حركة حماس

منعت الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة الرجال من العمل في محال بيع الألبسة النسائية، وكذلك عرض الألبسة النسائية الداخلية أمام المحال.وأفادت مصادر خاصة لـ"مصر اليوم" أن مشادات كلامية وقعت بين عناصر أمنية وعدد من تجار وباعة الملابس النسائية في سوق مخيم جباليا (شمال قطاع غزة)، أثناء محاولتهم فرض هذه "القوانين" الجديدة، بينما اشتكى أصحاب محلات لبيع ملابس وعطور وأغراض زينة نسائية من تعميمات تلقوها من عناصر في المباحث العامة التابعة للحكومة المقالة، تطالبهم بضرورة تأنيث محلاتهم واقتصار العمل فيها على الفتيات. ويتجول عناصر المباحث في الأسواق العامة، مستهدفين المحلات ذات الطابع النسائي، حيث يدققون في هويات أصحابها والعاملين لديهم، قبل أن يطلبوا منهم بصورة إلزامية تعيين فتيات محجبات لديهم.وقوبل القرار باستياء شديد لدى غالبية أصحاب المحلات التجارية، الذين قال عدد منهم أنهم قد يضطرون إلى إغلاق محلاتهم لسبب هذا القرار، لعدم قدرتهم على دفع راتب لموظفات في ضوء ضعف مردود العمل، وأوضح مأمون صرصور، وهو صاحب محل لبيع الملابس النسائية في سوق عمر المختار التجاري وسط غزة ''أبلغونا أن الأمر تحت طائلة القانون، وسنتعرض للمساءلة، حال عدم التنفيذ، لكننا نرفض ذلك''، وأضاف وهو ينسق عرض بضاعته في محله الصغير ''هذه خطوة ليست في وقتها، ولا في مكانها، نحن نعمل منذ سنوات عدة ولدينا سمعتنا في السوق، وأصلاً ما نبيعه بالكاد يكفينا معاشًا، والإيجار السنوي للمحل، الذي يعود لحكومة حماس''.وقال أبو محمد، الذي يبيع العطور في سوق الشيخ رضوان (غرب غزة)، "هذا إجراء تعسفي غير مسبوق في مجتمعنا، الذي لم يشهد تقييدًا للحريات كما يحصل منذ سنوات''.من جانبه، نفى رئيس المكتب الإعلامي الحكومي إيهاب الغصين وجود قرار لديها بتأنيث محلات بيع الملابس والعطور النسائية، مؤكدًا "إن الحكومة ستعمل على محاسبة مروجي مثل هذا القرار".يذكر أن حكومة "حماس" فرضت على المحلات التجارية في الأسواق العامة سلسلة إجراءات مشددة، أبرزها حظر عرض الدمى التي تستخدم لعرض الملابس شبه العارية والملابس النسائية الداخلية.وينظر نشطاء حقوق إنسان بقلق إلى سلسلة إجراءات إتخذتها حركة "حماس"، بصورة تدريجية، سعيًا لما يقولون أنه فرض أسلمة المجتمع والحد من الحريات العامة، لا سيما بعد منع الأجهزة الأمنية الشباب في قطاع غزة، الأسبوع الماضي، من ارتداء السراويل ذات الخصر المنخفض، وقصات الشعر الحديثة، بذريعة أنها تتنافى مع قيم وتقاليد شعبنا. في غضون ذلك، بدأ صراع حاد داخل حركة "حماس"، التي تسيطر على القطاع الساحلي الفلسطيني، بشأن طبيعة هويتها الإسلامية، حيث حاول المتشددون، وآخرون من داخل الحكومة، فرض وجهات نظرهم في الشهور الأخيرة، وقد نجح كبار مسؤولي الحكومة في زجرهم حتى الآن، لكن الشكوك لا تزال قائمة في شأن المدى الزمني لقدرة الحكومة على القيام بذلك.فيما أشار الطبيب النفسي والمراقب عن كثب للأحداث إياد السراج إلى أن "هناك شكوك قليلة في الوقت الحالي بشأن ازدياد النزعة الدينية في غزة، التي كانت على الدوام مجتمعًا محافظًا اجتماعيًا ودينيًا، حيث أنه دون أي تعليمات من الحكومة ترتدي غالبية النساء الزي الإسلامي، وعدد كبير من الرجال ملتحين"، عازيًا هذا التحول إلى "العديد من التطورات لحقيقة أن هذا التعبير الظاهري عن الهوية يزداد بصورة عامة بين مسلمي الشرق الأوسط، وحماس تمتلك زمام السلطة منذ أكثر من عامين، وأن أولئك الأفراد الذين يعملون في مراكز متوسطة في السلطة، والطامحين في الحصول على وظائف، يريدون لفت الانتباه إليهم، والحصول على ترقيات".وكانت وزارة الأوقاف في حكومة "حماس"، التي تنظم حملة الدعوة في شاطئ البحر، منذ بدء الموسم الصيفي تحت اسم ''حراسة الفضيلة''، والتي قال مديرها محمد الفرا أنها "تهدف لنشر الفضيلة وحفظ السمة الإسلامية المحافظة على شاطئ البحر، لاعتباره المتنفس الأبرز لسكان القطاع الساحلي"، ذاكرًا أن "الحملة تعتمد أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، وتقتصر على تقديم النصيحة، لمراعاة ضوابط الشريعة الإسلامية في أسلوب الاستجمام على الشاطئ، الذي قد يكون معرضًا لمخالفة هذه الضوابط".موضحًا أن "القائمون على الحملة يعتمدون على الحديث إلى عائلات المصطافين في الكافتيريات المقامة على الشاطئ، ويقدمون لهم بوسترات تحمل آداب الترفيه على شاطئ البحر، التي تدعو إلى الترويح عن النفس دون خدش الحياء، كما تدعو إلى ستر العورات، وعدم الاختلاط، وحفظ النظر من الحرام، والتخلق بالمروءة".وتتفاوت ردود فعل المصطافين مع دعوات القائمين على حملة الفضيلة، إذ يرفض الكثير منهم مجرد الاستماع إلى نصائحهم، ويؤيد كثير من الفلسطينيين في قطاع غزة المحافظ مراعاة إتخاذ إجراءات منضبطة في الأماكن العامة، لكن عددًا من الليبراليين ينتقدون بصورة صريحة إجراءات حركة "حماس"، لاعتبارها تقييدًا للحريات.