طهران - صوت الامارات
أعلنت إيران أمس عن ثالث "انتهاك" لتعهداتها النووية برفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى ما فوق مستوى 3.67 وسط قلق دولي وتحذيرات من شركائها في الاتفاق النووي الموقع في فيينا في يوليو تموز" 2015.
ودعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيران، أمس، إلى التصرف بطريقة "أكثر حذرًا"، فيما توعدها وزير خارجيته مايك بومبيو، بمواجهة مزيد من العقوبات والعزلة، وكتب بومبيو على "تويتر"، "إن التطور الأخير في البرنامج النووي الإيراني سيؤدي إلى مزيد من العزلة والعقوبات... امتلاك النظام الإيراني أسلحة نووية سيشكل تهديدًا أكبر للعالم".
وأعلن ثلاثة مسؤولين إيرانيين على صلة مباشرة بالاتفاق، في مؤتمر صحافي مشترك، تفاصيل هذا الانتهاك ضمن المرحلة الثانية من خفض تعهدات الاتفاق النووي.
اقرأ ايضاً :
ايران ستنبدأ تخصيب اليورانيوم أعلى من نسبة 3.67% خلال ساعات قليلة
وقال كبير المفاوضين النوويين عباس عراقجي إن طهران أبلغت الاتحاد الأوروبي رسيما برفع تخصيب اليورانيوم إلى خمسة في المائة على نقيض التزامها إبقاءه دون 3.67 وهو ثالث تعهد تتخلى عنه طهران بعدما أعلنت قبل شهرين وقف العمل بتعهدات مخزون اليورانيوم والمياه الثقيلة.
وأصدرت أطراف الاتفاق النووي في أوروبا بيانات منفصلة أعربت فيها عن قلقها وحذرت طهران من تقويض بنود الاتفاق. وقالت موسكو إنها خطوة متوقعة.
إلى ذلك نقلت وكالة "تسنيم" عن النائب أمير حسين قاضي زاده هاشمي أن هناك مشروع قانون لفرض رسوم على السفن التي تعبر مضيق هرمز.
وأعلنت طهران أمس في ثاني خطوة عملية؛ وقف تنفيذ التزامها الخاص بعدم تخطي نسبة 3.67 في تخصيب اليورانيوم، وأبلغت الاتحاد الأوروبي بتفاصيل ثاني خطوات مسار خفض الالتزام بتعهدات الاتفاق النووي؛ في تحدٍ للضغوط الأميركية. ونفت "انتهاك" الاتفاق النووي.
وقال 3 مسؤولين كبار في مؤتمر صحافي بمقر الرئاسة الإيرانية إن نسبة تخصيب اليورانيوم تخطت بدءًا من أمس نسبة 3.67 المنصوص عليها في الاتفاق النووي، مؤكدين أن طهران ستواصل تقليص التزاماتها كل 60 يومًا ما لم تتحرك الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق لحمايته من العقوبات الأميركية.
واعرب كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي عن استعداد طهران للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة في حال تراجعت عن العقوبات، موضحًا أن اجتماعًا سيعقد بين أطراف الاتفاق النووي على مستوى وزراء الخارجية لبحث تنفيذه وليس إعادة التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني، مطالبًا الأوروبيين بتعويض انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 11 مجالًا.
وقال مساعد عراقجي: "إننا اليوم في نهاية مهلة 60 يومًا؛ نتخذ خطوة ثانية نظرًا لعدم تحقق الالتزامات الأميركية في الاتفاق النووي"، مضيفًا: "مثلما أعلنا أننا لا نلتزم بتعهداتنا في مخزون اليورانيوم؛ هذه المرة أيضًا أعدنا النظر في نسبة تخصيب اليورانيوم".
وتأتي تأكيدات المسؤولين الإيرانيين على لفظ "مهلة" بعدما تحفظ وزير الخارجية محمد جواد ظريف على لفظ "مهلة" في مخاطبة الأوروبيين، وقال إنه إعلان عن "خطة إيرانية"، وإنه ليس في الأمر "مهلة".
