الرباط ـ رضوان مبشور
توصل "مصراليوم" إلى النسخة الكاملة لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بشأن نزاع الصحراء الغربية، وهو التقرير الذي أعده كريستوف روس المبعوث الأممي للمنطقة، من خلال زيارته في آذار/مارس الماضي، لكل من المغرب والجزائر وموريتانيا وإسبانيا. وأفاد التقرير، أن "كريستوف روس اقترح على كل من العاهل المغربي محمد السادس، والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، توليه القيام بنقل رسائل شفوية بينهما خلال رحلاته الدبلوماسية المرتقبة للبلدين المتصارعين بشأن قضية الصحراء، وهذا المقترح جاء بعدما صرح بوتفليقة بأن أي خيار لا يقر بإجراء استفتاء شعبي يقرر من خلاله شعب الصحراء الغربية مصيره، إما بالانفصال عن المغرب، أو الانضمام إليه، أو اختيار مشروع الحكم الذاتي الموسع المقترح من طرف الرباط، فالجزائر لا تعتبره حلاً لنزاع الصحراء الذي استمر لأكثر من 38 عامًا". وقال بان الإثنين الماضي، خلال جلسة الدول الـ 15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، الذي يضم المغرب كعضو غير دائم في المجلس، "إن مبعوثه الشخصي كريستوف روس، سيدشن في الأشهر المقبلة جولة أخرى للعواصم المعنية بملف نزاع الصحراء، ويقصد الرباط والجزائر ونواكشوط ومدريد، وذلك من أجل القيام بمشاورات جديدة مع أطراف النزاع، وإذا تحققت النتائج المرجوة، يمكن الدخول في مرحلة الدبلوماسية المكوكية، على أن يتم تحديد جدول أعمال وكيفية انعقاد لقاء جديد بين المغرب من جهة، وجبهة "البوليساريو" المدعومة من طرف الجزائر من جهة أخرى، اعتمادًا على النتائج التي سيحققها هذا المسلسل". وكشف التقرير عن أن كريستوف روس، الذي تم تعيينه مبعوثًا أمميًا في الصحراء الغربية منذ العام 2009، وقف على انقسام في صفوف مواطني الصحراء، بين مؤيد للحكم الذاتي الموسع الذي اقترحه المغرب، والانفصال الذي تطالب به جبهة "البوليساريو"، وأن الزيارة أكدت أن الصحراء الغربية، وعلى الرغم من خصوصياتها القبلية والثقافية، لكنها سياسيًا منقسمة، وأنه وبعد الاستماع إلى طيف كبير من الفاعلين المدنيين والنشطاء الحقوقيين، يصعب الجزم بكون أحد الخيارين هو الأكثر عمقًا وانتشارًا، لكن النقاشات التي استمع إليها روس فتحت شهية أكثر لتوسيع الاتصالات والمناقشات، وبخاصة مع الشباب والنساء". وجاء في التقرير الأممي، أن كريستوف روس وقف على الحجم الكبير للغضب والحقن المتصاعد لدى الجيلين الثاني والثالث من صحراويي مخيمات تندوف، حنق لا يعود فقط إلى انسداد أفق المفاوضات بشأن وضع الصحراء، بل لغياب فرص العمل، وكثير منهم عبر عن مساندته لبعض الخيارات المتطرفة من قبيل استئناف الحرب على المغرب، وأن البعض أكد أن حالة الحرمان تدفع البعض إلى الانخراط في أنشطة غير مشروعة إجرامية وإرهابية، ودعا روس في جميع لقاءاته مع مختلف الفرقاء إلى التهدئة والصبر، وأن خيار الحرب سيؤدي إلى أضرار أخرى، كما طرح روس على كل من محمد السادس وعبدالعزيز بوتفليقة ثلاثة أفكار جديدة من أجل التوصل إلى حل توافقي مقبول من جميع الأطراف، فالفكرة الأولى تفيد أن روس سيقوم بعقد لقاءات منفصلة مع كل طرف على حدة، ويطلب من كل منهم الإقرار بكون المفاوضات تستلزم تقديم تنازلات، وأن روح التوافق هي ما يجب أن يسود، وعلى هذا الأساس يطلب روس من كل طرف تقديم أفكار ملموسة عن طبيعة، وعناصر الاتفاق الممكن تحقيقه بشأن هذا