بكين ـ مازن الأسدي
وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الصين طلبا لمساعدتها في كبح جماح حليفتها كوريا الشمالية التي تهدد بشن حرب نووية ضد كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، ودعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى السلام والحوار وإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية خلال المحادثات التي جرت مع وزير الخارجية الأميركي. ويسعى كيرى، خلال زيارته الأولى إلى الصين باعتباره وزيرًا للخارجية، إلى إقناع الزعماء الصينيين بممارسة ضغوطهم على كوريا الشمالية بالحد من خطابها الإعلامي الميال إلى النزعة الحربية والعودة إلى طاولة المفاوضات النووية، معربًا عن رغبته أن تقوم الصين باتخاذ موقفًا أكثر نشاطًا وفعالية تجاه كوريا الشمالية التي هددت خلال الأسابيع الماضية بشن حرب نووية ضد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وقال كيري قبل أن يغادر سيول عاصمة كوريا الجنوبية متجها إلى العاصمة الصينية بكين، إن الصين باعتبارها الشريك التجاري الرئيسي لكوريا الشمالية والدعم المالي لها وأقرب حلفائها الدبلوماسيين ، لديها قدرة فريدة في استخدام نفوذها ضد هذه الدولة المعزولة والفقيرة. وأضاف كيري مخاطبا الرئيس الصيني شي جينبينغ في مبنى البرلمان الصيني المعروف باسم قاعة الشعب العظمى، إن هذه لحظة حرجة حافلة ببعض التحديات الخطيرة جدًا المتمثلة في تحديات شبه الجزيرة الكورية وتحدي إيران وبرنامجها النووي ومشكلة سورية والشرق الأوسط والمشاكل الاقتصادية حول العالم وهي كلها مشاكل وتحديات تحتاج إلى دعم وعون. وأشار كيري بعد الاجتماع إلى أن محادثاته من الرئيس الصيني كانت بناءة وتميل نحو الأمام ، ولكنه لم يدل بمزيد من التفاصيل في هذا السياق، ونسب التليفزيون الصيني إلى رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ قوله أن التوتر المتصاعد في شبه الجزيرة الكورية ليس في مصلحة أي طرف. وقال أيضًا، إن كافة الأطراف لابد وأن تتحمل مسؤولياتها للحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي في المنطقة و تجاه ما سوف يترتب من نتائج، مشيرًا إلى أن إثارة القلاقل والأعمال الاستفزازية في شبه الجزيرة وعلى المستوى الإقليمي سوف يضر بمصالح كافة الأطراف وشبه ذلك بقيام المرء برفع صخرة ضخمة ثم إلقائها على قدمه. وكانت علاقة الصين بهيلاري كلينتون التي شغلت منصب وزارة الخارجية قبل كيري ، كانت تتسم بالحدة والغضب وكانت تنظر إليها باعتبارها غاية في الوقاحة والخشونة في خلافاتهما حول كل شئ بداية من حقوق الإنسان وحتى المنازعات حول الأراضي مثل بحر جنوب الصين. وتقول صحيفة "غلوبال تايمز التابلويد" ذات النفوذ والجمهور العريض من القراء ، إن كلينتون قد ساهمت في تأجيج حالة عدم الثقة بين البلدين خلال سنواتها الأربع في الخارجية الأميركية، وأنها تأمل في قيام كيري بجذب الصين في الاتجاه الآخر. وتأتي زيارة كيرى لآسيا التي تشمل توقفه في طوكيو، الأحد ، بعد أسابيع من هياج كوريا الشمالية وتهديدها بشن حرب نووية منذ قيام الأمم المتحدة بفرض عقوبات جديدة ردًا على قيامها بثالث اختبار نووي في شهر شباط/ فبراير الماضي، كما أكدت في أكثر من مناسبة أنها لن تتخلى عن أسلحتها النووية، واعتبرتها الكنز الضامن لأمنها. ولم يشر تليفزيون كوريا الشمالية عن زيارة كيري إلى الصين، السبت، وركز في كل تقاريره على استعدادات البلاد للاحتفال بميلاد مؤسس البلاد كيم إيل سونغ. وقامت صحيفة "رودونغ سينمون" المتحدثة باسم حزب العمال الحاكم من جديد بشجب التدريبات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن نشوب حرب نووية أصبح الآن أمر واقع بسبب قوات كل من الولايات المتحدة وألعوبتها كوريا الجنوبية، مشيرة إلى أنه حال تجرؤ الأعداء على التحرش بكوريا الشمالية على نحو مستهتر فإنها سوف تنسفهم فورًا بضربة مميتة باستخدام الوسائل النووية القوية. إلا أن وكالة أنباء "يوناب" الكورية الجنوبية نسبت إلى مصدر رسمي أن كوريا الشمالية لم تحرك أي من منصات صواريخها المتحركة على مدى اليومين الماضيين وذلك بعد أن ذكرت تقارير إعلامية أن خمس صواريخ تحركت إلى مكان على الساحل الشرقي للبلاد. وكانت الصين قد وقفت إلى جانب كوريا الشمالية خلال الحرب الأهلية التي جرت خلال الفترة من 1950 إلى 1953 وضد كوريا الجنوبية التي تدعمها الولايات المتحدة وهي الآن مترددة في ممارسة الضغوط على بيونغ يانج خوفا من عدم الاستقرار الذي يمكن يحدث لو انفجر الوضع الداخلي في الشمال، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدفق هائل من اللاجئين إلى الصين، كما أنها تنظر بعين الشك والارتياب للتدريبات العسكرية الأميركية في كوريا الجنوبية. وقالت وكالة "شينخوا" في تعليق لها، إن واشنطن تشعل نيران الحرب والتحرش في شبه الجزيرة الكورية من خلال استعراضها لقوتها، كما أنها تواصل إرسال المزيد من المقاتلين وقاذفات القنابل والسفن المضادة للصواريخ إلى مياه شرق آسيا، كما أنها تقوم بتدريبات عسكرية ضخمة مع حلفائها في آسيا على نحو استعراضي مثير يوحي بضربة وقائية. ومع ذلك فإن المسؤولين في أميركا يعتقدون أن خطاب الصين بشأن كوريا الشمالية قد بدأ في التحول في إشارة إلى خطاب حديث للرئيس الصيني، قال فيه إنه لا يمكن لأي دولة بأن تلقى بالمنطقة والعالم في حالة من الفوضي لتحقيق مكاسب ذاتية ، ولم يشر الرئيس الصيني صراحة إلى بيونغ يانغ. وقال كيري في سيول، إن زعيم كوريا الشمالية البالغ من العمر 30 عاما يرتكب خطأ جسيمًا لو أقدم على إطلاق صواريخ متوسطة المدى، كما ألمح إلى تفضيل الولايات المتحدة إلى إنهاء التوتر بالطرق الدبلوماسية ولكنه أكد على كوريا الشمالية لابد وأن تتخذ خطوات جادة نحو التخلص من أسلحتها النووية. وتعتقد الولايات المتحدة وحلفائها بأن كوريا الشمالية أخلت بصفقة المعونة مقابل التخلص من الأسلحة النووية التي أبرمت عام 2005 ، وذلك عندما أجرت اختبار نووي عام 2006 واستمرت في نشاط تخصيب اليورانيوم ومن شأن ذلك أن يمنحها طريقًا ثانيًا للسلاح النووي، إضافة إلى برنامجها الآخر الذي يعتمد على البلوتونيوم.