وزير الخارجية الأمير السعودي سعود الفيصل

رحل صاحب أطول منصب وزير خارجية في العالم الأمير السعودي سعود الفيصل، الخميس الماضي، بعد أن قضى 40 عامًا في قيادة العمل الدبلوماسي السعودي، منذ أن تولى منصبه في تشرين الأول/ أكتوبر 1975، حتى قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز استقالته؛ بسبب ظروفه الصحية، في 28 نيسان/ أبريل الماضي.

ونعت المملكة العربية السعودية، الخميس الماضي، وزير خارجيتها الأسبق عميد الدبلوماسية العربية الأمير سعود الفيصل، الذي توفي في ولاية لوس أنجلوس الأميركية، عن عمر ناهز الـ75 عامًا.

ويعد الفيصل أقدم وزير خارجية في العالم، حيث تولى حقيبة الخارجية السعودية مدة 40 عامًا منذ العام 1975، حتى العام 2015، وولد في الطائف يوم 2 كانون الثاني/ يناير عام 1940، ووالدته الأميرة عفت الثنيان آل سعود.

وحصل الأمير الفيصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة "برنستون" في ولاية نيوجيرسي الأميركية عام 1964، وعاد إلى البلاد ليتقلّد أول مناصبه مسؤولًا عن العلاقات النفطية في شركة "بترومين"، ثم عضوًا في لجنة التنسيق العليا التابعة لوزارة النفط والثروة المعدنية، فمستشارًا اقتصاديًا للوزارة ذاتها.

وبعدها عُيّن وكيلًا لوزارة النفط والثروة المعدنية منذ عام 1971 ولمدة خمسة أعوام، وفي عام 1975، تولّى الأمير سعود الفيصل منصب وزير الخارجية، في مرحلة مرت فيها المنطقة العربية والعالم بأزمات عدة، قاد فيها الفيصل السياسة الخارجية لبلاده بدبلوماسية للتعامل مع هذه الأزمات.

وعاصر الفيصل، طوال تلك الفترة أحداثًا مهمة، أهمها الاجتياح الإسرائيلي للبنان واندلاع انتفاضتين فلسطينيتين العامين 1987 و2000، وحرب العراق وإيران والغزو العراقي للكويت وما تلاه، واندلاع الثورات العربية في تونس ومصر وسورية واليمن والعراق وغيرها من الدول العربية منذ العام 2011 وحتى رحيله.

وغلف الحزن كلمات المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أسامة نقلي، خلال إعلانه خبر وفاة الفيصل، وقوله في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "كنت أتمنى أن أنفي شائعة خبر وفاتك هذه المرة أيضًا، ولكن العين تدمع والقلب يحزن، وإنا لفراقك لمحزونون".

وأضاف مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، في كلمات مقتضبة: أحسن الله عزاءنا جميعًا في فقيد الوطن الأمير سعود الفيصل.

وبعث رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان برقية تعزية إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بوفاة وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين والمشرف على الشؤون الخارجية وزير الخارجية السابق الأمير سعود بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود.

وأعرب الشيخ خليفة عن "خالص عزائه ومواساته لخادم الحرمين ولأسرة آل سعود والشعب السعودي بوفاة الفقيد الكبير بعد سنوات طويلة حافلة بالعطاء في خدمة وطنه والأمة العربية، داعيا الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان".

كما بعث نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم برقية تعزية مماثلة إلى خادم الحرمين الشريفين، وفي برقية مماثلة أعرب ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن تعازيه لخادم الحرمين الشريفين بوفاة الأمير سعود الفيصل.

ونعى وزير الخارجية المصري سامح شكري، عميد الدبلوماسية العربية وفقيد الأمة العربية والعالم الإسلامي وزير خارجية المملكة العربية السعودية السابق الأمير سعود الفيصل، والذي وافته المنية بعد حياة حافلة مليئة بالتفاني والعطاء والعمل المتواصل والمواقف المشرفة في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية.

وأكد الوزير شكري أنَّ "الشعب المصري لن ينسى للفقيد الكبير مواقفه المشهودة الداعمة والمساندة لمصر ولقضايا أمته العربية على مدار العقود الأربعة الأخيرة ومنذ توليه لمنصبه كوزير للخارجية"، مضيفا أنَّ "الشعب المصري العظيم لا يمكن أيضا أن ينسي للمغفور لَهُ مواقفه الداعمة لإرادته فى ٣٠ يونيو وتحركاته الخارجية الداعمة لمصر"، مستذكرا مقولته الشهيرة بأنَّ "مصر لا يمكن أن ينالها سوء وتبقى المملكة العربية صامتة".

وأعرب عن "بالغ تعازي ومواساة مصر حكومة وشعبا لأسرة الفقيد الكبير وللحكومة والشعب السعودي الشقيق ولسائر الشعوب العَربية والإسلامية في مصابها الجلل، سائلا الله عز وجل أن يسكنه فسيح جناته جزاء على ما قدمه طوال حياته من عطاء وتفاني في خدمة قضايا بلاده وأمتيه العربيّة والإسلامية".

كما أعرب عددُ من السياسيين والدبلوماسيين العرب والأجانب عن صدمتهم بنبأ وفاة الأمير سعود الفيصل، مؤكدين أن العالم خسر واحدًا من أهم العقلاء والحكماء على الساحة الدولية.

وأوضح وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في بيان له الخميس الماضي، أن الأمير سعود الفيصل لم يكن وزير خارجية فحسب، بل كان من بين الأكثر حكمة في العالم أيضًا.

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن "الأمير سعود الفيصل، قاد الدبلوماسية السعودية والعربية على مدى 40 عامًا، شهد له الجميع خلالها بحرصه الشديد على المصالح السعودية من جهة، ومصالح المنطقة والدول العربية من جهة أخرى، فضلاً عن دوره المهم في دعم وتوثيق العلاقات المصرية- السعودية طوال تلك العقود".

كما شدد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وزير الخارجية المصري السابق عمرو موسى على أن الدبلوماسية العربية خسرت كثيرًا بوفاة وزير الخارجية السابق الأمير سعود الفيصل، ووصفه بأنه صاحب مدرسة الدبلوماسية العاقلة والآراء الرصينة القوية، وكان قويًا حين يحتاج الموقف إلى قوة، وإنسانًا حين يحتاج الموقف إلى إنسانية، ودبلوماسيًا حين يحتاج الموقف إلى دبلوماسية، وخبيرًا إذا احتاج الأمر إلى رأي خبير.

وثمّن موسى الدور الذي قام به الأمير سعود الفيصل في خدمة القضايا العربية، مؤكدًا أنه أضاف الكثير إلى الدبلوماسية العربية والسعودية؛ فوجوده كان على الدوام يمثل صوت العقل والرصانة، إضافة إلى صفاته الشخصية والإنسانية الأخرى، وأن سعود الفيصل من أفضل الرجال الذين قابلهم في حياته المهنية على مدى الوقت الطويل الذي قضاه في العمل الدبلوماسي العربي والمصري.