محطات تعبئة الوقود

على الرغم من التطمينات المتواصلة التي تطلقها السلطات العراقية بشأن ما قد يحدث في مظاهرات، اليوم (الجمعة)، فإن محال وأسواق بغداد الكبيرة والصغيرة، إضافة إلى محطات تعبئة الوقود شهدت خلال اليومين الأخيرين حركة تسوق وتجهيز غير مسبوقة، تحسباً للتداعيات المحتملة للمظاهرات والإجراءات الاحترازية التي قد تعمد السلطات العراقية إلى اعتمادها، مثل إعلان حظر التجوال وقطع الطرق أمام حركة المواطنين والبضائع. وشهدت أسعار أسطوانات الغاز ارتفاعاً غير مسبوق في الأسبوع الأخير، وصل إلى نحو 15 ألف دينار للأسطوانة الواحدة في بعض الحالات، بعد أن كان السعر لا يتجاوز الثمانية آلاف دينار، نظراً إلى الإقبال الشديد من المواطنين على شرائها.

ولم تقتصر المخاوف ومشاعر القلق والترقب على المواطنين العاديين، وتعدت إلى مؤسسات الدولة وموظفيها، حيث أبلغ موظف رفيع في وزارة المالية، «الشرق الأوسط» أن «غالبية مؤسسات الدولة ووزاراتها قامت بإخلاء الوثائق المهمة ورفعت (الهاردات) المتعلقة بأجهزة الكومبيوتر، تحسباً لاحتمال تعرضها للاقتحام من بعض المتظاهرين».

ويؤكد الموظف الذي يفضّل عدم الإفصاح عن اسمه، أن «الحكومة قامت بإصدار أوامر شفهية لجميع مؤسساتها ووزاراتها لاتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية التي من شأنها الحفاظ على ممتلكاتها».

وأعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أمس، أن جهاز الأمن الوطني أمرها بـ«تبليغ جميع الطلبة الساكنين في الأقسام الداخلية في العاصمة بغداد والمحافظات العراقية كافة بضرورة النزول إلى منازلهم وإخلاء الأقسام من السكن حفاظاً على سلامتهم وتحسباً لأي طارئ».

وقالت الوزارة في بيان إن «مديريات الأقسام الداخلية والإسكان التابعة لوزارة التعليم العالي شرعت بإخلاء إجباري للأقسام الداخلية ودور سكن الطلبة وبالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني اليوم (الخميس)».

ورصدت «الشرق الأوسط»، في ساعة متأخرة من ليل أمس، عشرات السيارات الخاصة وهي تقف أمام محطات التعبئة للتزود بالوقود، كما رصدت عشرات المواطنين، في ساعات متأخرة نسبياً، وهم يتبضعون الفاكهة والخضراوات في مناطق الكرادة وبغداد الجديدة.

وسألت «الشرق الأوسط» أحد عمال محطة تعبئة وقود المثنى القريبة من ملعب الشعب الدولي عن قصة الزحام على الوقود، فقال: «لا أدري، لكن الناس قلقلة من المظاهرات، يتوقعون أن شيئاً ما غير طبيعي سيحدث».

ويضيف العامل الذي لا يبدو أنه كثير الاكتراث بما يشاع: «تصور أن أحد أولادي يحب أكل اللحم، وقد طلب مني أن أقوم بشراء كميات كبيرة منه تحسباً للطوارئ».
ويواصل: «لا أدري ما الذي يجري هذه المرة، سبق أن خرجت مظاهرات كثيرة في أوقات سابقة، لكن الناس لم تكن قلقة إلى هذا الحد».

وأبلغ شهود عيان «الشرق الأوسط» أن «أسواق جملة الفاكهة والخضار في منطقة جميلة وأسواق الجملة في منطقة الشورجة ببغداد شهدت خلال اليومين الأخيرين عمليات تسوّق غير مسبوقة».

وفيما يؤكد كثير من المصادر الأمنية قيام الحكومة العراقية بإدخال جميع قواتها في حالة الإنذار القصوى، أصدرت وزارة الداخلية، أمس، بياناً دعت فيه المواطنين إلى عدم القلق.

وعلى الرغم من تطمينات الداخلية العراقية وأنها تتخذ حالة الإنذار القصوى، فإن الناشط والمتحمس لمظاهرات اليوم (الجمعة)، محمد الربيعي، لا يُخفي خوفه من «إمكانية نشوب مواجهات خطيرة بين المحتجين وقوات الأمن كما وقع في المظاهرات التي انطلقت مطلع الشهر». 

ويقول الربيعي لـ«الشرق الأوسط»: «في المظاهرات السابقة ربما كنت أستطيع التكهن بما قد يجري، لكنني هذه المرة، نظراً إلى وجود حالة غليان شعبية غير مسبوقة ضد السلطات بعد 16 عاماً من الصبر الصعب، ليس أمامي غير تمني ألا تقع أشياء هائلة». 

ويضيف: «ربما سيكون لوجود الصدريين في المظاهرات عامل ضبط لها وعدم السماح بخروجها عن السيطرة». 

وكشف الربيعي عن أن «أعداداً كبيرة من المحتجين جهّزوا أنفسهم للبقاء في اعتصامات مفتوحة في الشوارع لحين إسقاط الحكومة وتحقيق المطالب».

قد يهمك أيضًا :

قوات الأمن العراقية تفرّق المحتجين أمام المنطقة الخضراء وسط بغداد