الشارقة - فرح العبيدي
ناقشت أربع جلسات متوازية في اليوم الأول من مؤتمر الاستثمار في المستقبل، الذي تستضيفه الشارقة للمرة الأولى في المنطقة، أشكال العنف الذي يتعرض له الأطفال اللاجئون والتصدي له، وسلطت الضوء على تأثير الصراع المسلح على الأطفال، وعلى المخاطر التي يتعرض لها الأطفال بسبب النزاعات والحروب، كما بحثت في وضع إطار عام حول كيفية التعامل مع واقع الأطفال اللاجئين، لاسيما أن كثير منهم لم يتمكن من الالتحاق بالمدارس.
وهذه الجلسات الأربع هي: "جيل يتعرض للعنف: أطفال متضررون من النزاعات المسلحة"، و"لنحمي براءتهم: الوقاية والاستجابة للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي"، و"كل طفل يهم: تسجيل المواليد والتوثيق القانوني"، و"معالجة الاستغلال والفصل: مصلحة الطفل أولًا".
وتفصيلًا، تحدث المشاركون في جلسة بعنوان "جيل يتعرض للعنف: أطفال متضررون من النزاعات المسلحة"، عن مختلف أشكال العنف الذي يتعرض له الأطفال اللاجئون من جراء النزاعات والحروب، ونتائجها النفسية والصحية والمعيشية على حياة الأطفال، وكيفية البحث عن أفضل السبل من أجل التصدي للعنف الذي يتعرض له الأطفال، حيث يتعرض الأطفال واليافعون لمخاطر عديدة، بسبب الحروب والنزاع والنزوح القسري، بما في ذلك خطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وناقشت الجلسة المخاطر المحدقة بالأطفال في المنطقة على هذا المستوى، وشرحت كيفية استجابة المنظمات الحكومية وغير الحكومية المختلفة لهذه التحديات.
وحددت بعض كذلك الآليات المناسبة لوقاية الفتيات والفتيان في مناطق النزاع، بما في ذلك العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وترأست الجلسة رئيسة قسم الحماية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، السيدة كاتارينا لامب.
وعرضت الجلسة رسالة مصورة من قبل الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بقضايا الأطفال والنزاعات المسلحة، السيدة ليلى زروقي، حيث أشارت إلى سؤال أساسي، يقول: كيف يمكن أن نستثمر في مستقبل الأطفال من خلال حمايتهم، لافتة إلى أن هناك الكثير من الخطوات التي تحققت في العالم العربي من أجل تحسين وتنمية المجتمعات، لكن الأحداث الأخيرة التي تعرضت لها المنطقة العربية منذ نحو أربع سنوات نجم عنها تحديات جديدة ومخاطر عديدة، لاسيما في سوريا وليبيا والعراق واليمن وغزة، وغيرها، فما أكثر تلك المشاهد المروعة لأطفال يقتلون، ومستشفيات تتعرض للقصف بمن فيها، واعتداءات جنسية على الأطفال، واستغلالهم من قبل المجموعات المسلحة.
وأضافت أنه "هناك في الحروب والنزاعات قتل من قتل من الأطفال، ومنهم من فقد أطرافه، أو فقد أسرته وعائلته ومدرسته وبيته"، مشيرة إلى آباءهم كانوا يتمنون لهم مستقبل أفضل، لاسيما من خلال التعليم، لكن في وقت الصراعات والحروب تزداد احتمالات فقدان فرصة التعليم.
وأكدت زروقي على أهمية مضاعفة الجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي وكافة الأطراف المعنية بقضايا الأطفال اللاجئين، كي نساهم في إبعاد الأطفال عن تلك المخاطر، لافتة إلى أن مؤتمر الاستثمار في المستقبل الذي تستضيفه الشارقة يبحث في كيفية مواجهة هذه التحديات والمخاطر على قاعدة العمل المشترك.
وأضاف المستشار الإستراتيجي لرئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، السيد كلود برودرلاين أننا "قمنا بإجراء تحليل حول المخاطر التي يتعرض لها الأطفال اللاجئون، وما من شك أن الأطفال هم الأكثر ضعفًا في النزاعات، والأكثر عرضة للعنف والاستغلال وفي مثل هذه الظروف الناجمة عن الصراعات والحروب يفقد غالبيتهم فرصة التعليم، حيث غالبًا ما يحرمون من فرصة الاستمرار في العملية التعليمية"، لافتًا إلى أن هناك مخاطر عديدة تواجه الأطفال اللاجئين، من بينها القتل والخطف والاستغلال بمختلف أشكاله وأنواعه.
