العاهل المغربي الملك محمد السادس

أكّد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن حصيلة نصف قرن من عمل منظمة التعاون الإسلامي “تستحثنا لجعل الجهد الجماعي المبذول محفزًا لتصحيح مسار العمل الإسلامي المشترك، نحو تحقيق الاستقرار السياسي، والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب أمتنا الإسلامية”.   وأضاف العاهل المغربي، في رسالة وجهها، أمس، إلى المشاركين في الاحتفالية المقامة في الرباط بمناسبة مرور نصف قرن على إنشاء “منظمة التعاون الإسلامي”، تلاها وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، أن المنظمة أصبحت “ثاني أكبر منظمة حكومية دولية، خارج منظومة الأمم المتحدة، بسبع وخمسين دولة عضوًا، تمثل ما يقارب ملياري مسلم، ينتمون لمختلف الأجناس والقارات”.   وأوضح الملك محمد السادس أن تخليد الذكرى الخمسينية لإحداث المنظمة “يأتي في ظل ظرفية دولية دقيقة وجد معقدة، تطغى عليها الأزمات التي اندلعت في بعض الدول الأعضاء في المنظمة، والتي تفاقمت تداعياتها إقليميًا، وتصاعدت بفعلها نعرات الانقسام والطائفية المقيتة، وتنامت فيها ظاهرة التطرف والإرهاب”، مشددًا على ضرورة معالجة “الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا الوضع، المنذر بالعديد من المخاطر، والعمل الصادق على حل الخلافات البينية، واعتماد الآليات الكفيلة بتحصين منظمتنا من مخاطر التجزئة والانقسام”.   كما نبه العاهل المغربي إلى أهمية التصدي لمحاولات بعض الجهات “استغلال هذا الوضع المتأزم لإذكاء نعرات الانفصال، أو إعادة رسم خريطة عالمنا الإسلامي، على أسس تتجاهل حقائق التاريخ والهويات، والتدخل في مصائر الأمم، وتهديد الأمن والاستقرار الدوليين”، معتبرًا أن التشخيص الدقيق والموضوعي للوضع الراهن في العالم الإسلامي، وتقييمه بتجرد وعمق، من شأنه أن يساعد على “تجاوز هذه المرحلة العصيبة، عبر وضع الاستراتيجيات والبرامج التنموية الملائمة وتنفيذها، في مراعاة تامة للخصوصيات الوطنية، وعلى أسس التضامن والتعاون التي يقوم عليها ميثاق المنظمة”.   واعتبر الملك محمد السادس إيمان الدول الأعضاء الثابت ب”عدالة قضيتنا الأولى، قضية القدس وفلسطين”، أهم مصدر ل”قوتنا واتحادنا، وأكبر محفّز لنا على بذل المزيد من الجهود”، مجددًا التأكيد على موقف المغرب الثابت في دعم القدس وفلسطين.   وقال العاهل المغربي: “من منطلق مسؤولياتنا كملك للمغرب، وبصفتنا رئيسًا للجنة القدس، فإننا نجدد التزام المغرب الدائم، ملكًا وحكومة وشعبًا، بالدفاع عن القدس الشريف وفلسطين، على مختلف الأصعدة... لصون الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”.   ودعا الملك محمد السادس المنتظم الدولي للانخراط الجاد في بلورة “خارطة طريق جديدة، تمكّن من تطبيق قرارات الشرعية الدولية، واتفاقات السلام المبرمة، وإيجاد حلول عملية للوضع المتأزم في الشرق الأوسط، من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وفق جدول زمني محدد، وفي إطار حل الدولتين، وبتطابق تام مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية”.   وثمن العاهل المغربي الخطط والبرامج السابقة والحالية ل”منظمة التعاون الإسلامي”، التي “أسهمت في مضاعفة المبادلات التجارية بين الدول الأعضاء في منظمتنا”، وعبر عن دعمه لكل المبادرات التي تروم “تطوير تكتلاتنا الاقتصادية، في أفق إنشاء منطقة للتبادل الحر داخل فضائنا الإسلامي”. كما دعا لاعتماد “خارطة طريق جديدة، تمكن من الاستفادة من ثرواتنا البشرية والطبيعية، بما يساهم في إحداث نقلة نوعية، في مؤشرات جودة الحياة ببلداننا الإسلامية”.   