حسن روحاني مرشح الرئاسة الإيراني أمام حشد بمسجد جاماران خلال حملته الانتخابية في طهران

ينظر المراقبون منذ زمن إلى حسن روحاني أحد مرشحي الرئاسة الإيرانيين الثمانية الذين وافق مجلس حماية الدستور على خوضهم انتخابات الرئاسة، باعتباره أحد المحافظين الوسطيين، إلا أنه وعلى مدار الأسبوع الماضي أبدى المزيد من ميوله الإصلاحية خلال حملته الانتخابية. وقالت صحيفة"الغارديان" البريطانية إنه رجل الدين الوحيد ضمن مرشحي الرئاسة، وأنه المرشح الذي يحظى بأفضل فرصة للفوز بتأييد المعسكر الإصلاحي المحاصر في إيران، بالإجماع.
وأشارت الصحيفة إلى أن الذين كشفوا صراحة عن هويتهم الإصلاحية، تم استبعادهم من النظام السياسي الإيراني، وذلك منذ الاحتجاجات التي قامت بسبب نتائج انتخابات عام 2009 التي أسفرت رسميًا عن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وتحفل وسائل الإعلام الإيرانية المحلية حالياً بتصريحات عدة، والتي أعرب فيها الإصلاحيين عن اعتزامهم تشكيل ائتلاف مع حسن روحاني ومرشح آخر أقل شعبية منه "على الرغم من كونه إصلاحي" وهو محمد رضا عارف، وأن الفائز منهما، والمرجح نظريًا أن يكون حسن روحاني، هو من سيحمل لواء المعسكر الإصلاحي وذلك لتجنب تفتت الصوت الانتخابي التقدمي.
وفي مطلع الشهر الجاري، قال روحاني أما حشد في منطقة جاماران شمال طهران "سوف نفتح الأبواب كلها التي اُحكم إغلاقها على حياة الناس، طوال السنوات الثمانية الماضية"، مضيفاً "أنتم أيها الطلبة الأعزاء والأبطال الذين جاءوا بغية استعادة الاقتصاد لقوته وتحسين مستويات معيشة أفراد الشعب، سوف نعيد لبلدنا كرامتها التي كانت عليها في الماضي".
وأدلى روحاني، الذي ربما يتمتع بميول تقدمية بسبب علاقته الطويلة الأمد مع الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، بمثل هذا الحديث في المناظرات والمقابلات التليفزيونية التي جرت خلال الأسبوع الماضي.
وأسهمت تصريحات روحاني الذي تبدو على وجهه ملامح الهدوء، في بعث قدر ولو صغير من الحياة في المعسكر الإصلاحي الذي كان يحتضر لبعض الوقت.
وانتقد روحاني في فيلم وثائقي قيام أفراد بملابس مدنية بمضايقة المدنيين الإيرانيين وذلك في إشارة إلى مليشيات"الباسيج" كما انتقد الأجواء الأمنية التي تعيشها البلاد، معربا عن ازدرائه لسجل أحمدي نجاد، كما رفع في الفيلم الذي كان أشبه بسيرة ذاتية له، شعاره في الحملة الانتخابية وهو "الكفاءة والأمل" وتحدث عن "التفاعل مع العالم" والمساواة بين الجنسين، قائلا "في حكومتي لا تسامح مع من يفرق بين الرجل والمرأة".
وفي مقابلة تليفزيونية 27 أيار/مايو الماضي، لم تلق اهتماماً كبيراً من الغرب، ألقى روحاني باللوم على نظام الجمهورية الإسلامية في الفشل في إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة وعندما سئل عما إذا كانت الولايات المتحدة قد سعت لإجراء مفاوضات مباشرة أجاب"بنعم". يذكر أن هذه الإجابة تتناقض مع السائد ليس فقط في الغرب وإنما أيضا على المستوى الرسمي الإيراني.
وقام الثلاثاء الماضي بزيارة أصفهان لحضور جنازة آية الله جلال طاهري الذي كان صاحب ميول إصلاحية، وذلك بدلا من الذهاب إلى حفل رسمي لتخليد الذكرى السنوية لوفاة الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وعلى الرغم من أن روحاني يحاول استمالة الإصلاحيين لدعمه في الانتخابات إلا أنه ليس بالرجل المتقد الحماس نحو الإصلاح فهو يسير على حبل مشدود بين إرضاء المؤسسة الحاكمة من خلال إعلان احترامه وتقديره لخاميني وعرض مؤهلاته الثورية والإسلامية.
وأشار الفيلم الوثائقي إلى الدور الذي لعبه روحاني في التحريض ضد شاه إيران الراحل وعلاقته بالشخصيات الرئيسية التي ساهمت في الثورة الإيرانية مثل علي شارياتي ومهدي بازارجان، وكشف النقاب فيما بعد الثورة أن جهاز مخابرات الشاه وهو جهاز"السافاك" كان يراقب روحاني.
يذكر أن استطلاعات الرأي الإيرانية لا يمكن التعويل عليها ومع ذلك فإن هناك العديد من المواقع ووسائل الإعلام قد أجرت استطلاعات للرأي غير رسمية على شبكة الإنترنت والتي كشفت على مدى العشرة أيام الأخيرة أن روحاني يتصدر هذه الاستطلاعات على حساب سعيد جليلي الذي يحظى بتفضيل خاميني.
وفي ضوء فشل المحافظين في التوحد وراء مرشح واحد أو اثنين، يمكن للإصلاحيين أن يلعبوا دوراً مؤثراً في الانتخابات على نحو يؤدي إلى القيام بجولة انتخابية ثانية.
ومع ذلك فإن المحللين يرون بأن فرص عمدة طهران محمد باقر قاليباف وكبير المفاوضين الإيرانيين في المحادثات النووية، تبدو أفضل في الفوز بالمنصب مقارنة بروحاني.
وفي ضوء احتمالات تزوير الانتخابات كما يعتقد الكثيرين أنه سبق وأن حدث عام 2009 فإنه من غير المرجح أن يتم السماح لروحاني بالفوز بمنصب الرئاسة حتى ولو حصل على أغلبية أصوات الناخبين، وهذا ما تقوله مواطنة إيرانية عمرها 26 عاما وتعمل كسيدة أعمال.
وسجل تقرير "للأسوشيتد برس" مثل تلك المخاوف، حيث أشار إلى اعتقال سبعة من العاملين في حملة روحاني الانتخابية، وفي اليوم التالي صرح رئيس الشرطة الوطنية الجنرال إسماعيل موغادام بأن قواته لن تتردد في التصدي لأي أفراد يسلكون سلوكاً مناهضاً للثورة الإيرانية.
وهناك بعض الإصلاحيين الذين يحملون بعض الأمل بفوز روحاني حيث تصفه مواطنة إيرانية عمرها 29 سنة بأنه يفكر بطريقة الإصلاحيين كما أنه يتمتع بالذكاء.
وهناك من يبدي تشاؤمًا من المستقبل ويرى أن الأمور سوف تزداد سوءاً عما هي عليه الآن مع الرئيس المقبل سواء كان روحاني أو قاليباف، ويقوم الرئيس الجديد ببعض التغييرات ولكن يبقى مصير البلاد في يد المرشد الأعلى.