الجزائر ـ سناء سعداوي
أكد عبد المجيد تبون، المترشح لانتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة في 12 من الشهر المقبل، أنه ليس مرشح المؤسسة العسكرية ولا أي جهة أخرى، وقد أكد الجيش أنه لم يرشح أحداً.
وقال تبون، بخصوص الاعتقاد السائد في البلاد بأن الجيش هو مَن يختار الرؤساء، وأنه وفّر الدعم السياسي لعبد العزيز بوتفليقة عندما ترشّح لأول مرة في انتخابات 1999، إن «الفَرْق هذه المرة أن المترشحين يعترفون بوقوف المؤسسة العسكرية على مسافة واحدة من الجميع، وإلا لما قبلوا البقاء في السباق الانتخابي».
كما يوجد اعتقاد في الداخل والخارج بأن الرئاسية مرفوضة شعبياً، على أساس أنها تجري في ظروف لا ترضي قطاعاً واسعاً من الجزائريين، وعليه، فترشُّح تبون وبقية المتنافسين الأربعة «ضد الإرادة الشعبية»، وعن ذلك يقول رئيس الوزراء السابق (2017): «يجب أن تبيّن من هذا الذي تسميه (الخارج). هل هم جزائريو الخارج، أم قوى سياسية خارجية لها نظرة استعمارية أو نظرة وصاية أو نظرة حماية على الجزائر؟ الشعب الجزائري وحده السيد، وهو من يحدد مصير الجزائر في كل المراحل التي تمر بها. والانتخابات ستجري لا محالة، فنحن نعيش حالة ديمقراطية غير مسبوقة، ولكل رأيه».
وأفاد تبون (74 سنة) بأن شوارع البلاد «تشهد مظاهرات سلمية تدعو للانتخابات، مع اقتراب هذا الموعد الانتخابي، وقد ترشحت للرئاسة لأن قطاعاً من الجزائريين طلبوا مني ذلك، ولا يمكنني أن أرفض الواجب الوطني، خاصة في هذا الظرف الحساس... ثم هل تستطيع أن تذكر لي بلداً واحداً صرحت سلطاته رسمياً بأنه يرفض الانتخابات في الجزائر؟ طبعاً لا، أقول لك إن ذلك لم يحدث ولن يحدث، لأن الانتخابات هي الآلية الديمقراطية الوحيدة المتفق عليها كونياً للشروع في بناء بلد، وها هي الجزائر تتجه رأساً نحو الشرعية الانتخابية بحول الله».
وغادر تبون نظام الرئيس السابق «في ربع الساعة الأخير»، كما يقول خصومه، وهي طريقة لمهاجمته بحجة أنه كان مسؤولاً حتى وقت قريب عن ممارسات حكم ثار ضده الجزائريون، وأنه لا يمكن أن يتنصل من ذلك. وبهذا الخصوص قال تبون: «أنا لم أغادر ما تسميه نظام الرئيس السابق، وإنما تمت إقالتي. أما عن قولك (في ربع الساعة الأخير)، فكأنك كنتَ أنت أو غيرك تعلمون قبل عامين أن هناك حراكاً عظيماً سيطيح بالسلطة السابقة، وأنه لا بد للبعض أن يغادر السفينة قبل أن تغرق!».
وأضاف تبون موضحاً: «عندما غادرت الحكومة في أغسطس (آب) 2017 لم يكن أحد يعلم بأن الشعب الجزائري سيخرج عن بكرة أبيه لرفض العهدة الخامسة (ترشح بوتفليقة لفترة خامسة). وقد كانت كل المؤشرات تشير إلى عكس ذلك تماماً. وإذا كنتَ من المتتبعين للشأن السياسي، فإنك حتماً سمعتني في تصريحات سابقة أقول إنني لم أكن خادماً لشخص ما في السلطة، وإنما خدمتُ بلدي».
وبخصوص دوافعه للترشح، قال تبون: «لم أترشح للرئاسة تملصاً من أي مسؤولية سابقة. فعبد المجيد تبون كان وزيراً قبل 1999 (سنة وصول بوتفليقة إلى الحكم)، وعمل إطاراً في الدولة منذ عهد الزعيم الراحل هواري بومدين (1965 - 1978)، واشتغل مع الرئيس الشاذلي بن جديد (1979 - 1992)، والرئيس الراحل محمد بوضياف (سنة 1992، وقُتِل على يدي ضابط عسكري)، فلماذا الربط بفترة معينة يا ترى؟! أليس في هذا محاولة لإلصاق الصورة السيئة لفترة ما بشخصي، بينما تعرفون جيداً أن الإطار السامي في الحكومة كان مكبلاً في صلاحياته؟ لكن كل الجزائريين شاهدون على دفاعي عن ثروة الشعب ومحاسبة الفاسدين، وقد وجدت نفسي يومها وحيداً ومعزولاً في مواجهة عصابة بأكملها»، في إشارة إلى أول تصريحاته لما تسلم رئاسة الوزراء في يونيو (حزيران) 2017. جاء فيها أنه يعتزم إعلان حرب على رجال أعمال نافذين في شؤون الحكم. وكان ذلك سبباً في إبعاده بعد شهرين فقط، بحسب ما يقوله هو بنفسه. ويعتقد تبون من جهة أخرى أن مصير معتقلي الحراك، وهم بالمئات «بين يدي القضاء، وهو وحده المخول بتقرير مصيرهم، ألم يطلب الحراك استقلال القضاء؟! وأنا طلبت رئاسة الجمهورية لأنفذ مطالب الحراك».
وبعكس ما يراه الكثيرون «تتوفر عناصر النزاهة والشفافية في انتخابات 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل»، بحسب تبون، و«الإقرار بذلك كان ثورة حقيقية في المشهد الانتخابي، وذلك من خلال استحداث هيئات رقابية مستقلة للانتخابات (السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات)، وفي ظل نقاش مجتمعي ديمقراطي سلمي، يبهر العالم لحد الآن».
وعما إذا كان سيقبل بمنصب الرئيس في حال كانت نسبة التصويت ضعيفة، قال تبون: «لا يوجد في قوانيننا ما يحدد قبول أو عدم قبول منصب الرئاسة بناء على نسبة المشاركة في الانتخاب. فالعبرة بالعمل بعد الانتخابات، ولا يوجد في التاريخ رجل حقق الإجماع بمعناه الحقيقي. هذه سُنّة الله في خلقه»، مضيفاً: «لا يوجد ما يمنع أي رئيس من قبول منصبه عقب فوزه بالانتخابات، ما دام الناس كانوا أحراراً في خياراتهم ومواقفهم يوم الانتخابات. وما دامت العملية الانتخابية ستكون نزيهة، في عمومها وفي غالبية مراكز التصويت صحيحة، يكون هذا هو المبدأ الأساسي والمقياس الذي يجعلك تقبل أو لا تقبل المنصب، وليس نسبة المشاركة».
قد يهمك أيضًا :
157 شخصًا قُتلوا في احتجاجات واعتصامات العراق وإعفاء قادة عسكريين وأمنيين