من جهته، نوه الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، بتواصل مواقف المغرب التاريخية والثابتة للتعريف بقضية القدس الشريف، مبرزًا في كلمة بالمناسبة الدور المحوري والبناء الذي قام به الملك الراحل الحسن الثاني خلال رئاسته للجنة القدس المنبثقة عن المنظمة، التي يضطلع بها حاليًا الملك محمد السادس، للتعريف بقضية القدس الشريف، ومكانتها التاريخية والرمزية في قلوب كل المسلمين.   وأشار وزير الخارجية السعودي إلى المحطات التاريخية التي مرت بها المنظمة منذ إحداثها سنة 1969، التي حددت أهدافها الشاملة في “تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في جميع المجالات، وتنسيق جهودها الرامية إلى المحافظة على المقدسات الإسلامية”، مشيرًا إلى أن “منظمة التعاون الإسلامي” تسعى بالأساس إلى “دعم كفاح الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المسلوبة، ومناهضة التمييز العنصري، ودعم السلم والأمن الدوليين القائمين على الحق والعدالة، وهو ما جعل منها بيتًا جامعًا للعمل الإسلامي المشترك، وصوتًا موحدًا للأمة الإسلامية”.   كما أكد المسؤول السعودي على مواقف السعودية ومسعاها الدائم ل”تقوية وتعزيز عمل المنظمة، ودعم العمل الإسلامي المشترك مع الدول الأعضاء والأمانة العامة لتحقيق آمال وتطلعات شعوب الأمة الإسلامية لما فيه الخير والاستقرار”.   أما مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، فاعتبر أن “منظمة التعاون” تشكل “الإطار الأمثل للتضامن والتعاون والوحدة بين شعوب الأمة الإسلامية”، مشددًا على ضرورة تقوية جهودها ل”مواجهة كل ما يمس المسلمين عبر العالم، والدفاع عن حقوق الأقليات المسلمة التي تعاني في بعض البلدان من مظاهر العنصرية والتمييز العرقي على أساس الدين”.   ودعا أوغلو المنظمة إلى التجاوب الإيجابي مع تطلعات الأمة، لافتًا إلى أن تعزيز “التضامن الإسلامي، وتوثيق أواصره يكتسي أهمية جوهرية في الدفاع عن القضايا الكبرى للأمة، وعلى رأسها دعم صمود الشعب الفلسطيني وحماية المقدسات الإسلامية بالقدس الشريف”.   من جانبه، قال الأمين العام ل”منظمة التعاون الإسلامي”، يوسف بن أحمد العثيمين، إن المنظمة حملت على عاتقها منذ التأسيس مسؤولية “توحيد جهود الدول الإسلامية في جوانبها السياسية والاقتصادية والعلمية والفقهية والثقافية والاجتماعية والإنسانية، ودعم الأقليات المسلمة حول العالم”، مضيفًا أن المنظمة “سجلت العديد من المنجزات، التي سيحفظها التاريخ بأحرف من نور، مسترشدة بتعاليم ديننا الحنيف وقيمنا الإنسانية، وما نص عليه ميثاق منظمتنا الكبيرة”.   وشدد العثيمين على أن المنظمة اضطلعت بدور “فاعل في الجهود الدولية لمكافحة آفتي الإرهاب والتطرف، اللتين تهددان العالم”، مبرزًا أن دعم وتعزيز التضامن بين الدول الإسلامية يندرج ضمن “تصور تكاملي يشتمل على عدة مفاهيم، من أهمها صون وحماية المصالح المشتركة، ومناصرة القضايا العادلة للدول الأعضاء، وفي صدارتها قضية فلسطين والقدس الشريف التي تشكل قلب اهتمامات المنظمة”.   من جهته، قال وزير الخارجية والتعاون الدولي والغامبيين في الخارج، مامادو تنغارا، إنه رغم الجهود التي تبذلها المنظمة، فإنها “لا تزال تواجه تحديات تتصل أساسًا بتشجيع الاستثمار، والبنيات التحتية، وتمكين المرأة، والاهتمام بالتكنولوجيا، إضافة إلى رهانات تتصل بالتصنيع والماء والطاقة وتدبير النفايات”، مؤكدًا الحاجة إلى تعزيز “العلاقات مع بعض المنظمات الدولية وإدخال إصلاحات جديدة لتنمية العمل الإسلامي المشترك”، ومشددًا على ضرورة التوزيع “العادل للعمل داخل المنظمة على كل الدول، واحترام سيادة الدول الأعضاء”.

قد يهمك ايضا 

تجدُّد الاشتباك بين قوّات منصورهادي والمجلس الانتقالي جنوب اليمن

الأحمر يؤكّد أنّ الشرعية اليمنية تدعم الجهود الأممية لإنهاء انقلاب الحوثيين