ونفذت طهران الأسبوع الماضي تهديدها بتخطي مخزون اليورانيوم إلى ما فوق 300 كيلوغرام، وهو ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية المسؤولة عن مراقبة تعهدات إيران النووية.
ووجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس رسالة إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني. وبحسب عراقجي، فإن الرسالة تضمنت إشارات واضحة حول التعهدات التي لم تعد إيران ملتزمة بها في الاتفاق النووي. ولفت إلى أن طهران ستعلن الخطوة الثالثة بعد 60 يومًا، مؤكدًا جاهزية منظمة الطاقة الإيرانية للخطوات المقبلة.
وأعلن عراقجي عن مهلة ثانية لأطراف الاتفاق النووي لمدة 60 يومًا، مشددًا على المضي قدمًا بمسار خفض التعهدات، ولم يستبعد أن ينتهي المسار بنهاية الاتفاق النووي، لكنه قال إن "خطوات إيران (تأتي) في مسار تنفيذ الاتفاق النووي" وشدد على أن حركة بهذا الاتجاه ستكون بطريقة تمنح فرصًا للتعامل والدبلوماسية، مشيرًا إلى اجتماع على المستوى الوزاري بين أطراف الاتفاق من دون أن يحدد موعده. ومع ذلك قال إن الاتفاق "ملف مغلق، وليس قابلًا للتفاوض مرة أخرى"، مشددًا على ان المباحثات تقتصر على طريقة تنفيذ الاتفاق وليس الاتفاق بعينه.
وقال "إن طهران تريد استمرار الاتفاق النووي في حال تحقق مطالبها" وأضاف، "نعتقد أن الاتفاق النووي وثيقة دولية مهمة تعترف بإيران دولة نووية"، وتابع أن مسار خفض التعهدات "سيستمر إذا لم تحقق الدول الأوروبية مطالبنا"، ودعا الأوروبيين بتعويض انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 11 مجالًا.
وقال ظريف الأسبوع الماضي، "إن الآلية الأوروبية المقترحة للالتفاف على العقوبات الأميركية "ليست إلا مقدمة لـ11 تعهدًا أوروبيًا لتعويض العقوبات الأميركية".
في جزء آخر؛ تهكم عراقجي على طلب الولايات المتحدة عقد اجتماع طارئ لوكالة الطاقة الدولية في فيينا بسبب انسحابها من الاتفاق النووي، قائلًا إن مجلس حكام المنظمة الدولية سيستمع إلى "منطق إيران". وأشار إلى ضغوط أميركية تمارس ضد بلاده في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني، أول من أمس، مباحثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول الاتفاق. وقال عراقجي إن "عدم تجاوب الأوروبيين مع مطالبنا لا يعني أن الطريق الدبلوماسية لم تعد موجودة... تجرى مشاورات على أعلى المستويات". وردا على سؤال حول زيارة ماكرون إلى طهران، قال إنه "خلال الأيام المقبلة سنشهد حراكًا دبلوماسية" وقال: "لا نريد زيارات استعراضية، ونريد زيارات تؤدي إلى نتائج".
وقال عراقجي إن بلاده لا تمانع في عودة واشنطن إلى طاولة المفاوضات مع طهران في إطار الاتفاق النووي في حال رفعت العقوبات .
وكان عراقجي يعلق على أسئلة حول ما نشره مكتب الرئاسة الإيرانية حول مشاورات ماكرون وروحاني وما إذا كان استخدام روحاني لمصطلح "5+1" مؤشرًا على مفاوضات بحضور الولايات المتحدة. ولكن عراقجي قال إن بلاده "لا تعترف بـ(5+1) وستواصل في إطار (4+1)".
