الجزائر - صوت الامارات
نظَّم مئات الطلاب في الجزائر، الثلاثاء، مسيرة جديدة تعبيرا عن رفضهم مقترح الحوار للخروج من الأزمة، قبل رحيل كل رموز النظام، وعلى رأسهم الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح، وبعد أكثر من أربعة أشهر على استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تحت ضغط الحركة الاحتجاجية، لم تتمكن السلطة الانتقالية من تنظيم انتخابات رئاسية، بعد إلغاء تلك التي كانت مقررة في الرابع من يوليو/ تموز الجاري بسبب غياب المرشحين.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية الخميس الماضي تشكيل «الهيئة الوطنية للوساطة والحوار» من أجل التشاور «مع فعاليات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية وشباب وناشطي الحراك»، من أجل تنظيم الانتخابات.
وخلال مسيرتهم التي بدأت من ساحة الشهداء نحو ساحة «موريس أودان» على مسافة 2 كلم، ردّد الطلاب بقوة شعار «لا حوار مع العصابة» أمام أعين قوات الشرطة المنتشرة بكثافة، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
ورفض رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح «الشروط المسبقة للحوار»، التي طالبت بها الهيئة التي يفترض أن تقود المشاورات، بغية تنظيم انتخابات رئاسية والخروج من الأزمة السياسية.
وقال قايد صالح في خطاب لمناسبة تكريم طلاب المدارس العسكرية إن «الانتخابات هي النقطة الأساسية، التي ينبغي أن يدور حولها الحوار... حوار نباركه ونتمنى أن يكلل بالتوفيق والنجاح، بعيداً عن أسلوب وضع الشروط المسبقة، التي تصل إلى حد الإملاءات، فمثل هذه الأساليب والأطروحات مرفوضة شكلاً ومضموناً».
وشدد رئيس أركان الجيش على عدم رغبته في السلطة، مؤيداً المبادرة التي أطلقها الرئيس المؤقت لبلاده عبدالقادر بن صالح، وقال بهذا الخصوص: «عملت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي منذ بداية الأزمة على تبني مقاربة، اتسمت بالعقلانية في الطرح، وبالمنطق في التناول، وبالواقعية في مرافقة الشعب الجزائري ومؤسسات الدولة، مؤكدة في الكثير من المناسبات أنه لا طموحات سياسية لها سوى خدمة الوطن ومصالحه العليا».
وأضاف رئيس الأركان موضحاً: «إننا في الجيش الوطني الشعبي نبارك الخطوات المقطوعة على درب الحوار الوطني، لا سيما بعد استقبال رئيس الدولة مجموعة من الشخصيات الوطنية، التي ستتولى إدارة الحوار، حيث تعهد بتوفير الإمكانيات اللازمة، والضرورية لمرافقتها في هذا المسعى النبيل، وتهيئة الظروف في تنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب الآجال». مشيراً إلى أنه «لا مجال لمزيد من تضييع مزيد من الوقت، والانتخابات هي النقطة الأساسية التي يجب أن يدور عليها الحوار».
واستنكر رئيس أركان الجيش دعوة بعض الشخصيات لإطلاق سراح الشباب المسجون خلال الحراك، قائلاً: «الدعوة إلى إطلاق سراح الموقوفين، الموصوفين زوراً وبهتاناً بسجناء الرأي، كتدابير تهدئة، حسب زعمهم، مسمومة... وأؤكد مرة أخرى أن العدالة وحدها من تقرر، طبقاً للقانون، بشأن هؤلاء الأشخاص، الذين تعدوا على رموز ومؤسسات الدولة وأهانوا الراية الوطنية، ولا يحق لأي أحد كان، أن يتدخل في عملها وصلاحياتها، ويحاول التأثير على قراراتها».
وتابع قايد صالح: «نحن في الجيش الوطني الشعبي نشجعها، وندعوها لمواصلة مسعاها الوطني المخلص بالعزيمة والإصرار نفسه، بعيدا عن كل التأثيرات والضغوط التي تحاول منح فرصة للعصابة وأذنابها من أجل التملص من العقاب والعودة إلى زرع البلبلة، والتأثير في مسار الأحداث».
ورفض قايد صالح تخفيف الإجراءات الأمنية المتخذة على مداخل العاصمة والمدن الكبرى، بقوله: «هذه التدابير الوقائية تتطلبها مصالح الأمن لتأمين المسيرات». واصفاً هذه الدعوات بأنها «مشبوهة وغير منطقية»، ومؤكداً أن انتشار عناصر الشرطة خلال مسيرات الجمعة «في مصلحة الشعب وحماية له وليس العكس». وفي هذا السياق، شدد رئيس الأركان على ضرورة تنظيم وتأطير المسيرات لتفادي اختراقها، مشيراً إلى أنه «من غير المقبول التشكيك في نوايا وجهود مصالح الأمن، ومن غير الأخلاقي تشويه الحقائق واختلاق الأكاذيب، بغرض إعطاء نفس جديد لأصحاب النوايا الخبيثة، الذين يعملون على تأجيج الوضع وإطالة أمد الأزمة».
وشدد قايد صالح على أن «مؤسسات الدولة تعد خطاً أحمر، لا تقبل المساومة والشروط المسبقة، والإملاءات غير القانونية من أي جهة كانت، وستستمر في أداء مهامها، إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، الذي له كامل الصلاحيات لمباشرة الإصلاحات الضرورية».
يذكر أنه تم توجيه دعوة إلى 6 شخصيات «وطنية» لقيادة الحوار، الذي تطمح السلطة الجزائرية لأن يخرج البلاد من أزمتها التي تعيشها منذ أشهر، وقد وضعت اللجنة المشكلة من قبل بن صالح عدداً من الشروط للقبول بطلب الرئاسة، واشترطت إطلاق سراح الشباب من معتقلي الحراك، إلى جانب فتح المجال السمعي البصري، وعدم التضييق على المسيرات الشعبية كل يوم جمعة، مع فتح الفضاء العام وحرية التعبير. كما خلصت اللجنة في لقائها أول من أمس إلى استدعاء عدد من الأسماء المعروفة وطنياً، في حين ردّت أبرز الشخصيات المدعوة بالرفض على طلب اللجنة، مؤكدين أنهم لن يدخلوا في حوار مع السلطة الحالية.
قد يهمك ايضاً :
هيئة "الحوار" الجزائرية تكشف تفاصيل خطتها في الوساطة بين "السلطات العامة" والمجتمع
عبدالعزيز بوتفليقة يعيش في شبه عزلة بعيدًا عن الإعلام منذ 4 أشهر