وزير الخارجية الاميركي جون كيري

رام الله،غزة – نهاد الطويل/محمد حبيب فشلت الإدارة الأميركية مجددًا في اختراق حائط المفاوضات المتعثرة منذ سنوات بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، حيث تمثلت آخر هذه الفصول في الجهود "الماراثونية" التي خاضها وزير خارجيتها جون كيري في الآونة الأخيرة. وقد تمسك الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، بمواقفهما السياسية المعلنة، وهو ما يؤشر إلى الدخول مجددًا في الطريق المسدود أًصلاً، فيما تؤكد الرواية الفلسطينية الدائمة أن جهود كيري ستصل إلى طريق مسدود، نتيجة عدم رغبة إسرائيل في التقدم بالعملية السلمية والامتثال لجهود الإدارة الأميركية لاستئناف المفاوضات"، حسبما صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس  في أكثر من مناسبة.
وقال عضو اللجنة المركزية لـحركة " فتح"، ورئيس كتلتها البرلمانية، عزام الأحمد، إن القيادة الفلسطينية تشعر بخيبة أمل بعد فشل جهود وزير الخارجية الأميركي، في إقناع إسرائيل بوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس، والموافقة على تحديد حدود الدولة الفلسطينية.
وأضاف الأحمد، في تعليقه على الموضوع، "إسرائيل تشرع في بناء 1000 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، وهذا تدمير ونسف لجهود السلام في المنطقة، وعن سبق إصرار وقصد".
وقلل عضو الوفد الفلسطيني المفاوض، نبيل شعت، من فرص استئناف السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك خلال تصريحات للإذاعة الفلسطينية الرسمية، مؤكدًا أن "كيري لا ييزال غير قادر على الضغط على الحكومة الإسرائيلية للالتزام باستحقاقات عملية السلام، وواضح بعد لقاءات الأردن الأخيرة، أنه ليس هناك فرصة، ليس لأن كيري غير راغب لكنه غير قادر على الضغط على إسرائيل، وهي سبب لكل التعطيل والإشكالية في عملية السلام"، مؤكدًا الرفض الفلسطيني لمقترح إجراء محادثات استكشافية مع إسرائيل برعاية أردنية، قائلا "نحن جربناها سابقًا، ولن نتوجه مرة أخرى لأنه ثبت فشلها".
وحذر القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الدكتور صلاح البردويل، من أن الجهود الأميركية التي يقودها جون كيري، هي جزء من عملية سياسية متكاملة تستغل ظروف المنطقة المتغيرة من أجل تصفية القضية الفلسطينية بالكامل.
وأكد البردويل، في تصريح صحافي، الخميس، أن "الشعب الفلسطيني لا يتحمل مثل هذه المحاولات، والمراهنة على كيري لا أمل يُرجى من ورائها، فهو يقود عملية سياسية متكاملة لتصفية القضية الفلسطينية، ويستغل في ذلك الظروف الموجودة في المنطقة لتمرير صفقة بطريقة ناعمة، وهو أيضًا يستغل وجود سلطة بلا مرجعية فكرية أو سياسية، وهي تحاول أن تنضم إلى هذه المسيرة تحت غطاء السلام، ولذلك نحن حذرنا من مغبة التورط في هذه اللعبة الأميركية الجديدة، وأكدنا أن سياسة واشنطن تقوم على أساس تصفية القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني لا يتحمل مثل هذه السياسة".
ورأى القيادي الحمساوي، أن انخراط السلطة الفلسطينية في هذه العملية، التي وصفها بـ"المعقدة" و"الغامضة"، ستؤثر سلبًا على جهود المصالحة ووحدة الصف الفلسطيني، مضيفًا "هذه عملية معاكسة تمامًا للمصالحة التي تقوم على أساس التمسك بالحقوق والثوابت، فإذا أدارت السلطة ظهرها لهذه الحقوق والثوابت, وانخرطت في الخطة الأميركية، فمعنى ذلك أنها أدارت ظهرها للحقوق الفلسطينية وللمصالحة، ولذلك نحن نراهن على أصحاب العقول والضمائر والمبادئ في حركة (فتح) أن ينتبهوا إلى خطورة هذه الخطة الأميركية، وأن ينحازوا إلى الحقوق والثوابت الفلسطينية".
وكشف "مركز القدس للعلاقات الدولية الإسرائيلية"، عن حجم الهوة التي وصل إليها المشهد السياسي، حيث علق المركز عبر موقعه الإلكتروني، وقال "إن غياب العاهل الأردني عبدالله الثاني عن أعمال اختتام المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت يُعد مؤشرًا للفشل، في جمع الأطراف على مائدة مفاوضات واحدة"، على حد تعليق المركز.    
ونقل "مصر الـيوم" تصريحات صحافية لعضو اللجنة المركزية لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات، في وقت سابق، علق فيها على قرارات الحكومة الإسرائيلية بطرح عطاءات 1000 وحدة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة، بأنه يعتبر "بمثابة التدمير الفعلي والرسمي لجهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهو مؤشر إضافي لفشل الجهود الأميركية في ما يتعلق باستئناف المفاوضات، وفتح الأفاق أمام تسوية سياسية مستقبلاً".
وتواجه تحركات الخارجية الأميركية وجهود ما بات يُعرف بـ"السلام الاقتصادي" حالة من الرفض في أوساط السياسيين والشارع الفلسطيني، وهو ما تؤكده تصريحات عضو قيادة "تجمع الشخصيات المستقلة" في الضفة الغربية، خليل عساف، لـ"الـعرب اليوم"، ودعا فيها إلى "ضرورة قطع الطريق أمام المحاولات الهادفة لتعزيز انقسامنا وتعطيل مصالحتنا، وبذل كل الجهود الممكنة في اتجاه إنهاء الانقسام، ووقف كل تظاهرة من اعتقال سياسي، وتقييد للحريات وتراشق إعلامي أهان رمزية قضيتا العادلة"، مطالبًا بصدّ كل محاولات أصحاب المصالح الفردية الخاصة لتسيير الانقسام، وذلك في إشارة إلى الموقف الأميركي المنحاز للاحتلال الإسرائيلي، والداعم لسياسات اقتصادية في الضفة تكرس الإنقسام، ولا يوجد حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه الحكومة الإسرائيلية، مساء الأربعاء، نيتها بناء ألف وحدة استيطانية في القدس الشرقية، وذلك بالتزامن مع تأكيدات قيادة "تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة" في غزة والضفة الغربية والشتات، برئاسة عضو الإطار القيادي لـ"منظمة التحرير" الدكتور ياسر الوادية، رفضها الشديد لخطط السلام الاقتصادي مع إسرائيل ولمساهمات بعض رجال الأعمال لتمريرها على حساب تضحيات الشهداء وصبر الأسرى وتحرير الأقصى، إرضاءً لطموحات الاحتلال.