الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة

دعا "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، السبت، في العاصمة الجزائر، إلى اتخاذ أحد الخيارين إما جمعية وطنية تأسيسية أو الوصول إلى إعداد دستور اتفاقي، مضيفًا أن كلاهما يمر عبر استفتاء شعبي يكون الشعب فيه سيد القرار، منتقدًا تماطل السلطات الجزائرية لتوضيح معالم الدستور الجديد الذي وعد به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مشددًا على ضرورة تفاعل إيجابي لكلّ الأطراف السياسية والاجتماعية الفاعلة عن طريق التشاور والحوار حول وثيقة الدستور.
وأوضح رئيس "الأرسيدي" محسن بلعباس أنه لم يعد ممكنًا تأجيل التشاور والحوار بين مختلف الفاعلين السياسيين و الاجتماعيين الوطنيين حول وثيقة الدستور، خاصة و أن الجزائر حاليًا "في مفترق الطرق من تاريخها"، مؤكدًا في هذا السياق أن محطة تعديل الدستور تعتبر منعرجا تاريخيا إذا أراد الشعب الجزائري التغيير.
وخلال لقاء وطني خصص لإثراء النقاش الذي باشره التجمع من أجل إعداد مقترحات حول "مشروع دستور دائم" شدد رئيس الحزب محسن بلعباس على أن "الأمر الملح اليوم هو التركيز على تحضير و تنظيم استشارة انتخابية يجب أن تكون واضحة المعالم في وقت ممكن إذا أردنا أن نجعل من هذه المناسبة "مراجعة الدستور" فرصة لانطلاقة جديدة لبلادنا".
وأمام المشاركين في اللقاء وجمع من الضيوف من بينهم عبد الرزاق مقري، رئيس حركة "مجتمع السلم"، ورئيس مؤسسة "ذاكرة الولاية الرابعة"، يوسف الخطيب، أكد محسن بلعباس على أنه "يتعيّن على الجميع اليوم "تجاوز المواقف المتشددة المنحازة و أطر التعاطف من أجل جعل الجزائر فوق كل الاعتبارات".
وأكد بلعباس أن حزبه يرمي من خلال هذه الخطوة إلى "إعادة طرح الملفات التي تشهد خلافاً بين مختلف الفاعلين والحقائق المخفية من أجل انطلاقة جديدة"، من خلال بعث النقاش حول قضايا جوهرية وهو ما يندرج ضمن الأدوار المنوطة بالطبقة السياسية.
كما أضاف بأن هذه المسألة تتطلب توافقًا بين مختلف الفاعلين السياسيين و الاجتماعين في الجزائر، حيث يطرح اختياران إما جمعية وطنية تأسيسية أو الوصول إلى إعداد دستور اتفاقي، وهما الاتجاهان اللذان يتطلبان اللجوء إلى استفتاء شعبي، ويذكر أن اللقاء الوطني، كانت قد سبقته سبع لقاءات جهوية خصصت للتفكير في مقترحات حول إعداد مشروع "دستور دائم" و هي الفكرة التي كان قد أعلن عنها التجمع خلال فيفري المنصرم، حيث يعكف حاليًا على عرضها على هياكله قبل تقديمها إلى الرأي العام.
ويسعى التجمع من خلالها إلى "إثارة نقاش وطني يرتكز على إعادة التأسيس المؤسساتي للجزائر، ووضع حد للاقتباس الأعمى المأخوذ من تجربة الغير" ، مثلما يشير إليه المشروع، و يرى التجمع بأن "الدستور الجدي هو الذي يتيح للشعب فرصة التعبير عن أرائه" معتبرا بأن الدستور الحالي "لم يقدم حلولا فعلية للمشاكل الأساسية المطروحة".
وللإشارة، شهد  اللقاء مشاركة بعض الفاعلين السياسيين و الحقوقيين من تونس، وليبيا، وموريتانيا، ويتضمن مشروع الدستور "المستمد من الذاكرة الجزائرية" والذي "يستجيب للخاصيات الوطنية الاجتماعية والمراجع الثقافية لأمتنا" ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بتحديد المبادئ العامة التي يجب أن تسير المجتمع الجزائري و توازن السلطات و توضيح دور الهيئات الاستشارية.
ومن بين هذه المبادئ التي يرى التجمع بأنها "كفيلة بتكريس أسس دولة ديمقراطية" الإقرار "الرسمي" في الحياة السياسية بمبادئ العدالة الاجتماعية و المواطنة و المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة و تنظيم انتخابات حرة و شفافة و استقلال العدالة و ترقية حقوق الإنسان.
وفي  تطرقه إلى الشق الخاص بتنظيم و سير المؤسسات وإعادة تنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث، حرص التجمع على توضيح صلاحيات كل سلطة حيث يشكل البحث عن موازين القوى بالنسبة للتجمع "حجر الزاوية لكل حل سياسي ديمقراطي توفيقي".
أما فيما يتعلق بالدور والمهمة المسندين للهيئات الاستشارية على غرار المجلس الدستوري و مجلس المحاسبة و المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي، فيرى التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية ضرورة إحالة سلطة تعيين أعضاء هذه الهيئات الموكلة أصلاً لرئيس الجمهورية، إلى البرلمان و اللجان المؤهلة و المختصة من الغرفتين.