دمشق - نور خوام
كشف فتى يزيدي عن إجباره على الظهور في مقطع فيديو دعائي لتنظيم "داعش" في معسكر تدريب للفتيان الصغار الذين لا تتجاوز أعمار بعضهم خمسة أعوام لتعليمهم كيفية القتل.
وبيّن الفتى راغب أحمد، البالغ من العمر 14 عامًا، كيف أقدم متطرفو التنظيم المتشدد على جعله يصلي أمام " "AK47فضلا عن طريقة قطع رؤوس الكفار، وأوضح أنّ المقاتلين أخبروه "امسك الرأس واسحبها إلى الوراء وابدأ القطع من الرقبة".
وجرى تصوير الفيديو الدعائي في مدينة الرقة، العاصمة الفعلية لـ"داعش" في سورية، وظهر راغب وأشبال الخلافة وهم يمارسون بعض التدريبات العسكرية حاملين أسلحة نارية.
ونجحت عائلة راغب في الهرب بمساعدة أحد المهربين، ونشر الفتى صورًا للمقاتلين الذين نجح في تهريبهم من سورية عبر ذاكرة إضافية سرقها من أحد المتشددين.
وأقدم تنظيم "داعش" على خطف الصبي ووالديه وشقيقه الأصغر وشقيقته، عندما اجتاح شمال العراق في آب/ أغسطس العام المنصرم، ولا تعرف الأسرة حتى الآن ما إذا كان والدهم نجا أثناء الغزو، وذكر راغب "علمنا داعش كيف نستخدم السلاح ونقتل الناس".
وظهر الفتى في المقطع الدعائي يجلس إلى جانب قائد سعودي الجنسية من تنظيم "داعش" يدعى "أبو وليد"، وزعم راغب أن القائد السعودي متورط في تجارة رقيق الجنس مع التنظيم، وأضاف "كان تاجرا كبيرا في بيع وشراء الناس، وكان يعتبر اليزيديين من الكفار".
وتحدث الفتى في مخيم Rwanga"" للاجئين خارج "دهوك" شمال العراق واصفا اليوم الذي جرى اختطافه وأسرته فيه بالقول "جمع داعش كل الناس في قرية كوجو في مدرسة واحدة وجرى تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، وأخذوا الرجال أولا ثم النساء والأطفال"، وأوضح راغب أنهم قتلوا الرجال مضيفا "أنا لم أشاهدهم بنفسي وهم يقتلونهم ولكني سمعت صوت إطلاق النيران والصراخ".
وذبح متطرفو "داعش" أكثر من 5000 شخص من الطائفة اليزيدية فضلا عن توقيف 500 آخرين من النساء والأطفال أثناء اجتياحهم منطقة "سنجار"، ويعتبر "داعش" أن الطائفة اليزيدية التى تضم ديانتها تعليمات من المسيحية والإسلام من "عبدة الشيطان"، ويمنحونهم الاختيار بين التحول إلى الإسلام أو القتل في إطار تفسير التنظيم المتطرف للشريعة.
وذكرت كاميليا حسين، والدة راغب عن المجزرة، "جعلوا الناس تقف في صفوف وأطلقوا النيران عليهم"، وجرى إبعاد راغب عن والدته وشقيقته وشقيقه لاحقا وأخذ إلى سجن بادوش في الموصل، وأوضح الفتى أنه تعرض في السجن إلى الضرب على يديه بعصا سوداء، وبعد 15 يوما من التعذيب جرى اقتياد راغب إلى عائلته مرة أخرى في تلعفر شمال غرب العراق ومكث هناك ثلاثة أشهر مع والدته.
وأجبرت والدة راغب أثناء اقتياد نجلها إلى سجن بادوش على العمل لدى الكثير من المقاتلين، وأضافت "كان مقاتلو داعش يأتون ويأخذون النساء وكانوا يضربونني إذا هربت إحدى صديقاتي"، وبعد الإقامة القصيرة في مزرعة خارج المدينة توجهت الأسرة للإقامة في منزل في الرقة حيث شن التنظيم عمليات إعدام علنية.
وأضافت والدة راغب وهي أم لثلاثة أطفال "أتى أحد رجال داعش إلى المنزل وأخذ أحد أبنائي إلى أحد التدريبات، وأخفيت ولدي الصغير، وبعد أن شاهده المقاتلون حاولوا أخذه معهم لكني أخبرتهم أنه مريض وأنهم بالفعل أخذوا أحد أبنائي"، وأكدت الوالدة أن مقاتلي تنظيم "داعش" ظلوا يحاولون أخذ نجلها الأصغر ولم يتركوه إلا حينما أخبرتهم أنه يعلمهم القرآن، كما أخذ التنظيم الإبن الأكبر إلى معسكر الفاروق لـ"أشبال الخلافة"، وهو معسكر تابع لـ"داعش"، من أجل تدريب الأطفال ويقع في مدينة الرقة في مجمع تحت الأرض، ويضم حوالى 65 طالبًا.
