أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني

أعلن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في كلمة وجهها صباح الثلاثاء إلى الشعب القطري، تسليم السلطة إلى نجله وولي عهده الشيخ تميم، الذي يتمتع بنفوذ وعلاقات ممتازة مع الغرب لا سيما واشنطن وباريس، وكذلك مع السعودية، في ما وصفه المحللون بأنه أمر أساسي لاستمرار لعب قطر دورًا سياسيًا قياديًا في المنطقة، في حين اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، نقل السلطة في قطر، خطوة "شجاعة غير مسبوقة" في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات كبرى.
وقال الشيخ حمد بن خليفة، بعد 18 عامًا من توليه الحكم، "أعلن أنني أسلم الحكم إلى الشيخ حميد بن خليفة آل ثاني، وأنا على قناعة تامة أنه أهل للمسؤولية وقادر على حمل الأمانة"، معربًا عن ثقته بأن "الأمير الجديد (33 عامًا)، سيضع مصلحة الوطن وخير أهله نصب عينيه، وستكون سعادة المواطن القطري غايته الأولى على الدوام"، متوجهًا إلى القطريين بالقول، "ها هو المستقبل أمامكم إذ تنتقلون إلى عهد جديد، ترفع الراية فيه قيادة شابة تضع طموحات الأجيال القادمة نصب عينيها، وتعمل دون كلل أو ملل من أجل تحقيقيها"، مشيرا إلى أن الوقت قد حان ليتولى جيل الشباب المسؤولية.
ودعا الديوان الأميري القطريين إلى مبايعة الأمير الجديد، يومي الثلاثاء والأربعاء، في الديوان الاميري، فيما أعلن الثلاثاء يوم عطلة رسمية، في الوقت الذي بدأت فيه وفود القبائل والأعيان والمواطنين القطريين في التوافد إلى الديوان الأميري لمبايعة الأمير الشاب.
وأظهرت صور تبثها مباشرة القنوات القطرية الأمير السابق والجديد، يستقبلان القطريين لمصافحتهم، حيث يقوم عدد كبير من المتوافدين إلى الديوان بتقبيل يد الشيخ حمد، وكذلك الشيخ تميم، دلالة على الولاء للحكم، في حين لا يزال والد الشيخ حمد على قيد الحياة، وبالتالي فإن قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لديها ثلاثة حكام على قيد الحياة.
وقال الشيخ حمد في خطاب التنازل عن الحكم، "الله يعلم أنني ما أردت السلطة غاية في ذاتها، ولا سعيت إليها لدوافع شخصية، بل هي مصلحة الوطن أملت علينا أن نعبر به إلى مرحلة جديدة".
وقد حوّل الشيخ حمد (61 عامًا) بلاده من وطن صغير مغمور في الخليج إلى لاعب إقليمي أساسي، وإلى أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال مع ترسانة مالية ضخمة، وقد أبلغ الأسرة الحاكمة وأعيان البلاد في اجتماع في قصره، الإثنين، قراره تسليم السلطة إلى نجله ولي العهد، وذلك بعد أسابيع من انتشار تقارير ومعلومات بشأن نية الأمير التخلي عن السلطة، في ما يُعد قرار التخلي عن الحكم سابقة في التاريخ السياسي الحديث للمنطقة، لإذ لم يتخل أي حاكم وراثي طوعًا عن الحكم، ويتوقع أن يشمل انتقال السلطة في قطر خروج شخص أساسي آخر من الأضواء، وهو رئيس الوزراء النافذ والمحنك الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.
وقد ولد الأمير الجديد الشيخ تميم في العام 1980، وهو الابن الرابع للأمير السابق، والثاني له من زوجته الثانية الشيخة موزا بنت ناصر المسند، وتم تعيينه وليًا للعهد في الخامس من آب/أغسطس 2003، بعد تخلي شقيقه الأكبر الشيخ جاسم عن المنصب، وهو أحد أبناء الشيخة موزا أيضًا.
وكان ولي العهد يتولى قيادة القوات المسلحة نيابة عن والده ورئاسة اللجنة الأولمبية، كما أنه نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار، إضافة إلى أنه شغوف بالرياضة ويشرف على ملف مونديال العام 2022 الذي تستضيفه قطر، وقد تخرج الشيخ تميم من كلية ساندهيرست العسكرية البريطانية المرموقة على غرار والده، كما أنه محب للثقافة الفرنسية ويتحدث الفرنسية بطلاقة.
