لندن ـ سليم كرم
تستعدَّ بريطانيا لحثّ مجلس الأمن الدولي على العمل بشأن معالجة الأزمة الإنسانية الخطيرة في اليمن، مما يعد تحولا لافتاً في السياسة البريطانية برفض المملكة المتحدة لما يحدث في أكثر بلد عربي فقراً، ودعوة الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والمتمردين الحوثيين لوقف الاقتتال.
وكشفت صحيفة الـ"إندبندنت"، أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، واجهت اتهامات بمحاولة كسب تأييد المملكة العربية السعودية، كونها وحدة من أكبر مشتري الأسلحة البريطانية، حيث توقفت ماي عن دعم دعوة أميركية لوقف إطلاق النار في الأسبوع الماضي، وبدلا من ذلك أيدت تقليل حده القتال في البلاد، على الرغم من حقيقة أن الصراع المستمر منذ ثلاثة أعوام ونصف بين القوات اليمنية الشرعية المدعومة من التحالف العربي والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، قد أثار أكبر أزمة إنسانية في العالم، ودفع البلاد إلى حافة المجاعة.
وقال وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت: "يبدو الآن وجود نافذة لاتفاق سلام"، مضيفا أنه اتفق مع مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة في اليمن على أن "الوقت قد حان لكي يعمل المجلس لتعزيز العملية التي تقودها الأمم المتحدة"، مما يشير إلى أن المملكة المتحدة ستدعم أخيرا قراراً للأمم المتحدة، لوقف الاقتتال بين الجانبين"، مشيرا الى أن "هناك فرصة صغيرة ولكن حقيقية لوقف إطلاق النار في اليمن."
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، يوم الجمعة إلى وقف العنف في اليمن لإعادة البلاد من حافة الهاوية، والتوجه نحو إجراء محادثات لإنهاء الحرب. غير أن السيدة ماي أخبرت البرلمان قبل بضعة أيام أنه في الوقت الذي أيدت فيه الدعوات إلى "إزالة التصعيد"، فإن وقف إطلاق النار على مستوى البلاد لن يكون له أي تأثير إذا لم يكن مدعوما باتفاق سياسي بين أطراف النزاع.
ومنذ اندلاع الحرب في ربيع عام 2015، أجازت المملكة المتحدة بيع أسلحة بقيمة 5 مليارات دولار للسعودية، مما أثار دعوات لإنهاء صفقات الأسلحة. واندلعت الحرب في اليمن في ربيع عام 2015 عندما بدأت دول الخليج، بما فيها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حملة قصف للإطاحة بحركة التمرد الحوثي المدعومة من إيران، والتي سيطرت على البلاد، وطردت الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي.
وقتل أكثر من 10 آلاف شخص في الصراع، وأصبح ثلث سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات من أجل البقاء، وفقا للأمم المتحدة، التي حذرت من أن 13 مليون شخص قد يموتون بسبب الجوع. واتهمت وكالات الإغاثة كلا الجانبين بخلق الأزمة الإنسانية، كما واجه الائتلاف الذي تقوده السعودية مزاعم بأنه قصف البنية التحتية المدنية، وعرقل توصيل المواد الغذائية والإمدادات الطبية بسبب الحصار البري والبحري والجوي.
وفي الوقت نفسه، تم اتهام الحوثيين بقصف قوافل المساعدات، واعتراض سلاسل التوريد، وزرع الآلاف من الألغام الأرضية، وتضيق الحصار على المناطق الموالية للحكومة. وقال المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للطفولة في نهاية الأسبوع الماضي، إن كلا الجانبين يجعل من "المستحيل" تسليم وتوزيع المساعدات الإنسانية، الأمر الذي سيؤدي إلى المجاعة.
وقد تم التركيز الآن على ميناء الحديدة على البحر الأحمر حيث يتجمع عشرات الآلاف من القوات الحكومية اليمنية في هجوم متوقع لاستعادة المدينة الاستراتيجية من المتمردين. وقتل أكثر من 150 مقاتلا خلال عطلة نهاية الأسبوع من الجانبين منذ اندلاع القتال حول الميناء. وقال مصدر من داخل التحالف لصحيفة الإندبندنت :" إن التحالف العربي سيوقف القتال الجديد في الحديدة، إذا جاء الحوثيون إلى طاولة المفاوضات."
وانهارت آخر سلسلة من المحادثات في سبتمبر/ أيلول، ومع ذلك، حدد وزير الدفاع الأميركي، جيم ماتيس، الأسبوع الماضي مهلة 30 يوما لبدء جولة جديدة من المفاوضات. وقال مصدر في التحالف إن الحوثيين يدخلون نهاية اللعبة، فإذا رفضوا المشاركة، فلن يتردد التحالف في إعادة بدء العمليات الهجومية في الحديدة. وأعلن المصدر نفسه أنه "من أجل تسهيل عمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة خلال الثلاثين يوما المقبلة، سيحافظ الائتلاف على الوضع الدفاعي بشكل أساسي".
وتقرُّ المصادر بأن الوضع الإنساني في البلاد لا يطاق كليا، وفي هذه الأثناء، انتقد الحوثيون الدعوات الأميركية للسلام، ووصفتها بأنها مخادعة؛ بسبب تصاعد العمليات العسكرية من قبل القوات الحكومية خلال عطلة نهاية الأسبوع. وحذرت وكالات الإغاثة من حدوث أزمة إنسانية مدمرة إذا استمر الهجوم، كما قالت منظمة "أنقذوا الأطفال" يوم الإثنين، إن الجوع والمرض يقتلان نحو 100 طفل يوميا