صور للمتظاهرين بعد انذار الجيش بالتدخل

 واشنطن ـ عادل سلامة واجه الرئيس محمد مرسي عزلة سياسية عميقة، تحددت ملامحها في قيام الجيش بإمهاله مدة 48 ساعة، وتواصل المظاهرات الداعية لرحيله واستقالة عدد من كبار المسؤولين بحكومته وفي مكتب الرئاسة، في الوقت الذي انضم فيه الإسلاميون المحافظون إلى المعارضة في الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.   وقد شهد ميدان التحرير والشوارع المحيطة بقصر الرئاسة مظاهرات لليوم الثالث على التوالي في الوقت الذي اعتصم فيه آخرين أمام المقر الذي يمارس فيه مرسي مهام عمله منذ الأسبوع الماضي. وهتف هؤلاء مطالبين برحيله بعد عام فقط من فوزه في أول انتخابات رئاسية ديموقراطية تشهدها مصر. وفي المقابل تظاهر أنصار الرئيس مرسي أمام مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر وأمام جامعة القاهرة.
ووصل عدد الوزراء المستقيلين منذ بدء المظاهرات يوم الأحد إلى ستة وزراء بعد استقالة وزير الخارجية محمد كامل عمرو. وقد أعلن رئيس الوزراء المصري في بيان له أن الوزراء المستقيلين يواصلون القيام بمهامهم. كما استقال كل من علاء الحديدي المتحدث باسم مجلس الوزراء واثنين من المتحدثين باسم الرئاسة.
وفي تلك الأثناء تواصل مؤسسات أخرى في الدولة إضعاف قبضة الرئيس مرسي على أركان الدولة ، فقد قامت إحدى المحاكم بإصدار حكم يقضي بإقصاء طلعت عبدالله النائب العام الذي قام بتعيينه الرئيس مرسي وإعادة النائب العام الذي سبق وأن عينه الرئيس المخلوع حسني مبارك
كما قامت أكبر جماعة سلفية إسلامية في مصر وكذلك ذراعها السياسي المتمثل في حزب النور بالانضمام ،الثلاثاء، إلى صفوف المعارضة في المطالبة بإجراء انتخابات رئاسة مبكرة، وتشكيل حكومة تصريف أعمال مؤقتة. وتقول صحيفة نيويورك تايمز أنه وعلى الرغم من أن الجماعة لم تستجب من قبل إلى الدعوات المطالبة برحيل مرسي، إلا أنها وعلى ما يبدو قد تأثرت بالحجم الضخم للمظاهرات الاحتجاجية.
وقد أعلنت جبهة "30 يونيو/حزيران" التي قامت بترتيب المظاهرات باسم المعارضة في بيان لها ،الثلاثاء، أنها فوضت المعارض المصري البارز وأحد زعماء المعارضة بالتحدث باسمها في "أي حوارات مرتقبة مع القوات المسلحة". وقالت الجبهة أن مطالبها تشمل رحيل الرئيس مرسي وتشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة البلاد.
كما دعا نشطاء المعارضة المصرية إلى التظاهر مجدداً أمام قصر الرئاسة مساء الثلاثاء، وذلك في الوقت الذي شهدت فيه البلاد حالة من التوتر وسقوطها في قبضة المجهول بعد بيان القوات المسلحة ،الاثنين، والذي أمهل الرئيس مرسي 48 ساعة للتوافق مع المعارضة والخروج من الأزمة الراهنة.
وقد دعا أنصار الرئيس مرسي إلى الخروج في مظاهرات لدعم الرئيس والدفاع عن الشرعية والتصدي لما وصفوه "بالانقلاب العسكري".
وقد استرعت الأزمة المصرية انتباه الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي تحدث هاتفيا مع الرئيس مرسي ،الاثنين، من تنزانيا أثناء جولته الأفريقية الحالية.
وقد أثارت الأزمة المصرية المخاوف خارج الحدود المصرية، ودعت مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان نافي بيلاي، كافة أطراف الأزمة للدخول "في حوار وطني جاد بهدف التوصل إلى حل للأزمة السياسية والحيلولة دون تصاعد العنف" كما دعت الرئيس مرسي إلى "الإصغاء إلى مطالب وتطلعات الشعب المصري". وقالت أيضا عبر المتحدث باسمها أن الرئيس مرسي ينبغي أن يستفيد من دروس الماضي في ظل هذا الموقف البالغ الدقة.
 وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أنه بدلا من أن يقوم جنرالات الجيش المصري بتهدئة التوتر والوضع المشتعل بين أنصار ومعارضي الرئيس مرسي، قاموا على ما يبدو بزيادة حالة الالتباس والتشوش التي أصابت البلاد بالشلل ودمرت اقتصاده ودفعت بالملايين يوم الأحد الماضي إلى الشوارع مطالبة برحيل الرئيس. ولم يعرف بعد ما الذي كان يعنيه الجيش عندما قال أن الرئيس مرسي ينبغي أن يلبي مطالب الشعب، والذي قد يعني أن الجيش ربما يقوم بتلبية ذلك إذا لم يلتزم، كما لم يتضح بعد ماهية الشخص أو الجهة القادرة على توحيد البلاد والخروج بها من حالة الانقسام الحاد.
