محافظ القدس عدنان غيث

اعتقلت إسرائيل محافظ القدس، عدنان غيث، بعد يوم واحد من اعتقال مسؤولين فلسطينيين آخرين، ضمن حملة استهدفت إغلاق المؤسسات الفلسطينية العاملة في المدينة المحتلة، التي تقول إسرائيل إنها عاصمتها الأبدية، وينادي الفلسطينيون بها عاصمة لدولتهم العتيدة، حيث داهم جنود إسرائيليون منزل غيث في بلدة سلوان جنوب القدس، واقتادوه إلى المعتقل.

واعتُقل المحافظ غيث منذ توليه منصبه أكثر من 13 مرة، من أجل التحقيق معه، لكن السلطات الإسرائيلية مددت اعتقاله أمس 24 ساعة إضافية.

وتتهم إسرائيل المحافظ بالمسّ بالسيادة الإسرائيلية في القدس، وتشكيل خطر على أمن الدولة، والقيام بنشاطات غير قانونية، في إشارة إلى دوره كممثل للرئيس الفلسطيني محمود في القدس، باعتبار أنه يحظر على السلطة العمل في المدينة، وهو أمر تحول إلى سجال وخلاف قانوني بين الطرفين.

وقال القيادي الفلسطيني واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن إسرائيل تعمل بخطوات حثيثة لإخراج القدس خارج أي نقاش، وأضاف "ما يجري في القدس وكل الأراضي الفلسطينية يندرج في إطار الاستفادة القصوى من الموقف الأميركي المعادي. إسرائيل بالشراكة مع الولايات المتحدة تعلن حربًا مفتوحة ضد الشعب الفلسطيني".

وتابع: "منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017، حين أعلن (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، وفي كل خطوة لاحقة، كانوا يعملون على تصفية القضية. والآن الإعلان الأميركي الخطير حول المستوطنات. إدارة ترمب تحاول شرعنتها، في مخالفة واضحة للقانون الدولي. إنهم يعملون على شرعنة الاحتلال مقابل تصفية القضية".

وقال أبو يوسف؛ إن كل ذلك أطلق يد إسرائيل في القدس، عبر سياسة "التطهير العرقي والعقاب الجماعي والاستيطان وتغيير معالم المدينة ومصادرة بيوتها وتغيير مسمياتها، في محاولة لفرض وقائع على الأرض".

وأكد أبو يوسف أن القيادة الفلسطينية قررت التحرك في 3 اتجاهات، لمواجهة التغول الأميركي الإسرائيلي، أولها التحرك على المستوى الدولي، عبر التوجه لمجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومحكمة لاهاي وكل دولة ومنظمة ومؤسسة، لاتخاذ القرارات الهادفة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة حسب القانون والشرعية الدولية، وثانيًا التحرك عربيًا عبر الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والدول والأحزاب العربية، وداخليًا بالاتفاق مع فصائل العمل الوطني والتنظيمات الشعبية والمجتمع المدني، والحكومة، من أجل تحصين الجبهة الداخلية وتعزيز المقاومة الشعبية في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية التي تقوم بها الإدارة الأميركية.

وإلى جانب غيث، مددت إسرائيل أمس اعتقال مدير تربية القدس سمير جبريل، ورئيس مجلس أولياء الأمور لطلبة القدس زياد الشمالي، بعد إغلاق 3 مؤسسات في المدينة، وهي مكتب مديرية التربية والتعليم ومكتب التلفزيون الفلسطيني الرسمي ومركز طبي في البلدة القديمة بالقدس.

وذكرت الشرطة في قرار الإغلاق الذي يستمر 6 أشهر أن هذه المكاتب تمارس نشاطات مخالفة للاتفاقية الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1994.

وأمر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، بإغلاق بثّ تلفزيون فلسطين الذي يبث أنشطته وبرامجه في القدس الشرقية، بدعوى أن القناة "تابعة للسلطة الفلسطينية، وهي من تقوم بتمويلها، وهذا انتهاك للقانون".

وجاء في قرارات الإغلاق الموقعة من قبل أردان أنه "سنستمر في إفشال أي محاولة تدخل للسلطة الفلسطينية لانتهاك سيادتنا في عاصمتنا، وإفشال تحريض سكان القدس ضد إسرائيل"، مضيفًا أن "الإغلاق سببه إقامة هذه الجهات أنشطة للسلطة الفلسطينية أو نيابة عنها أو تحت رعايتها في نطاق دولة إسرائيل من دون تصريح وفق القانون".

وأكد وزير الأمن الداخلي أن القرارات تمنع "كل إنسان أو منفذ أو عامل في الفعالية من الاستمرار بالقيام في هذه الفعالية في كل مكان آخر في نطاق دولة إسرائيل".

وقالت وزارة الأمن الداخلية، في بيان: "تبثّ القناة محتوى معاديًا لإسرائيل، وصهيونيًا يهدف إلى إثارة المشاهدين ضد دولة إسرائيل، بالإضافة إلى أن القناة تبثّ برامج عن المسجد الأقصى، في حين يخلق المذيعون والضيوف معهم انطباعًا بأن الحرب تشنّ على القدس والمسجد الأقصى، ويجب حمايتها من قوات الاحتلال الصهيونية".

وأعلن أردان عن إغلاق "لجنة أولياء الأمور الفلسطينية"، وهي امتداد لوزارة التعليم الفلسطينية، التي تعمل من مدرسة "الأيتام" في البلدة القديمة بالقدس، قائلًا: "تشكل الأنشطة التي أمرت بمنعها زيادة في محاولات السلطة التدخل في تعليم أطفال القدس الشرقية، وإدخال محتوى التحريض على النظام التعليمي الإسرائيلي، ويربط الخط المباشر هذه الأنشطة بالمعسكرات الإرهابية وتمجيد الإرهابيين الذين تمولهم السلطة الفلسطينية".

وشملت قرارات الإغلاق مكتب تلفزيون فلسطين، ومقره رام الله، ومكتب مديرية التربية والتعليم الفلسطينية، والمسجد الرصاصي في البلدة القديمة، في حين أنها لم تشمل مكتب شركة "الأرز" للإنتاج التلفزيوني في مدينة الناصرة، شمال البلاد.


وردّ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، مفندًا "أكاذيب حكومة الاحتلال الإسرائيلية بخصوص إغلاقها المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية".

ونشر عريقات رسالة من وزير الخارجية الإسرائيلي في حينه، شمعون بيريز، إلى وزير الخارجية النرويجي يوهان هولست، مؤرخة بـ11-10-1993، حول المؤسسات الفلسطينية في القدس.

وأكد بيريز في رسالته إلى هولست، أن "المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، وكذلك مصالح فلسطينيّي القدس الشرقية، ومنافعهم، تُعتبَر على درجة كبيرة من الأهمية، وسيتم الحفاظ عليها".

وأضاف: "وبناء عليه، فإن جميع المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية - بما فيها المؤسسات الاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والثقافية والأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية - تؤدي مهمّة حيوية للفلسطينيين. وغني عن القول إننا لن نعيق نشاطها، وبالعكس، فإننا سنقوم بتشجيعها على تأدية هذه الوظائف المهمة".

وذكّر عريقات، بنصّ البيان الذي ألقاه بيريز حول القدس أمام الكنيست الإسرائيلية بتاريخ 9 سبتمبر (أيلول) 1993، الذي قال فيه: "إن إسرائيل تعترف بالأهمية الدينية للقدس بالنسبة لجميع الديانات النبوية. وتحترم قيمتها الفريدة في الحياة الروحية واليومية لليهود، والمسلمين، والمسيحيين. ولقد التزمنا وسنظل ملتزمين التزامًا قويًا بحرية العبادة المطلقة ومواصلة المؤسسات الدينية والروحية في القدس لأدائها مهامها. وسنواصل احترام الحياة الدينية في المدينة بمختلف جوانبها، وسنسعى إلى توسيع نطاق الحوار الذي نجريه مع المؤسسات الدينية المختلفة. وسنواصل الامتناع عن اتّخاذ أي إجراء من شأنه أن يشكّل تعدّيًا على حرية العبادة والوصول إلى الأماكن المقدسة، أو يمكن أن يُلحق الأذى بمشاعر الجماعات والطوائف الدينية المختلفة وبحساسياتهم. وينطبق ذلك على جميع سكان المدينة ومَن يحجّون لمزاراتها (أماكنها المقدسة). القدس مدينة ذات فسيفساء بشرية، ودينية، وثقافية، إذ يعيش اليهود، والمسلمون، والمسيحيون فيها، مع محافظة كل طائفة على تراثها الثقافي، وأنماطها ومؤسساتها الاجتماعية، ونُظُمها التعليمية. إن التعايش في وئام في القدس يعتمد على استمرار أداء هذه النُّظم، والمؤسسات، والأماكن المقدسة لمهامها". والتحرك الإسرائيلي في القدس يعزز شكوك كثيرين حول قبول إسرائيل إمكانية عقد انتخابات هناك.

وكان الرئيس الفلسطيني ضغط على دول وسيطة من أجل إقناع إسرائيل بإجراء انتخابات فلسطينية في القدس، لكن لا يُتوقع أن توافق إسرائيل على طلب من هذا النوع في المدينة التي تعد قلب الصراع.

قد يهمك أيضًا :

تقليص عدد وزراء الاتجاه الأقرب لتشكيل الحكومة في تونس ترشيدًا للنفقات

قيس سعيّد يكلّف الحبيب الجملي مهمة تشكيل الوزارة التونسية الأولى في عهده