تمسك بـ"إينستكس"
وعلَّق عراقجي على خطوات الاتحاد الأوروبي عقب الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وحمّل جزءًا من مسؤولية خفض تعهدات إيران للأوروبيين، وقال، "لم نكن لنتخذ الخطوة الثانية لو حصلنا على مطالبنا من الأوروبيين عبر (إينستكس)"، غير أنه عاد وقال: "يجب ألا يتأخر أي أحد بسبب (إينستكس)".
ورغم هذا، فإن عراقجي عدّ أن آلية "(إينستكس) أساس جيد"، لكنه انتقد تأخر تفعيلها وعدم رصد ائتمان مطلوب للآلية. وفي الوقت زعم أن بلاده "لم تعلق آمالًا ولم تعتمد إطلاقًا على أي دولة؛ فما بالكم بالأوروبيين و(إينستكس)"، موضحًا أن بلاده "تستنفر جميع طاقاتها لمواجهة العقوبات وفتح أي ثغرة في الحرب الاقتصادية".
وخلال الأسبوع الماضي، تباينت مواقف الحكومة الإيرانية من الآلية؛ وعدّها ظريف ذات قيمة استراتيجية، قبل أن يصفها الرئيس حسن روحاني بـ"الفارغة" و"عديمة الجدوى".
وعلى نقيض روحاني، قال عراقجي إن "إينستكس" آلية "عملية" وجرى اختبارها ولكنه رهن نجاحها بمبيعات النفط الإيراني.
تلويح بمزيد من التخصيب
بدوره، عدّ المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي أن الطلب الأميركي "نتيجة فشل السياسات الأميركية" وأن "النتيجة محسومة قبل الاجتماع". كما شرح أيضًا مفهوم الخطوة الثانية من خفض تعهدات .
وبحسب كمالوندي؛ فإن "منحى تخصيب اليورانيوم سيشهد تصاعدًا" على صعيد نسبة التخصيب ومخزون اليورانيوم بناء على أوامر تصدر من الجهات العليا إلى منظمته. ولكنه قال إن طهران "لا تحتاج حاليًا إنتاج وقود لمفاعل طهران النووي" وهو ما يتطلب تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة. وقال كمالوندي إن "السقف الزمني ليس مطروحًا"، مشيرًا إلى أن بلاده أبلغت ممثل الوكالة الدولية بالخطوة، وأوضح: "بعد ساعات قليلة ستنتهي العملية التقنية وسيبدأ التخصيب بما يتخطى 3.67 في المائة... وفي الصباح الباكر غدًا عندما تحصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على العينة؛ فسنكون قد تخطينا 3.67 في المائة".
وأعلن روحاني الأربعاء عن استعداد طهران التام لتخصيب اليورانيوم لأي مستوى وبأي كمية.
وكان تراجع إيران لافتًا عن تهديدات سابقة بإعادة تشغيل مفاعل "آراك" لإنتاج الماء الثقيل. ودفع عراقجي باتجاه الفصل بين مسار خفض التعهدات وأوضاع مفاعل آراك، موضحًا أن بلاده من الممكن أن تعود عن خطوات وافقت عليها بموجب الاتفاق النووي في حال توقفت عملية تحديث المفاعل التي تشارك فيها بريطانيا والصين.
وأعرب عراقجي عن ارتياح إيراني للتقدم في المفاعل، لكنه حذر من التوقف.
وتواجه الحكومة الإيرانية انتقادات بسبب نزع أجزاء من مفاعل "آراك" عشية تنفيذ الاتفاق النووي في منتصف يناير (كانون الثاني) 2016، لكن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تقلل من تأثير خطوات الاتفاق، وأعلنت مرات عدة قدرتها على العودة السريعة إلى أوضاع ما قبل تنفيذ الاتفاق النووي، وهو ما لم تعلق عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تريد قطع الطريق على إنتاج إيران البلوتونيوم.
