أبوظبي - فيصل المنهالي
أكدّ المشاركون في ورش العمل التي عقدت على هامش أعمال الدورة الثانية للمنتدى العالمي "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة 2015 " التي اختتمت يوم الخميس في أبوظبي، أهمية نشر ثقافة السلام وتعزيز الجهود الرامية لمواجهة الإيديولوجيات المتطرفة التي تخالف القيم الإنسانية ومبادئ الإسلام السمحة وللتصدي لمخاطر الطائفية المذهبية والعنف الطائفي التي تسود العديد من المجتمعات العربية والإسلامية.
وذكر عضو اللجنة العلمية لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الدكتور يوسف حميتو، أن المجتمعين في ورش العمل أكدوا أن مشكلة المسلمين الحالية هي " المفاهيم الإسلامية " وأن درجة الوعي بالخلل الواقع فيها هي مفتاح الأزمة التي تعيشها، ولذلك فهم في هذه الورش عالجوا أهم قضايا المفاهيم التي توافقوا جميعًا على أنها تمس الأزمة وتناولوا بالنقاش والتحليل في ورشهم قضايا الجهاد والقتال والتكفير وتقسيم المعمورة وتأصيل السلم بعيون غربية وما الذي يمكن أن تقدمه الجامعات الإسلامية لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة؟.
وفي قضية الجهاد والقتال، أشار المؤتمرون إلى أن "الخيط الرفيع الذي يقرر حد الاتصال والانفصال بين مفهوم الجهاد ومفهوم القتال هو سبب الأزمة التي يعيشها شباب المسلمين الخميس إذ أنهم لا يمتلكون أدوات الفصل والتمييز بين مفهوم الجهاد ومفهوم القتال إذ أن الغالبية الساحقة منهم لا يمكنهم أن يتصوروا أن يقع جهاد لا قتال فيه متعللين بأن هذا الجهاد إن كان فهو جهاد للنساء لا الرجال الذين أوجب الله عليهم ما لم يوجبه عليهن".
واتفق الجميع، على أن هذا الخلط هو الذي فتح أبواب جحيم الفتنة والتقاتل والثورات العمياء التي نتجت عن شارع العوام لا عن مشروع العلماء والنخبة ولم يغفل المجتمعون أن يقرروا أن للنخبة والعلماء إسهام في هذا الواقع كون دورهم انحسر إلى قضايا هي اليوم في ميزان المصالح والمفاسد قضايا فرعية يقوم بها أدنى الناس علمًا بأن القضايا الجسام التي تعني بناء الأمة وحفظ كيانها لا تعالجه إلا جهود تكاد تكون غريبة غربة مؤمن آل فرعون وسط هذا السيل الجارف من العنف والقتل والدمار.
ودعا المجتمعون في ورشة الجهاد والقتال إلى أهمية أن يعي المسلمون وخاصة الشباب أن الإسلام متكامل لا يتجزأ فلا تجوز فيه الانتقائية فكل ما يقع من اختلاف سائغ أو توافق في أصوله وفروعه ومقاصده يرجع إلى أصل واحد ومن هنا لا يمكن بأي حال من الأحوال تخصيص الجهاد بمعنى معين وقصره عليه وطرح ما عداه من صوره ومجالاته.
وفي قضية التكفير، أكد المشاركون في الورش، أن "الأمة تعاني أمراضًا نتيجة قلب الحروف التي انقلبت معها المعاني فعوض أن تتمتع اليوم بصحة التفكير نجدها تغوص في أوحال التكفير بل وصارت تتزاحم فيها الفرق والطوائف على صفة الأمة تزاحم رعاة مدين على مائها في حين أن أصحاب الفكر الوسطي والمنهج القويم صاروا كابنتي الشيخ لا يسقون حتى يصدر الرعاء وأبوهما شيخ كبير ولكن لا موسى لهما اليوم".
ووصل المشاركون إلى أن مسألة التكفير من أهم المسائل في الوقت المعاصر وأكثرها ضررًا وأعمها خطرًا لكون الحكم به وإيقاعه على غير مستحقيه يمثل جريمة يسألون عنها ويحاسبون عليها ولما كانت الحدود تدرأ بالشبهات فإن الشريعة الإسلامية وضعت أسسًا واضحة وضوابط كابحة، وحذرت من إطلاق حكم التكفير على الناس بغير وجه حق فمن الخطورة بمكان مع الحرمة في آن أن يحكم بالكفر على مسلم فيحكم عليه بالخروج من الملة والإنسلاخ من ربقة الإسلام وذلك لما يترتب عليه من آثار دينية ودنيوية.