وأكد على أهمية الحماية وضرورة توفيرها لهم، موضحًا أن الحماية كمفهوم ترتبط بالقانون الدولي والحقوق والواجبات، وضرورة الالتزام الدولي، وبالتالي ما علينا إلا كيفية حماية هذا القانون كحكومات ودول ومنظمات دولية ومدنية، ولفت إلى أن القانون يجب تطبيقه بغض النظر عن التحديات، وهذا من حيث المبدأ، ونظريًا، لكن ما هو مهم أيضًا، كيف نحمي الأطفال عمليًا من سوء الاستغلال ومختلف أشكال العنف، بمعنى البحث في الاستراتيجيات والخطط والرؤى من أجل تطبيق وترجمة الحماية على أرض الواقع، ونقلها من النصوص النظرية العامة إلى حقائق على أرض الواقع.
وأوضح أن موضوع حماية الأطفال من كل هذه المخاطر يتطلب التأكيد على أربعة محاور وأبعاد، تبدأ من العائلة، وواجباتها ودورها ووظيفتها تجاه أطفالها، أما المحور الثاني المطلوب منه لعب دور في تأمين الحماية للأطفال، فهو المجتمع المحلي الذي يعيش فيه الطفل، حيث هناك آليات خاصة محلية من المفترض أن تعمل على توفير الحماية للطفل، بينما يأتي المحور الثالث والذي يتعلق بالحكومات في هذه الدولة أو تلك، فكل حكومة لديها تشريعات وآليات وأدوات من اجل حماية أطفالها، وأخيرًا هناك المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية التي تنتشر في مختلف المواقع والأماكن في العالم وتعنى بشؤون الأطفال ومسائل حمايتهم من الاستغلال والعنف.
وأكدمسؤول برامج مكتب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالأطفال والنزاعات المسلحة، السيد أليك وارجو، أن موضوع حماية الأطفال من المخاطر يتعلق بشكل أو بآخر بما نفعله وكيف نقوم به، لافتًا إلى "أننا اعددنا تقرير استغرق العمل فيه خمس سنوات، وتوصلنا إلى بعض النتائج كان من أبرزها، أن أهم الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال هي الخطف والاعتداء الجنسي والحرمان من التعليم، وتجنيدهم من قبل المجموعات المسلحة، والاعتقال والاستغلال، وعدم توافر احتياجاتهم الأساسية.
وتابع أنه "بناءً على تلك النتائج قمنا بوضع وتصميم برامج عمل من أجل معالجة تلك المشاكل وتوفير الحماية للأطفال أينما كانوا، وأكدنا على ضرورة القيام بواجباتنا من أجل وقف الانتهاك بحق الأطفال".
وأشار إلى أن تجاربنا وأبحاثنا زودتنا بحالات عن أطفال يريدون الانضمام لـ"داعش" كي يتخلصون من واقعه المر الأليم، بسبب ما شاهدوه وتعرضوا له أو بسبب الحالة التي وصلوا إليها في بلدانهم.
وهناك حالات كان تبرر الزواج المبكر للفتى قبل الفتاة أيضًا كي لا يتسنى له الالتحاق بمثل تلك المجموعات المسلحة.
وأضاف مستشار إقليمي في حماية الأطفال، مكتب اليونيسف الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، السيد لوران شابوي، إننا "نركز على تأثير النزاعات المسلحة على الأطفال، والوقاية والاستجابة، ونبحث في مدى تأثير العنف على الأطفال يزداد في حالات الطوارئ والأزمات والحروب، كيف نقف على حقيقة أوضاعهم وكيفية معالجتها، لاسيما في التأكيد على أهمية توفير فرص التعليم لهم، والعمل على إبعادهم عن مختلف أشكال المخاطر والاستغلال".
أما جلسة "لنحمي براءتهم: الوقاية والاستجابة للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي"، فناقشت الأطر القانونية الدولية والإقليمية وكيفية حمايتها للأطفال واليافعين اللاجئين وعملية اعتمادها على المستوى الوطني، بالإضافة إلى مناقشة التحديات القائمة على المستوى الوطني وبخاصة تلك المتعلقة باعتماد السياسات وعمليات التنفيذ.