وأفادت مصادر دبلوماسية وسياسية، أن الشيخ تميم، الطويل القامة والقوي البنية، تمكن خلال الأعوام الأخيرة من فرض نفسه بشخصيته القوية على الساحة، مستندًا إلى ثقة والده ووالدته الشيخة موزا البالغة النفوذ والأناقة في آن واحد، لا سيما أنه لم يكن ولي العهد الأول ولا الخيار الأوحد لولاية العهد، فللشيخ تميم أخوة أكبر منه سنًا بما في ذلك من أم أخرى، ويتمتع بعلاقات ممتازة مع الغرب، لا سيما مع واشنطن وباريس، وفي السياق الإقليمي، كما يملك علاقات جيدة مع السعودية، وهو أمر أساسي لاستمرار لعب قطر دورًا سياسيًا قياديًا في المنطقة"
والشيخ تميم، له زوجتان وست أبناء، سن الكبرى بينهم سبع سنوات، أما نجله الذكر الأكبر فيبلغ من العمر خمس سنوات، ويعشق الشيخ تميم التراث والإرث الثقافي الخليجي، وقد بنى لنفسه قصرًا تراثيًا ساحرًا في الصحراء، ومن المتوقع أن يتزامن تسلمه زمام الأمور في هذا البلد الذي فرض نفسه على الخارطة العالمية وبات أغنى بلد من حيث دخل الفرد، مع انتهاء دور شخص محوري آخر في السياسة القطرية هو رئيس الوزراء النجم والنافذ الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني.
وتوقعت المصادر نفسها، أن يُشكل الشيخ تميم حكومة لا يترأسها الشيخ حمد بن جاسم، الذي يترأس مجلس الوزراء منذ العام 2007،، ويشغل أيضًا منصب وزير الخارجية.
وهنأ الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، الشيخ تميم بن حمد، بتسلمه مقاليد السلطة في قطر من والده الشيخ حمد بن خليفة الثاني، حيث قال العربي في رسالته إلى الشيخ حمد، والتي تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، قائلاً "أتوجه بخالص التحية والتقدير على الخطوة الشجاعة التي أقدمتم عليها، بتسليم مقاليد الحكم لولي عهدكم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولهذه المناسبة التاريخية، أود أن أعرب عن إعجابي الكبير بهذه الخطوة غير المسبوقة، التي جاءت لتقدم نموذجًا جديدًا ومثالاً يُحتذى في الانتقال السلس للسلطة، في ذروة ما تشهده المنطقة العربية ودولها من أنواء وتحديات كبرى أطلقتها رياح التغيير، ليكون في خضمها لدولة قطر وشعبها تحت قيادتكم الحكيمة ربيعها الخاص والمميز، الذي لن يُمحى من ذاكرة الشعب القطري وتاريخه الحافل بالإنجازات التي حققتموها لدولة قطر وازدهارها ورفع مكانتها ودورها على خارطة العمل السياسي العربي والإقليمي والدولي".
وأضاف العربي، "أتوجه إليكم بأحر عبارات الشكر والتقدير على جهودكم المقدرة ومواقفكم الوطنية والقومية التي اضطلعتم بها في خدمة القضايا العربية المشتركة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وكذلك في الدعم غير المحدود لجهود التطوير والإصلاح والتحديث لمسيرة العمل العربي المشترك وجامعة الدول العربية"، معربًا عن التهاني للشيخ تميم بن حمد آل ثاني على توليه مقاليد الحكم، متمنيًا له التوفيق في "مواصلة مسيرة والده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في تحقيق ما يصبو إليه الشعب القطري من تقدم ورقي وازدهار".
وأشاد الأمين العام في رسالته إلى الشيخ تميم، بـ"الجهود المميزة لدولة قطر في دعم مسيرة العمل العربي المشترك، ولا سيما في هذه المرحلة الحافلة بالتحديات الكبرى والتي تتولى فيها دولة قطر رئاسة القمة العربية"، معربًا عن ثقته بقدرات الشيخ تميم على "حمل الأمانة والنهوض بأعباء المسئوليات الجسام الملقاة على عاتقه في قيادة دولة قطر وشعبها نحو مواصلة دورها القومي"، مؤكدًا "حرصه الشخصي وحرص جامعة الدول العربية على مواصلة التعاون والتنسيق مع الشيخ تميم، لخدمة القضايا العربية والتضامن العربي والارتقاء بالعمل العربي المشترك، نحو آفاق أوسع، تلبي الطموحات المشتركة الكبرى للشعوب العربية ودولها".