وللمرة الأولى، عدّ كمالوندي أن ما يجري في "آراك" يمكّن إيران من امتلاك مفاعلين؛ مفاعل قديم تعهدت بتفكيكه وفق الاتفاق، ومفاعل جديد بمشاركة أطراف الاتفاق لتعويض مفاعلها القديم.
وقال كمالوندي بثقة عالية إن عملية سكب الإسمنت في أنابيب الخزان الرئيسي جرت بطريقة تسمح بإعادة تأهيلها. وأضاف أن إيران بإمكانها أن تعيد تشغيل المفاعلين في آراك (القديم والجديد)، مشيرًا إلى امتلاك إيران كميات من البلوتونيوم.
ولم يكشف كمالوندي عن الحجم الذي تملكه إيران من البلوتونيوم في المفاعل الجديد.
احتجاز ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق
وخطف احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في جبل طارق جزءًا أساسيًا من المؤتمر الصحافي لكبار المسؤولين الإيرانيين أمس، ودحض عراقجي الرواية البريطانية حول السفينة الإيرانية، وقال إنها لم تكن متجهة إلى سوريا، وقال إن الناقلة العملاقة يمكنها حمل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط، ولهذا كانت تمر من مضيق جبل طارق وليس من قناة السويس؛ بحسب "رويترز".
ولم يحدد عراقجي الوجهة النهائية للناقلة. وقال: "رغم ما تدعيه حكومة إنجلترا، فإن هدف هذه الناقلة ووجهتها لم يكونا سوريا". وأضاف: "المرفأ الذي ذكروه في سوريا لا يملك بالضرورة القدرة على استقبال مثل هذه الناقلة العملاقة. كان الهدف مكانًا آخر. كانت تبحر في المياه الدولية عبر مضيق جبل طارق".
واحتجزت قوات مشاة البحرية الملكية الناقلة يوم الخميس الماضي، قائلة إنها كانت تحاول نقل النفط إلى سوريا في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي، بيد أن عراقجي قال: "لا يوجد قانون يسمح لبريطانيا باحتجاز الناقلة"، واصفًا العملية بأنها "قرصنة بحرية"، إلا إنه أعرب عن أمله في التوصل إلى حل دبلوماسي في قضية الناقلة. وأشار إلى استدعاء السفير البريطاني في طهران مرتين إلى وزارة الخارجية، ومشاورات جرت مع السفير الإسباني الذي احتجت بلاده على عملية الاحتجاز بدعوى أنها في المياه الإسبانية.
قلق من الخلافات الداخلية
وأكد مؤتمر أمس أن الحكومة الإيرانية تضع عينا على مواقف الأطراف الداخلية في ظل التوتر حول الاتفاق النووي. ودعا عراقجي الأطراف الداخلية إلى الالتفاف حول المصالح الوطنية، وذلك في حين طالب كمالوندي الأشخاص الذين لا يملكون ما يكفي من المعلومات بـ"عدم إثارة القلق في البلاد عبر نشر معلومات خاطئة لوسائل الإعلام". وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي إن الاتفاق النووي يواجه تيارين في إيران: التيار الأول "يفرغ الاتفاق من محتواه، ومن الطبيعي أنهم يتابعون تعثره"، ويقابله تيار ثان "يريد بقاء إيران في الاتفاق بأي ثمن"، قبل أن يصف الاتفاق بأنه "من مصلحة السلام العالمي ودول المنطقة و... ينتفع منه الإيرانيون".
ووصف ربيعي خروج الولايات المتحدة من الاتفاق في 8 مايو (أيار) من العام الماضي بـ"الخطأ الاستراتيجي"، منوها بأن طهران "لا تريد البقاء في الاتفاق بأي ثمن... حفظ الاتفاق أصل مرهون بجميع الأطراف".
قد يهمك ايضاً :
قائد الجيش الإيرانى عبد الرحيم موسوى صرح بأن إيران لا تسعى للحرب مع أى دولة.
طالبت بريطانيا ايران وقف انتهاك الاتفاق النووى فورا والعودة عن خطواتها