رفح ـ يسري محمد
أكد شهود عيان أن عصابات التهريب المنتشرة في صحراء سيناء يقومون بإبتزاز كل من يصادفهم سواء من المهاجرين الافارقة او من ينافسهم في هذه المهنة من الخارجين عن القانون، بل ويستخدمون المصارف الإسرائيلية والأوروبية في تحويل الفداوي التى يحصلون عليها من أهالي المخطوفين .وأشاروا ألى أن مستشفى رفح المركزي مثلا يضم أربعة متسللين إريتريين ضبطوا على
الحدود بين مصر وإسرائيل بعد أن تم تعذيبهم بواسطة عصابات التهريب الذين قاموا بإبتزازهم مقابل تهريبهم إلى إسرائيل " الجنة الموعودة " للمهاجرين الأفارقة الذين يخاطرون بحياتهم من أجل الوصول إليها.ففي داخل عنبر الرجال بالدور الثاني في مستشفى رفح يتلقى المهاجرين الإريتريين الاربعة إلياس كسات 19 سنة ، وميرهانى منجستاب ، 29 سنة ، وميكيرا يوهانس 22 سنة وتخليد ألم 24 سنة العلاج بعد أن ضبطهم بواسطة قوات الأمن المركزي عند العلامة الدولية رقم 11 على الحدود بين مصر واسرائيل وأودعوا سجن القطاع إلا أنهم أصيبوا بنوبات حادة من آثار نزلات معوية ومرض جلدي " الجرب" وآثار تعذيب بمختلف أنحاء جسدهم.وقال المهاجرون المحتجزون داخل عنبرهم في المستشفى "إنهم خرجوا من إريتريا منذ ثمانية شهور تبادلتهم خلالها عصابات التهريب في السودان التي هربتهم عبر الحدود إلى جنوب مصر حتى وصلوا إلى سيناء وهناك تم إحتجازهم طوال هذه المدة وتعرضوا لعمليات تعذيب في مختلف أنحاء جسدهم النحيل".وقال احدهم "إن العصابة كانت تعذبهم بتكسير أسنانهم وكسر أرجلهم بمطارق كما أنهم تعرضوا لعمليات إبتزاز رهيبة حيث أجبرتهم عصابة التهريب التى لا يعرفون أسماء أحد منها على الاتصال بذويهم بإريتريا للمطالبة بدفع فدية 30 ألف دولار للفرد الواحد مقابل النجاة بحياتهم".
وأضافوا أن ذويهم بإريتريا وعن طريق مساعدة الأهالي هناك قاموا بدفع المبلغ المطلوب الذي حول كما طلبت العصابة إلى أحد البنوك الإسرائيلية وفى أحد المرات طلبوا تحويل مبالغ على بنوك أوروبية بعملة اليورو الأوروبي ".
وقال إلياس كسات 19 سنة إنه خلال مدة إحتجازهم كانوا موثوقى الأيدى بالسلاسل الحديدية وكان طعامهم في اليوم هو رغيف واحد ، فيما ذكر ميرهانى أنهم كانوا خمسة حيث كانت برفقتهم فتاه إريترية إلا أن السلطات أوقفتها في القاهرة .
وقال ميكيرا أن ذوي الأربعة دفعوا مبالغ وصلت إلى 120 ألف دولار مقابل الإفراج عنهم من أيدى عصابات التهريب التي أطلقت سراحهم وتم ضبطهم مؤخرا بمعرفة قوات الأمن المركزي المصري المتمركزة على خط الحدود في رفح.
من ناحيتها أفادت الإريترية هريدى بسفاى البالغة من العمر25 سنة ومعها رضيعها راقى أمانى حجازى 3شهور قالت فى لقاء معها بالدور الثاني بقسم الحريم في مستشفى رفح المركزي أنها جاءت من دولتها لسيناء عبر عصابات التهريب بهدف التسلل لإسرائيل للبحث عن عمل وأنها قامت بدفع مبلغ مالي كبير وصل إلى ثلاثة آلاف دولار أميركي لأحد العصابات المنتشرة على الحدود.
وقالت بسفاي التي تتحدث العربية ولا توجد أي حراسة أمنية حولها أن زوجها قد سبقها فى إجتياز الحدود والعبور لإسرائيل وأرادت هى الأخرى أن تلحق به .
وقال الطبيب المشرف على قسم الحريم بأن المتسللة دخلت المستشفى وهى تعانى من حالة ضعف عام وهزال شديدين ومعها إبنها الذي كان يعانى من حالة جفاف وتم شفائه بعد تقديم العلاج اللازم له .
