوله الحكام في وجه معارضيهم فإنهم يزجون بالبلاد في أتون الاقتتال الأهلي".
وأضافت كرمان"روح ثورة يناير السلمية ستغلب خطاب الحرب، وبالسلم ستفرض العيش المشترك والشراكة والتوافق الوطني، سيرحل أيها الرفاق، سلمياً سيسقط التفرد، فما هنالك أقوى من السلم، وفي دولة المصريين العظيمة التي ستبنونها سيكون هناك متسع للجميع، فمصر لأبنائها والوطن للجميع، هذا ما أراده شهداء يناير ولن تخذلوهم".
وفي تدوينة أخرى قالت كرمان"قيادة حركة الإخوان في مصر أوقعت الحركة في خطيئة حرق المراحل والقفز عليها حين سعت خلال عام لتستولي على حكم مصر وتقيم عليها منفردة ما اعتبرته مشروعها للنهضة والذي بات واضحا أن مصر لن ترى من نهضة الإخوان واقعا سوى سد في أثيوبيا يحمل اسم النهضة نكاية بنهضة الإخوان يهدد النيل بالجفاف مع عزلة مطلقة تتهدد حاضر الحركة ومستقبلها في مصر".
وأضافت في نوع من السخرية "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، أليس هذا ما تعلمناه منكم أيها الأساتذة، بركاتك يا شاطر". في إشارة منها إلى خيرت الشاطر نائب المرشد العام في جماعة الإخوان في مصر والذي يتهم بأنه الرجل الذي يقف وراء قرارات الرئيس مرسي.
وشن أعضاء من حزب الإصلاح(إخوان اليمن) هجوماً لاذعاً على الناشطة والقيادية في الحزب توكل كرمان نظراً لتخليها عن موقف الحزب ومهاجمتها "الإخوان المسلمين" في مصر وتأييدها لرحيل مرسي.
وباستثناء حزب الإصلاح تدعم أحزاب "اللقاء المشترك" جميعها مطالب ثورة30يونيو في مصر، وأكد الرئيس الدوري لأحزاب "المشترك"والأمين القطري المساعد لحزب البعث الاشتراكي محمد الزبيري في تصريحات صحفية "أنه يستحيل أن يعود المصريون من ساحات وميادين مصر دون سقوط الرئيس مرسي وحكم الإخوان".
وقال الزبيري"مرسي ونظام حكمه لم يحترم التحالف الذي كان سبباً في فوزه بالانتخابات الرئاسية، حيث باشر بالإقصاءات، وسار نحو الانفراد والتفرد بالسلطة وهي السياسة التي تبلورت في البيان الدستوري الذي ركز فيها مرسي الصلاحيات كاملة في يده، مستفزاً بذلك مختلف القوى".
من جهته جدد الناطق الرسمي باسم حزب"المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه" عبده الجندي في مؤتمر صحفي الأربعاء، الإشادة بموقف القوات المسلحة المصرية وحرصها على حقن دماء الشعب المصري الشقيق، وعدم انزلاق مصر إلى أتون العنف والفوضى.
وردد الجندي ما كان قاله سابقا الزعيم جمال عبد الناصر من أن "إخوان مصر بدون مشروع سياسي وعبارة عن خطباء مساجد منشغلين في خطاباتهم العاطفية والدينية في قضاء الحلال والحرام والزواج والطلاق" وأنهم"يفتقدون إلى الكفاءة والخبرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية ذات الصلة ببناء الدولة والحضارة".
من جهته هاجم القيادي والبرلماني عن حزب المؤتمر الشعبي(حزب الرئيس السابق) سلطان البركاني تنظيم الخوان المسلمين على مستوى العالم كله مستشهداً بفشلهم في مصر وقال" " لم يستطيعوا أن يحكموا سوى عام واحد فقط, وما يحدث في مصر لا ينعكس على مصر بل ويمثل ضربة قاضية لجماعة" الإخوان " في العالم الإسلامي كله وفي كل مكان وهي ضربة موجعة, وشهادة فشل وتخلف وعدم القبول بالآخر".
وتمنى البركاني على "الإخوان" في مصر أن يبادروا حتى لا يدمروا بلادهم وأنفسهم ويدمروا العالم الإسلامي بعد ذلك, مؤكداً أن مصر معيار يقاس عليه بالنسبة لليمن، لكنه استدرك بالقول" إن اليمنيين كانوا كان أكثر وعياً, لإنهم لم يسلموا السلطة للإخوان كما سلم لهم في مصر وتونس وليبيا ".
إلى ذلك، تصدرت الأحداث في مصر عناوين الصحف اليمنية اليومية، المستقلة، كما أخذت حيزاً في القنوات التلفزيونية المحلية، كما تشهد مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت جدلاً واسعاً ونقاشات مؤيدة ومعارضة بين الناشطين، وسط مخاوف من أن تقود إلى تشجيع أحداث مماثلة في البلاد التي تعيش مرحلة انتقالية توافقية وحواراً وطنياً شاملاً لوضع دستور جديد.