وترأست الجلسة مديرة مكتب الأمم المتحدة للمرأة في القاهرة، الدكتورة عبلة عماوي، وشاركت فيها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة لقضايا المعنية بقضايا العنف الجنسي في حالات الصراع، السيدة زينب بانغورا، ومديرة برنامج حماية الطفل، منظمة "كفى"، لبنان، السيدة ماريا سمعان، وأخصائية نسائية وتوليد، مؤسسة نور الحسين، الأردن، الدكتورة منال التهتموني.
وأكد المتحدثون على ضرورة تكامل المؤسسات الوطنية مع برامج المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، من أجل العمل على تحقيق الحماية الكاملة للنساء والأطفال، لاسيما ضد العنف الجنسي في أوقات الأزمات والنزاعات والحروب.
وأوضحوا أن طرق العنف الجنسي في الأزمات مختلفة ومتنوعة، فهناك الاغتصاب كسلاح حرب والاتجار بالنساء والأطفال، والزواج المبكر، والاستغلال الجنسي، وغيرها من الأشكال.
وفي جلسة (كل طفل يهم: تسجيل المواليد والتوثيق القانوني) تم عرض ومناقشة أهمية التسجيل الفوري والشامل للمواليد اللاجئين كأداة رئيسية لحماية الأطفال.
وبحثت الجلسة التحديات التي تعترض عملية تسجيل المواليد من اللاجئين في المنطقة، وعدم حصولهم على الوثائق القانونية للأطفال، بما في ذلك شهادات الميلاد، كما ركزت على البحث في إيجاد طرق مبتكرة لضمان تسجيل الأطفال كافة عند الولادة، بما في ذلك الأطفال اللاجئين.
وترأست الجلسة مديرة مبادرة حماية الأطفال، منظمة "إنقاذ الطفل"، السيدة لينا كارلسون، وشاركت فيها منظمة العون القانوني، الأردن، السيدة سمر محارب، ومديرة مشاريع في برنامج المعلومات والإرشاد والمساعدة القانونية، المجلس النرويجي للاجئين، لبنان، السيدة مالا روش، ومسؤول الحماية الإقليمي، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين السيد أميت سن.
وأكد المتحدثون على أهمية التوصل إلى صيغة موحدة لتسجيل كافة المواليد الجدد، حيث إن عدم تسجيلهم يسبب لهم الكثير من المشكلات، لافتين إلى أنهم يكونون دومًا عرضة للاستغلال بمختلف أشكاله، في حين أن تسجيلهم يساهم في الحد من تعرضهم للمشكلات، لاسيما أن هناك من يبحث عن مثل هذه الحالات من الأطفال الذين لا يملكون أوراقًا ثبوتية، كي يتم استغلالهم في قضايا خطرة متنوعة، وضربوا بعض الأمثلة بهذا الخصوص.
وفي جلسة (معالجة الاستغلال والفصل: مصلحة الطفل أولًا)، قدم المشاركون نظرة معمّقة حول حزمة من التحديات الرئيسية التي واجهها الأطفال اللاجئون في المنطقة على صعيد الحماية، مع الإشارة إلى حالة الأطفال اللاجئين السوريين بشكل خاص.
وشملت القضايا التي تم تناولتها الجلسة: انفصال العائلة، الرعاية البديلة، عمالة الأطفال، الاتجار بالبشر والزواج المبكر.
كما ركزت على دراسة التحديات الراهنة واستعراض أهم الآليات المعمول بها حاليًا وكذلك البحث عن حلول مبتكرة لمعالجة لهذه القضايا.
وتحدث في الجلسة المسؤول الإقليمي في حماية الطفل، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أماندا ملفيل، وبروفسور في القانون الدولي وخبير في قضايا الحماية والاتجار بالأشخاص، الدكتور إبراهيم دراجي، ومسؤولة إقليمية، منظمة "إنقاذ الطفل"، السيدة جومانا زبانة، وخبير في قضايا عمالة الأطفال، السيد نيك غريزوود.
وأكدوا على أهمية سن القوانين للحد من الاتجار بالأطفال اللاجئين، وطالبوا بالمزيد من الدعم والمساندة من قبل الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني لحماية الأطفال اللاجئين.
كما تناولت الجلسة زواج القاصرات، ومخاطره، وتداعياته وتبعاته، وأهمية الابتعاد عنه، وعرضوا بعض القصص بهذا الخصوص في بعض مخيمات اللاجئين.
وأشاروا إلى ضرورة إعطاء الإجراءات الخاصة بالأطفال اللاجئين وحمايتهم الاعتبار الأول، ومنح الفرصة للطفل اللاجئ كي يتمتع بهويته وثقافته.