طرابلس - فاطمة سعداوي
تستعدّ العاصمة الليبية، طرابلس لنشوب صراع مُسلّح مُحتمَل بين التحالفين العسكريين الرئيسيين في البلاد ضد بعضهما البعض، وهو ما جعل المسؤولين الدوليين يسعوْن إلى إيجاد حل سريع لتجنب المعركة، وبعد زيارة تهدف إلى عقد هدنة بين الأطراف المتنازعة في البلاد صُدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بموقف مغاير بعد اجتماعه مع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي المتمركز في شرق البلاد، حيث جمع القوات وما بدا أنها مركبات عسكرية جديدة، ربما يتم شحنها من الإمارات العربية المتحدة، جنوب المدينة بالقرب من غريان للإغارة على مقر حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها خصمه فايز السراج، وتحظى بدعم المجتمع الدولي.
وكتب غوتيريس عبر "تويتر": "أغادر ليبيا بقلق عميق داخلي.. ما زلت آمل أن يكون هناك حل لتجنب المواجهة الدموية في طرابلس وحولها"، وأضاف أن "الأمم المتحدة ملتزمة بتسهيل الحل السياسي، ومهما حدث فإن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم الشعب الليبي".
وقال أكرم بوحليقة، أحد كبار مساعدي المشير حفتر، لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن نحو 15000 من قوات حفتر كانوا على مشارف العاصمة طرابلس، يخططون للتقدم إلى مركزها، وأضاف: "نحن لا نريد الدمار.. نريد أن نحرر البلاد من الإرهابيين وأن نؤمن الناس وأن نحترم كرامتهم".
إقرا ايضًا:
السراج يلتقي مدير عام صندوق أوبك للتنمية الدولية
ورفع تحالف من الجماعات المسلحة التي تحمي المدينة، الموالية لحكومة منافسة وكذلك السلطة المدعومة من الأمم المتحدة، حالة التأهب عند مداخل طرابلس والاستعداد للحرب مع اقتحام قوات من مدينة مصراتة بوسط ليبيا على شاحنات صغيرة محمّلة مدافع رشاشة لتعزيز دفاعات العاصمة ضد حفتر الرجل الذي يراه الكثيرون رجلا عسكريا قويا من الدرجة الأولى.
ورفضت الجماعات التي تتخذ من طرابلس مقرا لها فكرة أن قائدا عسكريا يمكنه السيطرة على المدينة، ونُقل عن قوة حماية طرابلس قولها: "ليبيا ستكون دولة مدنية".
وسارع المسؤولون في جميع أنحاء العالم لتجنب جولة أخرى من الصراع المسلح في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 1.2 مليون نسمة، والتي كانت ساحة معركة للميليشيات المتناحرة منذ أعوام.
التقى غوتيريس، المشير حفتر في ليبيا الجمعة، أي بعد يوم من لقائه فايز السراج، رئيس الوزراء المعترف به دوليا، في طرابلس.
ودعت المملكة المتحدة إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي الجمعة، إذ أشار بيان صادر عن المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة إلى ازدياد المخاوف بشأن القتال وطالبوا بوقف التصعيد، وقال البيان "في هذه اللحظة الحساسة التي تمر فيها ليبيا بمرحلة انتقالية، فإن التهديدات العسكرية لن تقود ليبيا سوى للفوضى".
وأضاف: "نحن نعتقد اعتقادا راسخا بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع في ليبيا حيث تعارض حكوماتنا أي عمل عسكري في ليبيا وستحاسب أي فصيل ليبي يحرض على مزيد من الحروب الأهلية."
ولم يتضح ما إذا كانت أي اشتباكات بدأت بعد، حيث تمكنت قوات حفتر حتى الآن من التفاوض على تسليم أو إعلان حياد المدن على مشارف طرابلس، كما أشارت التقارير الواردة من طرابلس والصور المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن العشرات من رجاله استسلموا لميليشيات طرابلس.
ووصف أحد الشهود داخل العاصمة، طوابير طويلة من المركبات تتشكل في محطات البنزين وتزايد القلق بشأن صراع وشيك، وكذلك إطلاق نار وانفجارات صاروخية بعيدة على الحدود الجنوبية للمدينة، وبعد ثماني سنوات من الفوضى شبه المستمرة والمناوشات المسلحة بين الميليشيات المتناحرة التي تقاتل للسيطرة على البلاد، قال العديد من سكان طرابلس إنهم ينتظرون الاستقرار الذي وعد به حفتر، بينما تعهد آخرون بقتاله.
انقسمت ليبيا إلى فصائل مسلحة في أعقاب الانتفاضة المدعومة من الناتو التي أطاحت بنظام الحاكم معمر القذافي في عام 2011. وتتنافس الآن قوة مسلحة يقودها حفتر وحكومة متمركزة في الشرق على السلطة مع حكومة تدعمها مجموعة من الميليشيات في غرب البلاد.
وقضى حفتر، الذي كان ضابطا بالجيش، سنوات في المنفى في ولاية فرجينيا الأميركية قبل أن يعود ويعلن الحرب في نهاية المطاف على السلطات المؤقتة في البلاد في عام 2014. ويأتي قراره المفاجئ بالانتقام قبل محادثات سلام في 14 أبريل/ نيسان، توسط فيها مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة، في مدينة غدامس الغربية، لكن يتساءل الكثيرون عما إذا كانت بعض الدول تلعب لعبة مزدوجة على ليبيا. روسيا، على سبيل المثال، تدعم بقوة حفتر كقوة تعارض الإسلام والإسلاميين في البلاد، لكنها تدعي أنها تدعم سلطة سراج التي تدعمها الأمم المتحدة.
وأثنى مشرع روسي بارز على موقف حفتر، الخميس، ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن فلاديمير دزاباروف نائب رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس الشيوخ بالبرلمان الروسي قوله "إذا استطاعت قوات حفتر إعادة النظام إلى ليبيا، ووقف أنشطة جماعات العصابات في البلاد، التي تروع الشعب، فسيكون ذلك جيدا".
ورغم المشاركة في بيان المملكة المتحدة، كان حديث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبو فاترا عندما سئل عن إعلان حفتر عن الحرب على العاصمة، وقال للصحافيين الخميس "لقد تابعنا عملية الأمم المتحدة، ونحاول بذل قصارى جهدنا لتكون قوة إيجابية لتقديم حل جيد لشعب ليبيا وزيادة الاستقرار هناك".
ودعم كل من الإمارات العربية المتحدة، ومصر التي أدانت أيضا التصعيد، حفتر بقوة بالأسلحة والدعم العسكري، بما في ذلك الغارات الجوية التي استهدفت قوات الميليشيات الغربية الليبية.
وتدير دولة الإمارات العربية المتحدة قاعدة الخادم الجوية، حيث تم تسليم العديد من أسلحة حفتر الجديدة.
وتدعم كل من تركيا وقطر عملية السلام التابعة للأمم المتحدة علانية، لكنهما متهمتان بدعم التحالفات الغربية التي تميل إلى الميليشيات.
ورغم أن فرنسا استثمرت في عملية السلام التي تدعمها الأمم المتحدة فإنها تعاونت عسكريا مع حفتر في الشرق وزار وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، سراج وحفتر الشهر الماضي.
ويأتيتصاعد التوترات في البلاد بعد أسابيع فقط من اجتماع سراج وحفتر في أبوظبي للتوصل إلى اتفاق.
قد يهمك أيضًا :
مقاتلة تابعة لقوات حفتر تعترض طائرة مدنية جنوب ليبيا
حفتر والسراج يتفقان على إجراء انتخابات عامة وإنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا