غزة ـ محمد حبيب
تصاعدت قضية ملاحقة أصحاب "البلاطين الساحلة" و"قصات الشعر" في غزة, في الآونة الأخيرة، حيث انتشرت على صفحات "فيسبوك" الرسمية والشخصية، حالة من النقاش الحاد و"بوستات"، ما بين النفي والتأكيد لوجود حملة أمنية تقوم عليها الأجهزة الأمنية في القطاع لملاحقة هؤلاء الشباب، في ما غطّت حالة اللغط هذه، على قضايا أكثر أهمية, مثل الأسرى المضربين عن الطعام، وردود الأفعال بعد استشهاد الأسير ميسرة حمدية.
ونفى المكتب
الإعلامي للحكومة الفلسطينية المقالة، وجود أية حملات أمنية تقوم بها الأجهزة التابعة لها لملاحقة بعض التصرفات السلبية من الشباب في قطاع غزة، مثل ارتداء "البنطال الساحل" أو "قصات الشعر الغربية".وأكد رئيس المكتب إيهاب الغصبن، في تصريح له، أن الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابي لحركة "حماس" تستعد لإطلاق، ما وصفه بالمشروع الدعوي "أخلاقي سر نجاحي" في جامعات وكليات قطاع غزة، موضحًا أن "الحملة ستركز على معالجة أهم الظواهر السلبية لدى الطلاب، أهمها البنطال الساحل، والشعر الواقف، والجلوس في الطرقات ومعاكسة الفتيات، والتدخين، والغيبة والنميمة، وتصفح المواقع الإباحية والمسلسلات التركية، والإدمان، وستكون الحملة عبارة عن رسومات كاريكاتيرية جذابة للطلاب، مدعمة بعبارات دعوية وثقافية، بالإضافة إلى ندوات ولقاءات تتناول سلوكيات خاطئة وتعالجها وتعزز السلوكيات الإيجابية وترسخ القيم والأخلاق الإسلامية في نفوس الشباب الجامعي".
وقال الغصبن، "إن الحملة الدعوية تستهدف أيضًا تعزيز بعض السلوكيات الإيجابية لدى الشباب، مثل الاهتمام بالعلم وصلاة الجماعة، وإماطة الأذى عن الطريق والصحبة الصالحة".
وذكر عضو المكتب السياسي لحزب "الشعب" الفلسطيني، نافذ غنيم، أن "ما تقوم به الحكومة المقالة في قطاع غزة، من فرض لأجندتها وفكرها على المواطنين والعديد من المؤسسات، يندرج في إطار نهج (الحمسنة) الاجتماعية".
وتساءل غنيم في تصريح وصل "مصر اليوم"، عن سبب تنامي الكثير من الظواهر التي تكافحها الحكومة المقالة، مثل مظاهر "شعر الشباب" أو طبيعة لباسهم، وكذلك مسالك أخرى، مشيرًا إلى أن "ما يحتاج لعلاج حقيقي وشجاع، هو تلك الأسباب التي رفعت من معدلات رغبة الشباب للهجرة خارج الوطن بصورة مرعبة، لسبب الأوضاع القائمة في قطاع غزة وتركهم فريسة للفراغ والإحباط وانسداد الأُفق"، على حد قوله.
وطالبت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، حكومة "حماس" في غزة، باحترام القانون الفلسطيني ووقف التعدي على الحريات العامة للمواطنين والالتفات لمعالجة الإشكاليات الحقيقية للمجتمع بدءًا من الانقسام، وانتهاء بالتخفيف من ظواهر الفقر والبطالة وحل إشكاليات انقطاع الكهرباء المستمر، وتلوث المياه في القطاع وغيرها الكثير.
وحذرت الجبهة من "استمرار هذا النهج بفرض رؤيتها على المجتمع، وهو أمر تمارسه أجهزتها بطرق مختلفة، ومنها ملاحقة الشبان والفتيات على خلفية أزياء يرتدونها وتصفيفات شعر يختارونها"، مضيفة "لا يغير من هذه الحقيقة إصرار بعض الناطقين باسم الحكومة على نفي ممارسة مثل هذه الإجراءات، على الرغم تزايد أعداد الشبان الذين أدلوا بشهادات بشأن ما تعرضوا له من ملاحقة وإذلال من الشرطة التابعة للحكومة المقالة، أمام المارة، بحلق شعورهم، وضرب بعضهم، وهو أمر وقع على مرأى من الناس".
