طهران - صوت الإمارات
أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في مقابلة كان من المقرر نشرها بعد انتهاء مدة الحكومة الحالية، إلى تدخلات قاسم سليماني، القائد السابق لـ«فيلق القدس»، مضيفاً أنه ضحى بالدبلوماسية من أجل العمليات الميدانية لـ«الحرس الثوري».وفي المقابلة التي استمرت أكثر من 3 ساعات مع الاقتصادي الموالي للحكومة سعيد ليلاز، والتي أجريت في مارس (آذار) الماضي، وحصلت قناة «إيران إنترناشيونال» على ملف صوتي لها، أجاب ظريف على أسئلة حول سياسات وزارة الخارجية خلال فترة ولايته.
وبخصوص فرض سياسات «الحرس الثوري» على وزارة الخارجية، وصف ظريف استراتيجية النظام الإيراني بـ«الحرب الباردة»، قائلاً: «ضحيت بالدبلوماسية لصالح ساحة المعركة (العمليات والتدخل العسكري) أكثر مما ضحيت بساحة المعركة لصالح الدبلوماسية».ورداً على سؤال حول سبب هذا التدخل العسكري في قرارات الحكومة، قال: «يحدث هذا عندما يكون الوسط العسكري هو من يقرر... يحدث ذلك عندما يريد الميدان (العسكري) الهيمنة على استراتيجية البلاد، وبإمكانهم اللعب معنا».
وعندما سأله سعيد ليلاز عما إذا كانت هذه القرارات والتدخلات تستحق العناء، وفي المقابل هل تم الحصول على شيء للدبلوماسية أم لا؟ رد ظريف: «ما الذي حصلنا عليه؟ قولوا أنتم».وفي جزء من المقابلة أشار ظريف إلى علاقته بقاسم سليماني، قائلاً: «لم أتمكن أبداً في مسيرتي المهنية من القول لقائد (ساحة المعركة - سليماني وغيره) أن يفعل شيئاً معيناً لكي أستغله في الدبلوماسية». وأضاف: «في كل مرة، تقريباً، أذهب فيها للتفاوض كان سليماني هو الذي يقول إنني أريدك أن تأخذ هذه الصفة أو النقطة بعين الاعتبار... كنت أتفاوض من أجل نجاح ساحة المعركة».
واستشهد ظريف بمثال مشاركة «الحرس الثوري» في محادثات وزارة الخارجية مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، قائلاً إن سليماني أعطاه قائمة بالنقاط التي كان يجب أخذها في الاعتبار. وأضاف: «لم أتفق مع قاسم سليماني في كل شيء... كان سليماني يفرض شروطه عند ذهابي لأي تفاوض مع الآخرين بشأن سوريا، وأنا لم أتمكن من إقناعه بطلباتي... مثلاً طلبت منه عدم استخدام الطيران المدني في سوريا ورفض».
وطلب ظريف من ليلاز «ألا ينشر هذا الجزء من المقابلة أبداً».وبشأن الاختلاف بين الجيش والدبلوماسية في إيران، وضرورة ترك الأمور للدبلوماسيين، قال وزير الخارجية الإيراني: «لقد كانت ساحة المعركة هي الأولوية بالنسبة للنظام». وأشار إلى العلاقة بين الحرب والدبلوماسية في سياسات النظام الإيراني، قائلاً: «لقد أنفقنا الكثير من المال، بعد الاتفاق النووي، حتى نتمكن من المضي قدماً في عملياتنا (عمليات الحرب) الميدانية».ووصف ظريف دوره في السياسة الخارجية للبلاد بـ«الصفر»، قائلاً: «يجب أن تكون سياسة ساحة المعركة أيضاً إحدى وظائف استراتيجية الدولة، لكن هذا ليس هو الحال، فسياسة ساحة الحرب هي التي تحدد ماهية سياسة البلاد».
وقال ظريف إنه بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي، في يوليو (تموز) 2015 وحتى يوم تنفيذ الاتفاق في ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام، وقعت أحداث ضد الاتفاق النووي، كان آخرها الهجوم على السفارة السعودية في ديسمبر من ذلك العام. مضيفاً: «في هذه الأشهر الستة، كان الحدث الأول هو زيارة قاسم سليماني إلى موسكو».
وأشار إلى أن الزيارة تمت بإرادة روسية ودون سيطرة وزارة الخارجية الإيرانية، وكانت تهدف إلى «تدمير إنجاز وزارة الخارجية» بإرادة روسية. وأوضح أن روسيا حاولت طعن الاتفاق النووي في الأسابيع الأخيرة من توقيعه.وأشار ظريف إلى أنه أهان الوزير الروسي سيرجي لافروف خلال المفاوضات النووية بسبب خلاف في الآراء نشب بينهما. ومع ذلك، أكد أنه من المؤيدين الجادين لعلاقات بلاده مع الصين وروسيا.