أما عن طرق تهريب الأفارقة فقال أبو حمدان من قرية جنوب الشيخ زويد هناك ثلاثة طرق الأول عبر نفق الشهيد احمد حمدي ويتوجهون بسيارات دفع رباعي حتى منطقة العجرة الحدودية جنوب رفح من الكيلو 13 وحتى الكيلو30 مرورا بالطريق الساحلي شرق قناة السويس ثم بالوظة ورمانة وبئر العبد والعريش والشيخ زويد بعيدا عن الطرق الرئيسية حيث يمرون في كل هذه المراكز من طرق تقع إلى الجنوب منها جميعا ولا توجد عليها اى حراسات أمنية وهم خبراء بها.
أما الطريق الثاني فعبر كوبرى السلام أو معديه القنطرة ويسلك نفس الخط بدءا من بالوظه.
وبعد الثورة عندما شددت القوات المسلحة رقابتها على هذين الطريقين بدأ المهربون في إستخدام المراكب الصغيرة في تهريب الأفارقة من جنوب السويس الى شاطئ القناة الشرقى ومنها الى وسط سيناء وتحديدا مركز نخل على الحدود عبر الوديان الجبلية ومنها إلى سلك الحدود متهما ضاف النفوس من رجال الأمن سواء قبل وبعد الثورة في تسهيل مرور الأفارقة .
ويضيف أبوحمدان "بأن التهريب من المهن الخطيرة لا يقوم بها إلا من ليس له مهنة ، وبرغم مخاطره إلا أن الدخل الذي حققه من تهريب العبيد يكفيني لأعيش ملكا في قلب الصحراء القاسية وأحيانا أحقق في اليوم الواحد أكثر من عشرة آلاف دولار من هذا العمل"
ودعا إلى منع ظاهرة التهريب قبل وصولها لسيناء، "فالمهرب هنا هو الحلقة الأخيرة في مسلسل التهريب، ولحل تلك الأزمة يجب أن يمنح سكان الحدود إستقرارا ماديا وتنمويا لمنع تلك الظواهر تماما".
وطالب بالا يتحمل أهل سيناء وحدهم نتائج هذه التجارة المشينة فضبط الحدود فى العالم كله من مسؤولية الأجهزة الأمنية بالتعاون مع السكان المحليين وتأمين سيناء يبدأ من حدود مصر مع السودان. ويقول أحد عقلاء وسط سيناء "إن عبور الأفارقة إلى سيناء من خلال التهريب هو رغبة إسرائيلية بهدف تشغيلهم فى الحقول بدلا من العمال الفلسطينيين او لأعداد البعض منهم مخابراتيا وإعادتهم إلى دولهم ومنهم من يخدم في صفوف الجيش الإسرائيلي."
ونبه إلى أن البؤس والأسى الذي يتعرض له الأفريقي في سيناء يساعد الآخرين على غرس الكراهية في نفوسهم ضد مصر وأبناء سيناء أنفسهم.
ويؤكد هذا الكلام سالم من الصرصورية بأنه في رمضان الماضي أثناء تواجده فى مزرعته شاهد رجلا نحيلا ذو ملامح أفريقية خائفا ومرتعبا يهاب أى شيء ولما رآني حاول الفرار ولكنه لم يستطع بسبب الإعياء الذي ألم به .
وأضاف سالم قائلا "لما إصطحبته للمنزل وقدمت له الطعام والشراب والملابس وقص ما تعرض له من تعذيب وإبتزازعلى أيدي عصابات التهريب وأنه شاهد بأم عينيه زملاء له في رحلته قد قتلوا ونزعت أعضائهم وأستطاع هو الهرب"بادرته بسؤال هل لو قامت حرب بيننا وإسرائيل وأنت مجند معهم رد بدون تفكير قائلا "سأقتلك وأتخلص من كل سيناوي وبعد إسضافته حاولت مساعدته بالعودة إلى بلاده إلا أنه إصر على الدخول لإسرائيل عبر الحدود .
وتقول يوميات حمدي العزازي الذي أسس عام 2006 في مدينة العريش مؤسسة الجيل الجيد لإنقاذ وتحسين أوضاع اللاجئين الأفارقة في مصر "إنه مع تزايد عمليات الإتجار في البشر داخل صحارى مصر الحدودية، وزيادة إختطاف اللاجئين أصبح اللاجئون خلالها ضحايا جرائم الاتجار بالبشر على أيدي بعض عصابات التهريب البدوية كما تعرضت نسبة كبيرة منهم للمتاجرة بالأعضاء البشرية، وهى الظاهرة التي بدأت بالتزايد خلال الأعوام الماضية لتصل مصر إلى ما نسبته 10 % من تجارة البشر عالمياً ورغم تزايد المطالبات بوقف عمليات إختطاف وإحتجاز اللاجئين الأفارقة، إلا أن الظاهرة مستمرة، وإن كانت الحكومة المصرية قد شكلت لجنة تابعة لمساعد وزير العدل المصري لشئون حقوق الإنسان، إلا أن هذه اللجنة لم تبدأ عملها بعد "وتشير المنظمة الدولية للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن تعداد اللاجئين في مصر يتزايد، حيث وصل إلى أكثر من 56 ألفاً في كانون الثاني/ يناير 2013 .