ونفى الناطق باسم الشرطة الفلسطينية في غزة، الرائد أيمن البطنيجي، أن تكون هناك حملة لاعتقال الشباب وحلق رؤوسهم في مراكز الشرطة، من دون أن تعلن الشرطة عن تلك الحملة كالحملات السابقة، موضحًا في تصريحات لوكالات محلية، أن "الشرطة استدعت عددًا من الشباب، وقامت بحلق رؤوسهم بناءًا على شكاوى المواطنين، وأن الشباب الذين تم استدعائهم يتواجدون بشكل يومي أمام مدارس البنات وأمام المنتزهات, ولم يتم حلق شعر أحد من دون شكاوى مقدمة ضدهم، وأن الشباب المحلوقة رؤوسهم، يقومون بتصرفات خادشة للحياء وبذيئة ولا تليق بهم"، لافتًا إلى أن الشرطة تلقت العديد من شكاوى المواطنين، تفيد بتصرفات خادشة للشباب، مما استدعى الشرطة الفلسطينية أن تقوم بواجبها تجاه هؤلاء الشباب.
وأكد الناشط الشبابي ومدير التعاون الدولي في وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة، أدهم أبو سلمية، عدم وجود حملة أمنية أصلاً في القطاع, وأنه لم يسمع عن الحملة المذكورة إلا على صفحات "فيسبوك"، مضيفًا "على الأرض لم ألاحظ شئ له علاقة بالموضوع، رغم أن هذا اللباس (المقزز) انتشر، ولو بشكل جزئي خلال الفترة الأخيرة في غزة، ضمن حالة الغزو الثقافي والأخلاقي للمجتمع الفلسطيني، فرأينا ( قصات الشعر، والفيزون وغيرها .. ) من أشياء كان المجتمع ولا يزال يرفضها، لأنها لا تعبر عن أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا كمجتمع مسلم محافظ، صاحب رسالة أمة وهي القضية الفلسطينية".
وأضاف أبو سلمية "لكني وعلى الرغم من رفضي القاطع لهذه السلوكيات والأشكال ( المقززة ) لبعض الشباب، إلا أنني أرفض أن تكون المعالجة لهذا الأمر بالملاحقة وقص الشعر أو البنطال، لأن هناك وسائل وطرق أسهل وأيسر وأحفظ للمجتمع، كما أن مثل هذه الأمور يجب أن تعالج بجهد دعوي وتربوي، لمواجهة حالة الغزو الفكري والضخ الثقافي غير المسبوق على مجتمعنا، لأن مثل هذه السلوكيات مرتبطة بأخلاقيات غير سليمة موجودة لدى هؤلاء الشباب، وأي معالجة أمنية للظاهرة لا تعني معالجة كلية لها"، فيما ربط قضية "البنطلون الساحل" و"قصات الشعر" والتفاعل مع قضية الأسرى في سجون الاحتلال والذين يواجهون خطر الموت في كل لحظة قائلاً، "مؤلم أن تتمكن أدوات الاحتلال الصهيوني الإعلامية، مستغلين بعض الشباب الفلسيطين غير المبالي، لصرف الأنظار عن الخطر الحقيقي الذي يواجه الأسرى في سجون الاحتلال، وتوجيه أنظارهم إلى قضية جزئية غير موجودة أصلاً، وإن المطلوب من الشباب الفلسطيني أن يرتقي في مستوى التعاطي مع الحدث، وإن قضية الأسرى أهم اليوم من كل القضايا الفرعية، وإن المساحات الحرة على شبكات التواصل الاجتماعي يجب أن تثور لنصرة أسرانا، لا لتدافع عن بعض السلوكيات الغريبة في المجتمع الفلسطيني"
وخلال متابعة "تعليقات" نشطاء "فيسبوك", اجتمع الجميع على رفض الظاهرة مع رفض "الحل الأمني" كما وصفوه لتلك الظاهرة , مؤكدين أن التوعية هي الطريق الأفضل لمعالجة تلك الظاهرة، فيما طالب بعض النشطاء الحكومة الفلسطينية في غزة، بمنع التجار المستوردين لتلك الملابس "الغريبة"، وتغريمهم في حال خرقهم لتلك القوانين، مؤكدين أن "لبس البنطال الساحل، ليس بإدمان ليقوم التجار بتهريبه في ما بعد".
وقد أكد بعض النشطاء على "فيسبوك"، وجود بعض التجاوزات الفردية واعتقال بعض أصحاب "البلاطين الساحلة" و"قصات الشعر"، بروايات نشروها على لسانهم وعلى صدر صفحاتهم على "فيسبوك" أنه تم اعتقالهم وحلق "شعورهم" أو قص "بنطالهم" .