وفي جزء آخر من المقابلة، أشار ظريف إلى عدم تغيير سلوك الحكومة الأميركية خلال فترة رئاسة بايدن، موضحاً أن أكثر من 10 مليارات دولار «من أصولنا تم تجميدها في الخارج، ولم نر أي تغيير منذ تسلم بايدن السلطة».وفي حديثه عن نفوذ سليماني، أشار ظريف إلى أنه لأول مرة منذ رفع العقوبات الأميركية عن شركة الطيران الوطنية الإيرانية (هما)، حذره وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جون كيري، في يونيو (حزيران) 2016 من أن الرحلات الجوية من إيران إلى سوريا زادت 6 أضعاف.
وأشار إلى أنه عندما تابعت وزارة الطرق، والوزير آنذاك عباس أخوندي الأمر، أكد رئيس الخطوط الجوية الإيرانية أن «ضغوط قاسم» تسببت في تسيير رحلات «هما» بالإضافة إلى خطوط «ماهان».وتحدث ظريف أيضاً عن الخلاف السياسي في الداخل الإيراني، قائلاً: «هناك من يعرقلون الحكومة ظناً منهم أنهم سيأتون بعدنا ويفخرون بحل المشكلات، لكنهم لم ينتبهوا أن العالم سيتغير بعد 6 أشهر، وهذه الشهور المتبقية مهمة للغاية للنظام».
وهو المعنى نفسه الذي أشار إليه موقع «رويداد 24» الإخباري نقلاً عن مصدر مطلع من أن ظريف طالب، في رسالة إلى خامنئي، بوقف الضغط السياسي الداخلي على فريق التفاوض الإيراني في فيينا. وبحسب التقرير، فإن ظريف وعد خامنئي في هذه الرسالة بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران.ورداً على سؤال حول تدخل القوات الأمنية في السياسة الخارجية والطبيعة الأمنية لمعظم سفراء إيران في المنطقة، قال ظريف «إن معظم هيكل وزارة خارجيتنا شأن أمني».وفي جانب من المقابلة، أشار ظريف إلى أن المرشد عاتبه «بشدة» بعد تصريح له: «تم تحريفه من قناة ناطقة بالفارسية في الخارج، حول الاتفاق النووي... وقال لي حينها: عليك أن تكون مع مواقف النظام... اضطررت أن أشرح له عدة ساعات وأكتب توضيحاً على (تويتر) لشرح الموقف».
ثم عاد ظريف وأشار إلى توزيع الأدوار بين أركان النظام الإيراني، قائلاً: «كلنا ثوريون مثل المرشد، لكن تم تقسيم المهام؛ أحدنا يكون دبلوماسياً والآخر عسكرياً أو اقتصادياً، قوة إيران في ثوريتها».ورداً على سؤال حول سبب سماح الحكومة لقاسم سليماني بالتدخل، قال ظريف إن مسؤولي الطيران ووزير الطرق ورئيس الجمهورية لم يكونوا على علم بذلك.وذكر ظريف أنه سمع من كيري أن إسرائيل هاجمتنا 200 مرة في سوريا، قائلاً: «أخبرني كيري أن إسرائيل هاجمتنا 200 مرة في سوريا»، مؤكداً جهله بالعديد من القضايا الإقليمية التي قام بها «الحرس الثوري». وأضاف: «هل تعلمون أن أميركا علمت بالهجوم على قاعدة عين الأسد قبل أن أسمع به أنا؟»، مضيفاً: أنه سمع بالهجوم على هذه القاعدة الأميركية بعد ساعتين من إبلاغ رئيس الوزراء العراقي آنذاك بالهجوم.وحول جهله بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران قبل 4 أعوام، والتي أدلت إلى تقديم ظريف استقالته، قال: «نسقنا للزيارة أنا وسليماني، ولكن عندما أحضروه لم أكن على علم بذلك، فقد شاهدت الخبر على شاشة التلفزيون».
وفيما يتعلق باستهداف «الحرس الثوري» الإيراني الطائرة الأوكرانية بالقرب من طهران، قال وزير الخارجية الإيراني إن المسؤولين العسكريين والأمنيين كانوا على علم باستهداف الطائرة بعد ظهر (الأربعاء) أو صباح (الخميس). وأكد أنه تم التعامل معه بشدة من قبل الحاضرين في اجتماع الأمانة العامة التابعة لمجلس الأمن القومي، بعد طرحه سؤالاً حول إطلاق الصاروخ، مشيراً إلى أن الاجتماع حضره رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، وسكرتير مجلس الأمن القومي ووزير الطرق.وقال ظريف إنه عندما سألهم في اجتماع يوم (الجمعة)، أي بعد نحو 3 أيام من استهداف الطائرة، قال إنه إذا تم إطلاق الصاروخ، ينبغي أن يخبروه بالأمر أيضاً، ولكن الحاضرين نفوا الأمر وطلبوا منه نفيه على حسابه في «تويتر».