أبوظبي - صوت الإمارات
نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة، ضمن سلسلة أنشطته وفعالياته الثقافية والعلمية، محاضرة بعنوان "مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمن القومي العربي الأدوار والتحديات"، ألقاها المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس الشورى سابقًا في مملكة البحرين الدكتور الشيخ خالد بن خليفة بن دعيج آل خليفة، ، في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مقر المركز في أبوظبي.
وقد أعرب الدكتور الشيخ خالد بن خليفة بن دعيج آل خليفة عن شكره لدعوة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية له لإلقاء المحاضرة، كما عبَّر عن تقديره للدور الحيوي والرائد الذي يؤديه المركز في نشر المعرفة بمختلف القضايا الاستراتيجية والسياسية والأمنية والاقتصادية المؤثرة في محيطنا خليجياً وإقليميا ودوليا.
واستعرضت المحاضرة المدلولات التاريخية المرتبطة بالأحداث السياسية والعسكرية في المنطقة العربية، التي أشارت إلى وجود عجز في بنية الأمن القومي العربي، وأوضح المحاضر أن معاهدة "الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي"، الصادرة عن جامعة الدول العربية عام 1950، قد فشلت في التصدي الفعلي لأي اعتداءات تعرَّضت لها الدول العربية، لتصبح بذلك أولى بوادر انهيار الأمن القومي العربي وفشل مبادراته.
وسلَّطت المحاضرة الضوء على علاقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بجامعة الدول العربية في نطاق مشروع الأمن القومي العربي، التي تبلورت في ثلاث مراحل " المرحلة الأولى، بدأت منذ عام 1971 حيث انضمَّت معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى عضوية جامعة الدول العربية في ذلك العام، وقد اتسمت هذه المرحلة بطابع العلاقات التعاونية والتكافلية، انطلاقاً من مبدأ استثمار الثروة النفطية الخليجية بصفتها ثروة عربية قومية، فجرى تقديم الإعانات والمساعدات الخليجية إلى الدول العربية، من دون محاولة للتأثير أو نشر النفوذ الخليجي على الدول المتلقية للمساعدات.
أما المرحلة الثانية، فقد انطلقت بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990 وامتازت بالبعد الدبلوماسي والسياسي في طرح الحلول والمبادرات الأمنية، ومنها على سبيل المثال العمل على حلِّ الصراع في لبنان وغيره من الملفات.
وأشار المحاضر إلى أن المرحلة الثالثة، قد بدأت مع أحداث ما سُمي "الربيع العربي" في نهاية عام 2010 وبداية عام 2011، التي نجم عنها فوضي وتدخلات خارجية أدت إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض الدول مثل سوريا وليبيا، علاوة على عدم الاستقرار في العراق وغيره من الدول، وأدى ذلك إلى فتح الباب أمام بعض القوى الإقليمية الطامعة في النفوذ والتوسع، مثل إيران، للتدخل في كل من العراق وسوريا، ومؤخرا اليمن، وهو ما يعني تهديد الأمن القومي الخليجي والأمن القومي العربي إجمالاً، حيث باتت دول الخليج العربية مطوَّقة بسلسلة من الأزمات، فمن الشمال سوريا والعراق، ومن الجنوب اليمن، ومن الشرق إيران التي تدير تلك الأزمات، ومن الغرب بعض دول شرق القارة الأفريقية التي استمالتها إيران لتحقق مصالحها.
وقد أوضح المحاضر أن "عاصفة الحزم" جسَّدت إدراكا خليجيا عربيا بالأخطار المحيطة بالأمن القومي الخليجي والعربي، خاصة عندما وصل الحوثيون إلى صنعاء مهدِّدين النظام والاستقرار في اليمن. وأشار إلى أن الإرادة الخليجية بالاعتماد على النفس فاجأت الكثير من الدول والقوى الدولية، التي لم تتوقع ردَّ الفعل الممثل في "عاصفة الحزم" وما سبقه من تنسيق مع بعض الدول العربية، واصفًا ذلك بأنه " سياسة المبادرة إلى الهجوم من أجل الدفاع" .
وخلصت المحاضرة إلى أن تحقيق الأمن القومي العربي يتطلَّب تحصين الجبهة الداخلية، وبناء قوة عسكرية مشتركة، وإيجاد استراتيجية خليجية عربية موحَّدة لتحقيق الأمن القومي العربي، وضرورة إعادة النظر في نمط التحالفات الاستراتيجية الدولية الحالية لدول الخليج والدول العربية عمومًا.