القاهرة ـ علي رجب
أعلن الأزهر الشريف - مع أسفه البالِغ لتردِّي شؤون الدعوة الدينية - أنَّ ما ذكره أحد من كانوا يَظهَرُون في ميدان التحرير، ويتباهون بالتمسح بالثورة، وشَكَا عقلاء الميدان حينذاك من تلوُّنِه وأنانيته وشَقِّه لصف الوطـــن، والآن يتطـــاول على شيخ الأزهر الشريف و الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ، في جمعة "لا للعنف"، ويردد تُرَّهات بشأن شخصه وماضيه الكريم - دون أن يجد من يَردُّه إلى الصواب، أو يستنكر ما بدر منه من خطاب - هو ثمرة خيال سقيم وعقل مريض وقال الأزهر في بيان له الأحد:"نعم لقد نصح فضيلة الإمام الأكبر شباب الميدان في اليوم الأخير وفي الساعات الأخيرة للثورة بعدم النزول إلى الميدان خوفًا على دمائهم الزكية من نظام كلنا يعلم طبيعته، وهو ما قدَّره رجل يخشى الله ويرجو رضاه،وليت من يتاجرون الآن بدماء الجماهير المصرية يحسون بهذا الشعور، ويقدرون هذه المعاني، إذن لحقنوا دماء بريئة، ونالوا أجرًا باقيًا". وأضاف الأزهر:"الكلُّ يشهد بأنَّ الأزهر الشريف هو أول مؤسسة رسمية وصَفت الذين قُتِلوا في الميدان بالشهداء في بيانٍ منشور أيامَ الثورة، خلافًا لما ادَّعاه كذبًا وافتراءً هذا الدَّعِيُّ مِن أنَّ مَن مات في ميدان التحرير ليس شهيدًا" وتابع في رده بشأن انتماء شيخ الأزهر إلى "الجنة السياسية في الحزب الوطني" المنحل فقال :"وأمَّا ما يردده المدَّعِي وأمثاله ممن لا يبحثون عن الحق بشأن لجنة "السياسات"، فلا صلة لفضيلة الإمام بها، وإنما هو تشكيل ضُمَّ إليه بحكم منصبه "رئيس جامعة الأزهر" حينذاك، وهو المكتب السياسي برياسة رئيس الجمهورية عندئذٍ، ولم يحضره الشيخ إلا مرَّة واحدة، ثم بادر إلى الاستقالة منه بمجرد تعيينه شيخًا للأزهر؛ شعورًا بأن الأزهر فوق هذه المجالس والتشكيلات، على أن الرجل الذي تُطووِل عليه سَفَهًا وافتراءً، ينظر إليه المصريون كافَّة بوصفه بينهم قامةً سامقة ومقامًا رفيعًا، من الطبيعي أنْ يعتزَّ به كلُّ عهدٍ، ويحترمه كل حاكمٍ، وهو بحكم نشأتِه وتربيته وأخلاقه لا يسعى إلى أبوابهم، ولا يتمسَّح في ركابهم". وأوضح الأزهر منذ أيام ثلاثة كان الرئيس الفاضل - الذي تزعُمُ أنَّك تتظاهر من أجلِه - يرعى حقوق التكريم والإعزاز لهذا الشيخ الجليل؛ لأنه - بحمد الله - يعرفُ قيمَ الرجال.قائلا:"إن شيخ الأزهر لم يدعُ للخروج على رئيس الجمهورية المُنتخَب، ولكنَّه - في ظروف احتقان متوتر وحشد مُتبادل، وكل مصري يشفق مما قد يحلُّ بنا من فتن وخسائر - أعلن حرمة الخروج المسلَّح وذكَّر الناس بأنَّ السُّفَهاء في الماضي ممن لا يبحثون عن الحقِّ، وتدفعهم السفاهة والحماقة، خرجوا على الخلفاء الراشدين أنفسهم، ولكنهم في الوقت نفسه قرر ما يُجمع عليه فُقَهاءُ الإسلام من النهي عن تكفير الخارجين بالقوة، وهم البغاة العصاة الذين يجب التصدي لهم، أما المعارضة السلمية فلا خلاف بين المسلمين في جوازها أو مشروعيتها، بل هو ما تكفله الآن القوانين والدساتير. فماذا تريده أن يقول؟ هل يغير أحكام الشرع؛ لأن فهمًا مريضًا وعقلاً سقيمًا يفهم من هذا الكلام الدقيق المحكَم أنه تحريضٌ على الخروجِ ودعوة إليه؟". واختتم الأزهر في بيانه على المتطاولين على مقام شيخه الجليل قائلا:"ولا يجدُ الأزهر ما يقوله في هذا المقام إلا ما ختم به بيانه السابق الذي عجز صاحبنا عن فهمه: اللهمَّ إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا، وتجمع بها شملنا، وترد بها الفتن عنَّا، اللهم لا تُؤاخذنا بما فعل السُّفَهاء منَّا".