الجزائر ـ سناء سعداوي
دعت “منظمة العفو الدولية” السلطات الجزائرية إلى الإفراج فورًا، ومن دون قيد أو شرط، عن كل شخص محتجز “لمجرد ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير أو التجمع”، فيما خرج آلاف الجزائريين إلى شوارع العاصمة ومدن البلاد الكبيرة، أمس الجمعة، للتعبير مجددًا عن رفض الانتخابات الرئاسية المقررة الخميس المقبل.
وكان أمس آخر جمعة للحراك الشعبي قبل الموعد الانتخابي، وبهذه المناسبة أطلق ناشطون نداءات عبر الوسائط الاجتماعية الرقمية، لتكثيف المظاهرات والاحتجاجات، بدءًا من اليوم (السبت) وحتى الخميس المقبل، للتعبير عن “الرفض الشعبي” للاستحقاق، الذي ترشح له 5 أشخاص، اثنان منهم كانا رئيسين للوزراء، ووزيرين في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعلى هذا الأساس يطلق رافضو الانتخابات عليها تسمية “ولاية خامسة من دون بوتفليقة”.
وطالب المتظاهرون بساحات العاصمة العامة، وفي غالبية المدن الكبيرة، بالإفراج عن مئات من الشباب جرى اعتقالهم بسبب الاحتجاج على تنظيم الانتخابات، أو بسبب محاولة عرقلة تجمعات المترشحين في إطار الدعاية الانتخابية، التي تنتهي غدًا. كما رفع بعض المتظاهرين صورة المترشح عز الدين ميهوبي، وكتبوا تحتها “لا للعهدة الخامسة”، وهو ما يترجم اعتقادًا في الأوساط السياسية والإعلامية بأن ميهوبي، وهو وزير الثقافة سابقًا، يحظى بدعم السلطة الحالية، مجسدة في قيادة الجيش. وقد تعزز هذا الاعتقاد بعد أن أعلن حزب الأغلبية (جبهة التحرير الوطني) دعمه له.
ووسط شوارع العاصمة ردد المحتجون بحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية “الشعب يريد إسقاط النّظام”، و”الشعب يريد الاستقلال”، إلى جانب هتافات رافضة للانتخابات. في حين تتعالى أصوات للدّخول في إضراب وعصيان مدني مع اقتراب موعد
الرّئاسيات، حيث يرى مناهضو الموعد الانتخابي أن “الوقت لم يحِن بعد والظروف ليست ملائمة لاختيار رئيس جمهورية مقبول شعبيًا”.
من جهتها، قالت “منظمة العفو الدولية”، أول من أمس، إن السلطات الجزائرية “ليس لديها أي تسامح مع الجزائريين الذين يدعون إلى التغيير في النظام”، وأكدت أنها “صعدت من حملتها القمعية”، التي تستهدف المتظاهرين مع اقتراب الانتخابات.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي لـ”الشرق الأوسط” وشمال أفريقيا في المنظمة، إن “السلطات صعدت من الاعتداء على حرية التعبير والتجمع”، منذ انطلاق الحملة الانتخابية في 17 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
كما نددت “أمنيستي” بـ”عمليات الاعتقال التعسفي”، و”التفريق بالقوة للمظاهرات السلمية ضد الانتخابات الرئاسية، ومحاكمة وسجن عشرات الناشطين السلميين” في الأسابيع الأخيرة. وفي هذا السياق، أوضحت مرايف أنه “بدلًا من الاعتداء على المحتجين السلميين، ومن بينهم أولئك الذين يعارضون الانتخابات الرئاسية، يجب أن تدعم السلطات الجزائرية حق الجزائريين في التظاهر بصورة سلمية، والتعبير عن آرائهم بحرية”. ودعتها إلى “الإفراج من دون قيد أو شرط عن كل شخص محتجز لمجرد ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير أو التجمع”.
في غضون ذلك، قالت السلطات مساء أول من أمس، إن أجهزة الأمن “أحبطت مخططًا تخريبيًا، تقف وراءه حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل الانفصالية”. ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن مصادر أمنية، أن “المخطط تقف وراءه حكومة القبائل المؤقتة، التابعة للحركة الانفصالية”. ويرأس هذا الكيان السياسي المطرب الأمازيغي فرحات مهني المقيم بفرنسا.
وبحسب المصادر نفسها، فإن هذا المخطط “يهدف إلى السيطرة على الحراك الشعبي بواسطة عناصر متطرفة، والقيام بحركة عصيان ومظاهرات ليلية لدفع قوات الأمن إلى استخدام القوة”.
واعتقلت قوات الأمن، مساء أول من أمس بوسط العاصمة طالبًا جامعيًا، قالت إنه “عضو في الحركة الانفصالية”، التي تأسست منذ 6 سنوات، وهي لا تحظى بتأييد كبير في أوساط سكان القبائل. وذكرت أن الطالب الجامعي “مناضل في حزب يقاطع الانتخابات”، وتقصد ضمنًا “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”، الذي تتهمه الحكومة بأن له صلات بالانفصاليين. وبحسب قوات الأمن، فقد اعترف الطالب بـ”إعداد مخطط تخريبي، جاهز للتنفيذ عشية الانتخابات الرئاسية المقررة، وذلك على مرحلتين”.
من جهة ثانية، قالت السلطات إنها اعتقلت عضوًا من حملة المترشح لـ”الرئاسية” علي بن فليس، واتهمته بـ”التخابر مع جهة أجنبية”. ونشرت وكالة الأنباء الحكومية بأن المعني “اعتقل وهو بصدد جمع معلومات بغرض تسليمها إلى دولة أجنبية، التي يؤدي استغلالها إلى إلحاق ضرر بمصالح الدفاع الوطني”. لكن بن فليس نفى في بيان أمس أن يكون الشخص المعتقل عضوًا في حملته الانتخابية، وقال إنه فني ينتمي لفريق التصوير الذي يرافقه في تجمعاته الدعائية.
قد يهمك ايضا
وزير جزائري يهاجم معارضي الانتخابات متحدثا عن "شواذ ومثليين" في صفوفهم
الجزائر تردّ على الاتحاد الأوروبي ببيان شديد اللهجة وتهدّد بمراجعة علاقاتها معه