والواقع كما تقول الصحيفة أن جنرالات الجيش المصري فتحوا الباب أمام مواجهة جديدة مع أنصار مرسي في جماعة الإخوان المسلمين من خلال التهديد بفرض خارطة طريق سياسية. وقد احتشدت جماهير الإخوان المسلمين في ست مدن مصرية للتنديد بتهديد الجيش بالاستيلاء على السلطة في محاولة للتذكير بأن الجماعة لازالت قوية وأنها غير راغبة في التنازل عن السلطة التي انتظرتها 80 عاماً.
ونسبت الصحيفة إلى أحد مستشاري الرئيس مرسي رفض ذكر اسمه، قوله "نحن ندرك أن ذلك انقلاب عسكري وسيظهر لاحقاً شكل هذا الانقلاب".
وجاء في بيان شديد اللهجة صدر الواحدة من صباح الثلاثاء، عن مكتب الرئاسة أن الرئيس يواصل وضع خططه من أجل حوار وتسوية مع خصومه. وأكد البيان أن الجيش لم يستشر الرئيس حول البيان العسكري، وقال أن بعد عباراته قد تسبب حالة من الخلط في المشهد الوطني المعقد، وألمح إلى أنها قد تعمق من الانقسام بين أفراد الشعب وقد تهدد السلام الاجتماعي.
وتقول الصحيفة أن العلاقة الحساسة بين مرسي ووزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي محفوفة بالمخاطر لكلاهما وللبلاد أيضا. كما تقول الصحيفة أن مصر حالياً تحتاج بصفة عاجلة إلى حكومة مستقرة وتحظي بقدر كافي من المصداقية كي تقوم بإصلاحات اقتصادية واتخاذ قرارات صعبة في وقت تواجه فيه البلاد تناقص في احتياطي العملات الأجنبية والقلق بشأن مخزون وإمدادات القمح.
وتقول الصحيفة أن قيام الجيش بإبعاد الإخوان المسلمين من السلطة بعد أن جاءوا من خلال صندوق الانتخابات قد يسفر عن رد فعل إسلامي في الشوارع يمكن أن يطيح بأمال الاستقرار والنمو الاقتصادي.
وجاء في بيان أميركي أن الرئيس الأميركي أبلغ الرئيس المصري بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالعملية الديموقراطية في مصر وأنها لا تدعم أي طرف أو جماعة على حساب طرف أو جماعة أخرى.
وقد وصف مساعدو الرئيس مرسي أن رسالة أوباما بأنها تأكيد على أن البيت الأبيض مستمر في التعامل مع مرسي بوصفه رئيس مصر المنتخب، وأنه يدعم مرحلة التحول نحو الديموقراطية في مصر.
وعلى الرغم من أن إعراب أوباما عن قلقه من الاحتجاجات التي يشهدها الشارع المصري إلا أنه قال أن الموقف يختلف عن الاحتجاجات السابقة التي اضطرت الولايات المتحدة إلى دعوة مبارك إلى الاستقالة. ودعا أوباما الطرفين في مصر إلى التخلي عن العنف.
وفي القاهرة دعا عضو جماعة الأخوان المسلمين محمد البلتاجي وهو يخطب أمام جمع من الإسلاميين الذين يحملون هراوات ويضعون على رؤوسهم خوزات ، إلى الدفاع عن "شرعية مرسي كرئيس منتخب وهدد بأن أي انقلاب على الشرعية مهما كان نوعة لن يمر إلا على "رقابنا ودمائنا". واتهم فلول نظام مبارك بتدبير تلك المظاهرات.
ويقول محمد فضالة وهو مصري ويعمل مدير مالي أن السيسي تجاهل نصف الشعب المصري.
وعلى ما يبدو فإن قيادات الجيش لم ترغب في العودة إلى السياسة بعد أن تعرضت هيبتهم للمهانة خلال فترة حكم المجلس العسكري في أعقاب سقوط مبارك. ولكنهم تدخلوا بعد تصاعد موجة الاحتجاجات ضد مرسي بما يعني أنه فقد الكثير من تأييد الشعب وفشل على المستوى الأمني وعلى مستوى إدارة البلاد. وتتهم المعارضة الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين بمحاولة احتكار السلطة السياسية في البلاد. وقد أشادت المعارضة بمساعدة الجيش لهم في الضغط على مرسي.
إلا أنه وبعد ضغوط الإسلاميين قام الجيش بإصدار بيان ثاني أنكر فيه أن يخطط لانقلاب عسكري وإنما يريد دفع كافة القوى السياسية في مصر نحو إيجاد حل للأزمة الراهنة على وجه السرعة. أما الشرطة المصرية فقد أصدرت بياناً دعمت فيه تدخل الجيش.
وكانت المعارضة المصرية تخطط للقيام بمظاهرات احتجاجية ضد مرسي في ذكرى مرور عام على انتخابه، إلا أن حجم المظاهرات في الشوارع والميادين المصرية قد أدهش الجميع فقد شهدت ملايين غفيرة كما أنها كل أقل نسبياً على مستوى العنف كما أنها كشفت عن حجم العداء لمرسي ودحض حجة الإخوان بأن المظاهرات مؤامرة من فلول نظام مبارك .
وقد أمهلت المعارضة الرئيس مرسي فرصة للاستقالة حتى الثلاثاء، وهددت بإضراب عام وذلك في الوقت الذي أغلق المتظاهرون المكاتب الحكومية في 11 محافظة. وبعد بيان الجيش رفض أحد منظمي المظاهرات أي تسوية تبقي على مرسي في السلطة وقال "نحن لا نريد أن نكون ضد الجيش ولا نريد أن يكو الجيش ضدنا".