أنقرة - صوت الامارات
وجّهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عدداً من الرسائل المهمة خلال زيارة وداعية قامت بها لإسطنبول، السبت، وأجرت خلالها مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تناولت العلاقات الثنائية وعلاقات تركيا والاتحاد الأوروبي، وملفات إقليمية ودولية، أهمها سوريا وليبيا وأفغانستان.وحثّت ميركل، إردوغان على اتباع الدبلوماسية والحوار فيما يخص الأزمات المتعلقة بقبرص وشرق البحر المتوسط. وقالت، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي عقب مباحثاتهما التي عقدت في قصر هوبر في إسطنبول، إنها أكدت ضرورة التركيز على اتباع المنهجية الدبلوماسية والسياسة في منطقة شرق البحر المتوسط وجزيرة قبرص.
ولفتت ميركل إلى أنها بحثت مع إردوغان قضية الهجرة واللاجئين، وأنها أكدت أهمية تقديم دول الاتحاد الأوروبي الدعم الكامل لتركيا في ملف اللاجئين، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه لتركيا في إطار اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقّعة مع تركيا في 18 مارس (آذار) 2016، حيث سبق وقدم الاتحاد لأنقرة مبلغ 6 مليارات دولار لتلبية احتياجات اللاجئين.
وتابعت المستشارة الألمانية أنها بحثت مع إردوغان الأوضاع في سوريا وليبيا، قائلة: «ركّزنا على الأزمة السورية والدور التركي الفعال في استقبال العديد من المواطنين السوريين». بدوره، قال إردوغان إن بلاده استقبلت العديد من اللاجئين من سوريا وأفغانستان، مضيفاً: «لا يمكننا تطبيق التجربة اليونانية بشأن رفض اللاجئين».
وكررت ميركل أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم تركيا في ملف مكافحة الهجرة غير النظامية، وأن هدف أوروبا هو منع تهريب البشر، ودعم الاتحاد الأوروبي لتركيا بهذا الشأن ضرورة وشرط أساسي.
وبالنسبة لليبيا، شددت ميركل على ضرورة التوصل إلى حل سياسي دائم وضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة. وعن العلاقات مع تركيا، قالت ميركل إن ألمانيا لديها دائماً مصالح مشتركة معها وإن الحكومة الفيدرالية القادمة ستراعي ذلك.
من جانبه، أعرب إردوغان عن أمله في علاقات جيدة مع الحكومة الألمانية الجديدة، على غرار العلاقات الناجحة مع حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، مشيراً إلى أنه تناول مع المستشارة الألمانية العلاقات الثنائية وقضايا أخرى ضمن أجندة الجانبين بشكل مفصل.
وأضاف: «نأمل أن تسير العلاقات مع الحكومة الألمانية الجديدة بشكل جيد على غرار التعاون الناجح مع حكومة ميركل»، لافتاً إلى أن المجتمع التركي في ألمانيا يشكّل الجانب الاجتماعي الأهم في العلاقات والثروة المشتركة بين البلدين.
واشتكى إردوغان من أن العنصرية ومعاداة الإسلام وكراهية الأجانب والتمييز لا تزال في مقدمة المشاكل التي يعانيها الأتراك في أوروبا، وأشارت ميركل إلى تعرض بعض الأتراك للمضايقات، وقالت إن حكومتها أولت اهتماماً بهذه القضية، مؤكدة ثقتها بأن الحكومة الألمانية الجديدة ستعمل على المنهاج نفسه.
وعبر الرئيس التركي عن طموح بلاده لرفع حجم التبادل التجاري مع ألمانيا إلى 50 مليار دولار. وتطرقت ميركل وإردوغان، خلال المؤتمر الصحافي، إلى قضية المواطنين الألمان المعتقلين في تركيا، وتحاشيا التراشق بشأن القضية، عندما وجّه أحد الصحافيين الألمان سؤالاً إلى ميركل حول ما فعلته بشأن هذه القضية على مدى 16 عاماً من وجودها في السلطة، وقالت ميركل إن حكومتها تابعت القضية مع تركيا، وهناك قضايا جديدة أيضاً عملت عليها، كما أن هناك تعاوناً وثيقاً بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب.
بدوره، قال إردوغان إن هذه القضايا خاضعة للقضاء التركي، وإن حكومته لا تتدخل في شؤون القضاء، وإنه لا يرى من الصحيح أن تتدخل أي حكومة في شؤون القضاء، الذي يجب الحفاظ على استقلاله.
وشهدت العلاقات بين تركيا وألمانيا توتراً خلال السنوات الأخيرة. وتسبب سجن مواطنين ألمان في تركيا عام 2017 في ضغط شديد على العلاقة بين البلدين، التي وصلت إلى أدنى مستوى لها بعد أن هاجم إردوغان ميركل شخصياً، واصفاً إياها بأن لديها عقلية نازية، بسبب منع الدعاية للاستفتاء على تعديلات دستورية للانتقال إلى النظام الرئاسي في ذلك العام. ورغم تجاوز البلدين هذه الخلافات، فإن محاكمة مواطنين ألمان وعناصر من المعارضة التركية لا تزال محل خلاف بين برلين وأنقرة.
ويقبع 61 ألمانياً، غالبيتهم من أصول تركية ومن الأكراد، في سجون تركيا. والثلاثاء الماضي، قبل أيام من زيارة ميركل، حكم على ألماني من أصل كردي تركي بالحبس لأكثر من عامين بتهمة الدعاية لمنظمة إرهابية (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني)، وذلك استناداً إلى تعليقات ناقدة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقبل وصول ميركل إلى إسطنبول، اتهمت السياسية في حزب الخضر الألماني، كلاوديا روت، حكومة بلادها بالتراخي في «القضايا المشتعلة لحقوق الإنسان والديمقراطية في تركيا». وقالت روت إن «الحكومة الألمانية التي لا تزال في السلطة لا تنتهج في تعاملها مع تركيا سياسة خارجية أو أوروبية قائمة على القيم، نحن بحاجة ماسة إلى إعادة بناء العلاقات مع تركيا على أساس القيم». وأوضحت أن إعادة بناء العلاقات تتطلب، كشرط مسبق، الإفراج غير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين في تركيا، مثل المعارض صلاح الدين دميرطاش أو الناشط في مجال المجتمع المدني عثمان كافالا.
ودميرطاش هو الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية، المؤيد للأكراد، وثاني أكبر أحزاب المعارضة بالبرلمان التركي، ويواجه اتهامات بالإرهاب تصل عقوباتها إلى 142 عاماً، لكن ينظر إلى اعتقاله على أنه عملية سياسية.
أما رجل الأعمال البارز عثمان كافالا، فمحتجز احتياطياً منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، لاتهامات بالتجسس ودعم محاولة الانقلاب الفاشلة ضد إردوغان عام 2016، وأعيد اعتقاله رغم تبرئته ورفضت حكومة إردوغان تنفيذ قرارات متعددة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج الفوري عنه.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :