القدس - ناصر الأسعد
اقتحمت قوات الاحتلال الخاصة صباح الاثنين، المسجد الأقصى المبارك، وشرعت بتفريغه من المصلين، عبر إطلاق قنابل الصوت، والأعيرة المطاطية، والاعتداء عليهم بالضرب بالهراوات، إلى جانب حصار بعضهم داخل المصلى القبلي، ما أسفر عن إصابة 22 مواطنًا معظمهم من المصلين.
وأفاد شهود عيان، بأن نحو 150 جنديًا اقتحموا المسجد، وشرعوا بطرد المواطنين عبر إلقاء القنابل المختلفة، مشيرين إلى اندلاع حريق خلال الاقتحام، سيطر عليه عناصر الإطفاء التابعة للأوقاف الإسلامية، فيما كشف موظفون في الأقصى، أن قوات الاحتلال جلبت آليات خاصة، تساعدها في إزالة أخشاب، وفتح نوافذ المصلى القبلي.
وأفادت مصادر من داخل الأقصى، بإصابة عدد من المصلين، وتم علاجهم في عيادة المسجد. وقالت "إن قوات الاحتلال اعتدت على المواطنين الممنوعين من دخول المسجد الأقصى، ومنعتهم بالقوة من الاقتراب من بوابات حطة، والسلسلة، بالتزامن مع الدعوات التي أطلقتها منظمات 'الهيكل' المزعوم لاقتحام الأقصى اليوم، بمناسبة 'عيد العرش اليهودي'، أو 'المظلة العبري'.
وقال الطبيب رياض هبرات من عيادة المسجد الأقصى المبارك ، إن "عدد الإصابات وصل بعد الاقتحام العسكري بساعتين إلى 12 إصابة، جميعها بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وأصعبها كان بالوجه لأحد الشبان، وقد تم
علاجها، بينما ارتفع عدد الإصابات إلى 22 إثر تجدد الاقتحامات بعد ظهر الاثنين.
واستهجن مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني اقتحامات قوات الاحتلال الخاصة وشن عدوان عسكري على المسجد، لتأمين اقتحامات المستوطنين فيما يسمى 'بعيد العرش'. وتساءل:' أي سياحة هذه التي تتم وسط قوة السلاح والقنابل والتخريب والتدمير'؟ في إشارة إلى فتح باب المغاربة في وجه اقتحامات المستوطنين، ضمن ما يعرف 'ببرنامج السياحة'، الذي يقتحم من خلاله المستوطنون باحات الأقصى منذ أعوام.
وأشارت المصادر إلى أن قوات الاحتلال طردت المواطنين الممنوعين من دخول الأقصى من باب السلسلة، حيث يخرج المستوطنون بعد انتهاء اقتحاماتهم، وأجبرتهم على التواجد في باب المجلس في القدس القديمة، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال اعتدت على طواقم الإسعاف والصحافة هناك.
وتواصل قوات الاحتلال حصارها للمعتكفين داخل المصلى القبلي، حيث تطلق وابلًا من الرصاص والقنابل، وتسببت في اندلاع حريق عند مدخل المصلى القبلي، أخمدته طواقم الإسعاف، في وقت استخدمت لأول مرة حاجز أو ساتر حديدي على عجلات، بطول حوالي مترين تستخدمه للاحتماء، وفتحت أحد نوافذ المصلى القبلي بحفار صغير 'كونجو'.
واقتحم 15 مستوطنًا باحات المسجد الأقصى ضمن الفترة الثانية من 'برنامج السياحة' بين الساعة 1:30 و2:30 الذي يقتحم من خلاله المستوطنون باحات المسجد الأقصى المبارك.
وقال الشيخ عمر الكسواني إن "قوات الاحتلال الخاصة عادت واقتحمت باحات المسجد الأقصى لتأمين اقتحامات المستوطنين في الفترة الثانية من برنامج السياحة، مذكرًا بأنه في الفترة الأولى اقتحم 28 مستوطنًا باحات الأقصى.
وأعرب الكسواني عن استنكار دائرته، دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية الوصية على الأقصى، من اقتحام قوات الاحتلال العسكري الذي يخلف الدمار والتخريب في محتويات الأقصى تحديدًا المصلى القبلي الذي لحق فيه ضررًا كبيرًا متمثلاً في تحطيم نوافذه التاريخية، إلى جانب استفزاز مشاعر المسلمين ومحاولة إشعال المنطقة برمتها.
يذكر أن قوات الاحتلال الخاصة انسحبت من باحات المسجد الأقصى عند حوالي الساعة الثانية عشرة ظهرًا بعدما اقتحمته عسكريًا عند الساعة السابعة إلا ربع صباحًا.
ولفتت مصادر إلى أن حصيلة الإصابات كانت حوالي 22 إصابة من داخل الأقصى ومحيطه معظمها بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت مشيرة إلى أن عددًا من الصحفيين أصيب بقنابل الصوت أثناء تغطية المواجهات في القدس القديمة.
يذكر أن هذا الاقتحام العسكري يتزامن مع ذكرى هبة القدس والأقصى الـ15، في اليوم الذي اقتحم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اريئيل شارون المسجد عام 2000، والذي نتج عنه الانتفاضة الثانية. وما زال الأقصى يخضع لحصار عسكري مشدد، وسط اقتحامات متتالية من مجموعات صغيرة من المستوطنين، ووسط توتر شديد يسود محيط بواباته الرئيسية والبلدة القديمة بشكل عام.
من جانبه، حذر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد حسين، من التداعيات الخطيرة للاقتحامات المتكررة للمستوطنين بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، لباحات المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء على المصلين والمرابطين هناك.
وحيا حراس المسجد الأقصى المبارك وسدنته والمرابطين فيه على الالتزام بواجبهم في حماية مسرى نبيهم، وحث كل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك إلى شد الرحال إليه، والمرابطة فيه، وإعماره بالصلاة، لتفويت الفرصة على المتربصين به، مؤكداً على أن تصرفات الاحتلال تعد بمثابة الوقود لنار تدميرية مقبلة.
ودعا إلى نصرة الأسرى في السجون الإسرائيلية والتضامن معهم والعمل بكل الوسائل لرفع الظلم عنهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وناشد مؤسسات حقوق الإنسان للضغط على دولة الاحتلال التي تخالف كل المعايير والقوانين الدولية في التعامل مع الأسرى.
بدوره، ندد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون القدس أحمد قريع، باقتحام ما يقارب 150 جنديًا من قوات الاحتلال الخاصة، المسجد الأقصى المبارك، والشروع بتفريغه من المصلين، عبر إطلاق قنابل الصوت، والأعيرة المطاطية، والاعتداء عليهم بالضرب بالهراوات، إلى جانب حصار بعضهم داخل المصلى القبلي.
ووصف قريع في بيان صحفي الاثنين، ما يجري في المسجد الأقصى المبارك 'بالحرب الدينية' والعدوان الهمجي الذي تعدى كل الخطوط والمحظورات من خلال مواصلة المستوطنين المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال، بشكل يومي.
ولفت إلى خطورة قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم بالاعتداء على المواطنين الممنوعين من دخول المسجد الأقصى، ومنعهم بالقوة من الاقتراب من بوابات حطة، والسلسلة، بالتزامن مع الدعوات التي أطلقتها منظمات 'الهيكل' المزعوم لاقتحام واسع لباحات المسجد الأقصى المبارك.
وقال "إن ما يحدث من انتهاكات وتجاوزات خطيرة في المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك على وجه التحديد، ينذر بالإخطار الحقيقية من تطبيع الأوضاع في المسجد الأقصى وتنفيذ مخطط التقسيم الزماني والمكاني وصولًا إلى تهويد مدينة القدس بشكل كامل بدليل ما ترتكبه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى من انتهاكات عنصرية بحق المصلين والمرابطين لاسيما النساء.
ودعا إلى هبة جماهيرية واسعة من أجل نصرة المسجد الأقصى والمرابطة والصلاة فيه لمن يستطيع الوصول إليه، وحمايته من دنس المستوطنين، مباركًا صمود المقدسيين والمرابطين والمرابطات الذين يتصدون بصدورهم العارية أمام
همجية ووحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وطالب الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي، الاثنين، بعقد قمة عربية طارئة وعاجلة، لبحث الانتهاكات الإسرائيلية اليومية بحق مدينة القدس المحتلة، والمسجد الأقصى المبارك.
وقال الصالحي: 'يجب أن يتحمل العرب بشكل جدي مسؤولياتهم اتجاه الأقصى، والقمة العاجلة يجب أن تضم مصر والسعودية والمغرب والأردن، بالإضافة إلى فلسطين، وأن يخرجوا بموقف عربي جماعي'، مؤكدًا أن مجابهة الممارسات
الإسرائيلية تتطلب موقفًا، عربيًا وإسلاميًا، ودوليًا، حازمًا".
وجدد الصالحي مطالبته الدول العربية بوضع كل الاتفاقات مع "إسرائيل"، في محل الاختبار، قائلاً: ' إن استمرار الممارسات الإسرائيلية في ظل غياب موقف عربي جاد سيشجع إسرائيل لتتمكن من فرض وقائع جديدة في الأقصى رغم كل المحاولات الفلسطينية لمنعها من ذلك'.
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يخوض في هذه الأوقات معركة جديدة في المسجد الأقصى تحاكي إعادة احتلاله مرة أخرى، مبينًا أن الاحتلال يريد تكريس احتلاله للأقصى والقدس بشكل كامل، عبر الوقائع التي يفرضها على الأرض، مؤكدًا أن ما تقوم به دولة الاحتلال يأتي في سياق مخطط استراتيجي تقوده الحكومة والمتطرفين.
وعلى الصعيد الفلسطيني، أكد الصالحي على ضرورة تعزيز صمود المقدسيين في القدس المحتلة عامة وبلدتها القديمة والمسجد الأقصى خاصة، بالتزامن مع توحيد الصف الفلسطيني بشكل فوري وطي صفحة الانقسام الفلسطيني.