القاهرة ـ علي رجب
أكد كثير من المفكرين ورجال الدين أن مصر لن تشهد حربًا أهلية رغم وجود الكثير من التيارات المتطرفة والمتشددة، لأن مصر طوال 14 قرنًا وهي تعيش في نسيج واحد إلا بعض المواقف القليلة، مشددين على أن "بيت العائلة" عليه دور كبير في نشر أفكار الوسطية والاعتدال. وأكد مستشار شيخ الأزهر للحوار الدكتور محمود عزب أن مصر لم تحدث فيها حرب دينية أو أهلية واحدة طوال الـ14 قرنًا، والأزهر دائمًا له دوره التنويري خلال
المرحلة الماضية، والأزهر لديه 3 دوائر أولها دائرة وطنية وهي ليست دائرة سياسية، والدائرة العربية الإسلامية، لأنه معهد العلوم العربية والإسلامية، فهناك أكثر من 106 دولة يأتي أبناؤها من مختلف أنحاء العالم إلى الأزهر سنويًا، والدائرة العالمية، والتي اقتحهما منذ عهد الشيخ رفاعة الطهطاوي، وكان له دور كبير في نقل المعارف.وشدد عزب خلال مؤتمر "بيت العائلة"، مساء الأربعاء، في نقابة الصحافيين، على أن "بيت العائلة معروف في الوطن العربي وفي أوروبا، وهم ينظرون إلى دوره باحترام شديد", لافتًا إلى أن أوروبا بدأت تلتفت إلى دور بيت العائلة بعد أن اكتشفت جهوده، وبدأت في توجيه الدعوات لممثليه لحضور المؤتمرات وورش العمل المختلفة، بهدف التعرف على الأبعاد الكاملة للتجربة المصرية، التي تعمل جاهدة على معالجة سلبيات متراكمة عن طريق العمل الجدي بعيدًا عن الأقوال"، لافتًا إلى أنه "من الطبيعي أن تظهر العيوب كافة عقب نشوب الثورات"، والمطلوب هو معالجتها تباعًا، مسلطًا الضوء على "أهمية إصلاح الخطاب الديني، والتركيز على نشر القيم المسيحية والإسلامية العليا والصحيحة"، كما لفت الدكتور عزب إلى الإصرار الكبير من الأزهر والكنيسة على تحقيق هذه الأهداف المشتركة، مضيفًا "أن الخطاب الديني الوسطي والمواطنة والوحدة الوطنية هما أساس بناء المجتمع وتنميته، في مواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية، وذلك من خلال نشر التعاليم العليا المشتركة بين الإسلام والمسيحية لإنارة الوعي الإيجابي لدى الشعب المصري، من خلال الحوار المتواصل والتعايش المشترك".وتابع أن الازهر كان له دوره الكبير في التاريخ المصري فقد قاد المقاومة ضد الاحتلال الفرنسية في ثورتي القاهرة الأولى والثانية، والموقف الثاني هو في ثورة 1919، والتي شهدت تفاعلاً كاملاً بين قساوسة الكنيسة ومشايخ الأزهر، وهو ما كان واضحًا من مولد شعار "عاش الهلال مع الصليب".
والموقف الثالث هو لحظة اعتلاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر منبر الأزهر ليخطب خطابه الشهير لحظة العدوان على مصر من قبل الدول الثلاث فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، وهو المعروف بـ"العدوان الثلاثي على مصر".
وأخيرًا موقفه من الثورة المصرية ودوره الكبيرة فيها، وتأكيد أن ضحايا الثورة هم شهداء.
وأوضح أن "بيت العائلة" هو هيئة مصرية وطنية يتكون من الأزهر مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة القبطية الإنجلية والكنيسة القبطية الكاثوليكية، وهو يعمل كمؤسسة مستقلة ومجلس عملي موضوعي علمي بمشاركة الأزهر والكنيسة لإصلاح الثقافة الدينية في مصر، بالتزامن مع العمل على لم الشمل والتصدي للمشاكل وإصلاح الخطاب الديني تأكيدًا على وسطيته، لافتًا إلى الدور المهم الذي يلعبه الأزهر مع الكنيسة في التصدي لجميع الصعوبات.
