تونس - صوت الامارات
تستعد تونس التي فقدت رئيسها الباجي قايد السبسي (92 عاما)، وتجنبت شغورا في السلطة لتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة خلال أقل من شهرين، ما يشكل تحديا وسط مناخ سياسي مشحون. وبعد ساعات من وفاة السبسي أدى محمد الناصر (85 عاما)، رئيس مجلس نواب الشعب، اليمين ليتولى الرئاسة المؤقتة للجمهورية، كما ينص الدستور.
وأعلنت الحكومة التونسية السبسي الحداد لأسبوع، وصدرت صحف باللونين الأبيض والأسود، وألغيت كل المظاهرات الفنية. وبدت البلاد التي تعتبر مهد الربيع العربي في حالة حزن عام، وهي تبكي أول رئيس لها انتخب في اقتراع عام وديمقراطي ومباشر عام 2014.
وعنونت صحيفة «لوتان»، الناطقة باللغة الفرنسية، أمس: بـ«الوداع سيدي الرئيس»، وكتبت «حزننا كبير وألمنا شديد». كما صدرت صحيفة «المغرب» صفحتها الأولى بالأبيض والأسود، ووضعت عنوان «وترجل الباجي قايد السبسي... نهاية رجل استثنائي».
ونقل جثمان قايد السبسي صباح أمس من المستشفى العسكري بالعاصمة تونس إلى قصر قرطاج بالضاحية الشمالية، على متن سيارة عسكرية موشحة بعلم البلاد، تحت حراسة عسكرية وأمنية. وسيتولى الجيش تنظيم جنازة الرئيس اليوم، بحضور عدد كبير من قادة ورؤساء الدول والوفود الأجنبية، حسبما أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد أول من أمس.
وتقدم عدد من القادة العرب ببرقيات المواساة والتعازي في وفاة الراحل قايد السبسي. ففي السعودية بعث كل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان برقية عزاء ومواساة للرئيس محمد الناصر، الرئيس المؤقت للجمهورية التونسية في وفاة السبسي، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
وفي لبنان أبرق رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الرئيس المؤقت لتونس محمد الناصر، معزيين بوفاة الرئيس الباجي قايد السبسي. وأصدر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مذكرة تقضي بإعلان
الحداد الرسمي 3 أيام على الرئيس الراحل. وفي الجزائر أشاد رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح بمناقب الرئيس التونسي الراحل، وجهوده في الانتقال السلمي ببلاده نحو «ديمقراطية أصيلة غدت قدوة للأجيال». وقال في رسالة تعزية بعث بها إلى محمد الناصر، والوزير الأول التونسي وإلى أفراد أسرة الرئيس الراحل، إن «الراحل العزيز (الباجي قايد السبسي) سيبقى خالدا في ذاكرة الجزائريين، الذين لن ينسوا أبدا موافقه الرائدة في مساندة الثورة الجزائرية، وفي الذود والدفاع عنها».
ومن جانبه، بعث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ببرقية تعزية إلى الرئيس التونسي المؤقت محمد الناصر، أعرب فيها باسمه وباسم الشعب الكويتي عن خالص التعازي للشعب التونسي ولأسرة الفقيد، مؤكدا أن الأمة العربية فقدت برحيله زعيما وطنيا ساهم في خدمة قضاياها العادلة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وفى عمان، نعى الديوان الملكي الهاشمي ببالغ الحزن الرئيس السبسي، وبأمر من عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، أعلن الديوان الملكي الهاشمي الحداد على فقيد الأمة الرئيس السبسي، في البلاط الملكي الهاشمي لمدة سبعة أيام، ابتداء من يوم الخميس، حسبما أفادت وكالة أنباء «بترا» الرسمية الأردنية. كما أعلنت الرئاسة الموريتانية الحداد ثلاثة أيام، إثر وفاة رئيس الجمهورية التونسية.
بدوره، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعزية إلى الشعب التونسي بوفاة رئيسه الباجي قايد السبسي، منوّهاً بـ«قيادته العظيمة»، في حين حيّا وزير الخارجية مايك بومبيو «صديقاً حميماً» للولايات المتحدة. ومن المنتظر أن يشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في موكب الدفن اليوم، والذي سيقام في مقبرة «الجلاز» بالعاصمة.
وتأتي وفاة الباجي قبيل أشهر من نهاية عهدته الانتخابية آخر العام الحالي، ولذلك سيكون أمام محمد الناصر، الرئيس المؤقت للبلاد، تحدي تنظيم الانتخابات خلال مدة زمنية يكون أدناها 45 يوما وأقصاها تسعين يوما. وقد قررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إثر وفاة قايد السبسي تغيير أجندة الانتخابات، وتقديم الرئاسية إلى 15 سبتمبر (أيلول) مبدئيا. فيما بقيت الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد، أي في السادس من أكتوبر (تشرين الأول).
وأثنى كثير من التونسيين على الانتقال السريع والسلس للسلطة أمس في بلد يعتبر الناجي الوحيد من تداعيات الربيع العربي، والذي يواصل مسيرته نحو الديمقراطية، رغم التحديات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتهديدات من قبل الجماعات المسلحة.
وكتبت صحيفة «لابراس»، الحكومية والناطقة بالفرنسية: «التونسيات والتونسيون أمام امتحان صعب ليبرهنوا أنهم يستحقون الديمقراطية، وقد نجحوا في امتحان إقناع العالم بأسره بأن تونس بلد ديمقراطي».
وكان الباجي قايد السبسي قد نقل لأيام في نهاية يونيو (حزيران) إلى المستشفى العسكري بتونس، في يوم اهتزت فيه البلاد على وقع هجومين مسلحين لمتطرفين بأحزمة ناسفة في منطقتين بالعاصمة، قتل خلالها أمني ومدني، ما أثار تساؤلات حول هشاشة المؤسسات في البلاد. وأثرت الصراعات الداخلية لحزب «نداء تونس»، الذي أسسه الباجي قايد السبسي ونجح به في انتخابات 2014، على مؤسسة الرئاسة. كما يزيد غياب المحكمة الدستورية المشهد السياسي في البلاد ضعفا وهشاشة، فلم يتمكن البرلمان من انتخاب أعضائها بسبب الحسابات السياسية لأحزاب الحكم.
وتولت الهيئة الوقتية للنظر في دستورية القوانين مهام المحكمة الدستورية، وأقرت أول من أمس شغور منصب رئيس الدولة، وتكليف رئيس البرلمان محمد الناصر بتولي رئاسة البلاد مؤقتا، إلى حين تنظيم الانتخابات.
قد يهمك ايضاً :
أهمّ ملامح أوِّل جنازة رئاسية كبرى في التاريخ التونسي
قرقاش يؤكد السبسي تحمّل المسؤولية في أحلك الظروف بحس وطني