الملف، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى فترة من النشاط الدبلوماسي المكوكي وإغناء مسلسل التفاوض". وقدم روس المقترح الثاني الذي يقول "إن على كل طرف من الأطراف، أن يفكر في كيفية طرح أفكاره بطريقة جديدة تختلف عما سبق طرحه، في أفق التوصل إلى لقاء جديد وجهًا لوجه، الفكرة تقوم على تقديم كل طرف من الطرفين، الإيجابيات والمصالح التي تحققها مقترحاتها للطرف الآخر وليس الاكتفاء بالدفاع عن مصالحه، أما الفكرة الثالثة والأخيرة التي اقترحها المبعوث الأممي تتمثل في دعوة الأطراف إلى عدم الحديث عن الوضع السياسي النهائي للصحراء في المدى القريب خلال المباحثات، وذلك بمناقشة كيفية إدارة الأقاليم الصحراوية بطريقة عملية وبمنهجية لا تؤثر على الوضع النهائي الذي ستحدده المفاوضات المباشرة في حال انعقادها". وأوضح التقرير أن المبعوث الأممي كريستوف روس له أفكار إضافية من أجل إنهاء النزاع المفتعل في المنطقة منذ 1975، من قبيل تحسين العلاقات المغربية الجزائرية، عبر دعم اللقاءات الوزارية التي تجري بين حكومتي البلدين، والتركيز على المجالات ذات الأولوية، والتي تعكسها الرسائل المتبادلة بين الملك المغربي محمد السادس والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، كما اقترح روس على المفوض الأممي في شؤون اللاجئين إلى توسيع برنامج ندواته ولقاءاته ليشمل الصحراويين، ويقوي فرص اللقاء بين الصحراويين المقيمين في الأقاليم التابعة للمغرب، والصحراويين الموجودين في مخيمات تندوف على التراب الجزائري، كما يسعى روس إلى استخدام ورقة "اتحاد المغرب العربي" غير المفعل منذ تأسيسه في مدينة مراكش المغربية في 1989، لحث الدول الأعضاء (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا) على المساهمة في تحقيق تقدم في ملف الصحراء الغربية. وفي سياق متصل، استقبل العاهل المغربي محمد السادس، في القصر الملكي في فاس، شرق العاصمة الرباط، الأربعاء، المبعوث الأممي للصحراء كريستوف روس، بحضور وزير الخارجية والتعاون المغربي سعد الدين العثماني. وقال بيان صادر عن الديوان الملكي، نشرته وكالة "المغرب العربي للأنباء"، "إن الاستقبال يندرج في إطار استئناف جهود المبعوث الأممي، بعد الضمانات والتوضيحات المقدمة لملك المغرب من طرف بان كي مون، خلال الاتصال الهاتفي في 25 آب/أغسطس 2012، وبخاصة بشأن طبيعة مهمته، ومعايير التفاوض التي تؤكد في هذا الشأن وجاهة المبادرة المغربية، بمنح حكم ذاتي موسع للصحراء تحت السيادة المغربية، الذي تقدمت به الرباط عام 2007، وأن العاهل المغربي أكد انخراط المغرب وتعاونه التام مع جهود الأمم المتحدة، وأعرب عن العزم الأكيد للمغرب للمضي قدمًا من أجل البحث عن حل عادل وواقعي، واعتبر مشروع الحكم الذاتي المقدم من طرف بلاده، حلاً مفتوحًا وذا مصداقية، كفيلاً بوضع حد لهذا النزاع الذي تسبب في عقود من التفرقة، وأكد تشبث المغرب الدائم بتعميق علاقات الأخوة وحسن الجوار مع جارته الشرقية الجزائر، والتزام المملكة ببناء مغرب عربي جديد، قادر على الاستجابة للتحديات والتهديدات المتعددة التي تواجهها المنطقة". وأضاف البيان ذاتهأ، أن "الملك محمد السادس وروس، تبادلا أطراف الحديث بشأن المخاطر المحدقة بمجموع منطقة الساحل والصحراء، في ظل تفاقم التهديدات الأمنية، وأن عدم حل نزاع الصحراء يمكن أن يشكل عاملاً لاتساع حجم هذه التهديدات، وبخاصة من خلال إعاقة التعاون الفعال بين دول المنطقة".