والهدف الثاني لبيت العائلة هو دراسة مشاكل الاحتقان الطائفي، وكفانا دفن رؤوسنا في الرمال، وعلينا أن نخرج من الصورة التقليدية، وهي أن نأتي بشيخ وقس، ثم يقبّل أحدهم الآخر, و"بيت العائلة" ليس جلسة عرفية أو غيرها"، مؤكدًا أن "بيت العائلة ليس بديلاً لدولة القانون، بل هو يطالب بتطبيق القانون على الجميع".
وتابع عزب أن "بيت العائلة" له هدفان: الهدف الأول هو إعادة صياغة الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي في الشارع والمدرسة والبيت، وهذه الحالة أصابها عطب كبير في الوقت الماضي، ونسعى إلى تغيرها خلال المرحلة المقبلة، وهي تستند إلى القيمة العليا في الإسلام والمسيحية، فإذا لخص الإسلام لخص في "الرحمة" والمسيحية في "المحبة".
وأكد سكرتير المجمع المقدس والأمين العام المساعد لبيت العائلة المصرية الأنبا آرميا، أنه يرى "بيت العائلة" بمثابة حلم كفيل بجمع المصريين جميعًا تحت كلمة واحدة.
وأضاف الأنبا آرميا أن "بيت العائلة" يقدم العديد من المقترحات كحلول للمشاكل التي تواجه المجتمع المصري، لافتًا إلى أن "بيت العائلة" يعقد اللقاءات والمؤتمرات في جميع محافظات مصر للوصول إلى الشعب المصري، وتصحيح المفاهيم من أجل الوصول إلى شخصية معتدلة ترسخها الأديان، والتي تجمعها جميعًا المبادئ المشتركة.
وأكد أن هناك مجموعة من اللجان لها مقرر ومساعد يشارك فيها أعضاء من مختلف أبناء الشعب، وفي 19 حزيران/ يونيو 2011 كان هناك ندوة لبيت العائلة عن "مستقبل الثورة المصرية"، وتم دعوة نخبة من المفكرين والسياسيين لوضع رؤية للمجتمع المصري عقب الثورة.
وأوضح أن "بيت العائلة" يسعى إلى فتح المزيد من الفروع له وفقًا للمعايير التي وضعها، وقام بفتح العديد من الفرووع في محافظات مصر في الوجه القبلي والوجه البحري، وهناك المزيد من المتوقع أن يتم فتحها، من أجل الوصول إلى الهدف في إعلاء الوسطية في مصر، والقضاء على التعصب، لافتًا إلى أن الأزهر والكنيسة في الوقت الجاري عليهما الدور الأكبر في الحفاظ على التعايش والتسامح بين المصريين، والذي ظل موجودًا في مصر حتى ما وصفه بارتفاع صوت المتطرفين، مضيفا أنه على ثقة بأن وجود علماء مستنيرين على رأس مؤسسة الأزهر مثل الدكتور أحمد الطيب، وبطريرك الكنيسة البابا تواضروس الثاني ينشر الطمأنينة بين المصريين.
وأكد الكاتب الصحافي محمد إحسان عبد القدوس أن الفتنة الطائفية من أهم المشاكل التي يواجهها المجتمع المصري، مشددًا على أنه يجب ألا يترك ملف الفتنة للحل الأمني ولكن للمؤسسات المختلفة وفي مقدمتها الأزهر والكنيسة المصرية، مضيفًا "بيت العائلة" في نقابة الصحافيين، مؤسسة مهمة في إنهاء مشاكل الفتنة الطائفية في مصر، معتبرًا أن الأزهر والكننيسة لهما دور كبير في القضاء على الفتن الطائفية".
وقالت الناشطة السياسية وعضو "المصريين الأحرار" مارغريت عازر "إن المصريون هم نسيج واحد لأنها دولة الوسطية، وهي تضرب أفضل مثل وأكبر قدوة في التعايش بين المواطنين"، لافتة إلى أنها ستنتصر على التشدد والتطرف الحالي، كما انتصرت على الكثير من الأزمات السابقة.
وأضافت عازر أن "بيت العائلة عليه الدور الأكبر في لم شمل المصريين، في ظل ارتفاع أصوات المتشددين في الوقت الجاري".