وأوضح راغب "كان هناك أكثر من 50 فتى يزيدي بالإضافة إلى 15 مسلمًا، وكان المسلمون متطوعين من سورية، لم أحبهم لأنهم تطوعوا وانضموا إلى داعش ولم يجبرهم أحد على السجن، لكنهم انضموا إلى التنظيم لأنهم يحبوه".
وبيّن أن النظام كان في معسكر التدريب صعب حيث اضطر الأولاد إلى الاستيقاط في الرابعة صباحا لأداء صلاة الفجر، أما في الفترة من الساعة الـ 9 حتى الـ 12 ظهرًا يتلقى الطلاب محاضرات في أساليب الجهاد العنيف إلى جانب تدريب عسكري حتى الخامسة مساء، وذكر راغب "علمونا كيفية استخدام السلاح وتحميله وتفريغه، لم أكن أحب إطلاق النار، لكنهم أمروني بفعل هذا".
وتابع راغب "أظهروا لنا مقطع فيديو يوضح كيفية قطع الرأس، لم أحب أن أشاهده لكنهم فرضوه علينا، وكان المقاتل من البيشمركة"، وتعلم الفتى اليزيدي كيف يكره عائلته على يد "داعش"، وأخبره أحد المتشددين "أن اليزيديين كفار وإذا رأيت والدك أو والدتك عليك قطع رأسهما".
وأوضح الفتى "أخبروني أننى يجب أن أتزوج من فتاة مسلمة ويجب أن يتحول الفتيات اليزيديات إلى الإسلام، وأخبرنى المقاتلون وهم يتفاخرون بذلك أنهم سيتزوجون من النساء اليزيديات".
وكشف راغب أن الانضباط في المعسكر التدريبي جرى بشكل وحشي وعنيف للغاية، وأضاف "كانوا يضربونني على البطن، كما كانوا يمشون فوقي ويخبرونني أن هذا سيجعلني أقوى".
واضطر راغب إلى المشاركة في فيديو دعائي، موضحا أنه لم يرغب في ذلك، حيث ظهر الفتيان وهم يقفون أمام القائد المتشدد ذي الشعر الطويل ويطيعون أوامره، وبيّن "لم يكن أبو وليد الذي ظهر معنا في الفيديو موجودا معنا في المعسكر لكنه كان يأتي أحيانًا ومعه فتيان جدد، وأخبرني ذات مرة أنه تزوج فتاة يزيدية".
وظهر في الفيديو الدعائي معلم آخر، وأبرز الفتى "المعلم أبو عمر كان يدربنا على الأسلحة وكيفية تنفيذ قطع الرأس"، وبعد أسبوع طلب "داعش" من الفتيان مشاهدة النسخة المنقحة من فيلم عن فصلهم الدراسي قبل نشرها على الإنترنت، وصُور الفيلم في معهد الفاروق للأشبال في مدينة الرقة في سورية، ويظهر فيه أطفال بعضهم في عمر الخامسة يؤدون تدريبات عسكرية بتوجيه من قادة التنظيم المتشدد.
ونقل "داعش" أسرة راغب المكونة من والدته وشقيقته وشقيقه الأصغر إلى محافظة حلب أثناء تواجد راغب في معسكر التدريب، وأقامت الأسرة هناك مع أمير من "داعش" يدعى "أبو عزيز".
وأوضحت والدة راغب "كان لديه بالفعل زوجة يزيدية ولذلك لم يضايقني"، ومع ذلك أخذ نجلها الأصغر بانتظام في مكتب "داعش" الذى يبعد بضعة كيلومترات عن منزل أبوعزيز، وهناك أصدر المقاتلون تعليمات للناس بالسفر في أنحاء سورية والعراق.
وأوضح الشقيق الأصغر "ذهبت إلى مكتب داعش، كنت أتعلم شؤون الإدارة هناك"، وأثناء هذه الفترة عادت والدته إلى منزل الأمير كخادمة له، وأضافت الوالدة "كنت أبكي دائما على نجلي الكبير وأسأل عنه"، وفي محاولة لتهدئتها وافق أمير "داعش" على إحضاره للمنزل، ومكثا هناك سويا لمدة ثلاثة أشهر قبل تسليم العائلة إلى مقاتل آخر من التنظيم.
وذكرت الأم "سلّمنا أبو عزيز إلى مقاتل آخر من التنظيم سوري الجنسية"، وتمكنت العائلة من الهروب بعد دفع 1650 إسترليني، إلى بلدة عفرين السورية بالقرب من الحدود التركية قبل أن تتخذ طريقها إلى كردستان في العراق، وأضافت الأم "جمع أقاربنا من العائلة الأموال، ونحن الآن سعداء بعد تحررنا من قبضة داعش".