الدمار والخراب الناجم عن قصف الطيران العنيف

يعاني عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك من الدمار والخراب الناجم عن قصف الطيران العنيف والحصار المتواصل منذ عامين واعتداءات تنظيم "داعش"، بالتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي ونقص المؤن الغذائية.

وأكد اللاجئ أحمد أنَّ الحظ يغني له ولعائلته حال كان من الممكن أن يحصلوا على وجبة من الرز المطبوخ مع مياه غير صالحة للشرب في المخيم الذي يبعد أمتارًا قليلة عن قلب دمشق، مشيرًا إلى أنَّ طبق واحد من الرز بات حلم الكثيرين من اللاجئين المحاصرين.

وأوضح أحمد (استخدم اسمًا مستعارًا لحماية نفسه)، أنهم "يواجهون الموت كل يوم تقريبًا في المخيم الذي يٌباد الآن"، مضيفًا: "الوضع كارثي داخل المخيم، لا يوجد طعام، أو كهرباء أو مياه، تنظيم "داعش" يقتل وينهب المخيم، هناك مناوشات، والقصف مستمر، كل شيء يٌقصف في المخيم، وبمجرد دخول متطرفي "داعش" إلى المخيم، أحرقوا العلم الفلسطيني ونحروا المدنيين".

يُذكر أنَّ اليرموك كان ضاحية دمشقية معروفة بالضجيج يقطنها 200 ألف مواطن أصبحت تعاني من المجاعة منذ حوالي عامين تقريبًا بعد أن حاصرتها القوات الحكومية السورية حصارًا لا هوادة فيه، أدى إلى تضيق الخناق على وصول إمدادات المياه لأشهر طويلة، وهو تكتيك يصفه الناشطون بالاعتماد على المياه كأداة للحرب.

وفرّ عشرات الآلاف من المخيم مع بدء الأحداث الدموية، غير أنَّ 18 ألف هم الآن يقطنون فيه تحت الحصار، ويعاني السواد الأعظم منهم من أمراض تبدأ بسوء التغذية مثل أمراض الكبد والأمراض المرتبطة باستهلاك المياه الملوثة، كما أنهم يقفون على خط مواجهة آخر العمليات المتطرفة التي ينفذها تنظيم "داعش" الذي سيطر على غالبية مناطق المخيم.

وأفاد ناشطون سوريون من داخل المخيم بأنَّ بين 2.000 و 4.000  مقيم في المخيم فروا ساعين نحو إيجاد ملجأ داخل القرى القريبة مثل يلدا، وبابيلا وبيت سحم في ريف دمشق، أما عمن مكثوا في أمكانهم فيواجهون مستقبلًا قاتم.

وأشاروا إلى أنَّ أسعار الغذاء قفزت بعد أن وصل سعر رغيف الخبز إلى 10 دولارات أي ما يعادل 6.80 يورو،  وبالتالي يضطر السكان الذين يعانون من سوء التغذية للمشي كيلومتر من أجل شراء المواد الغذائية من طريق يلدا، وهم حاليًا من  يستفيدون من اتفاق وقف إطلاق النار المحلي بين الحكومة والمعارضة؛ لكن معظم السكان يختارون البقاء في منازلهم لتجنب التعرض للقتل في تبادل لإطلاق النار والاشتباكات بين القناصة  أو البراميل المقذوفة.

وذكر الناشط سامح همام (اسم مستعار) ممن فروا إلى منطقة قريبة من المخيم بعد أن دخل "داعش" إلى المخيم، أنَّ الأوضاع ازدادت سوءا، إذ سرق المتطرفون المستلزمات الطبية المتبقية وكانت هناك زيادة في التفجيرات العشوائية بقذائف المورتر والصواريخ والبراميل المتفجرة.

وصرَّح رئيس الرابطة الفلسطينية لحقوق الإنسان في سورية والمقيم في اليرموك سليم سلامة، بأنَّ ما يقرب من 200 شخص لقوا حتفهم في مخيم اليرموك عام 2014 بسبب الجوع، موضحًا حاجة المخيم الماسة للإمدادات الطبية، مع نقص المعدات والمضادات الحيوية والمسكنات التي تستخدم لعلاج الجرحى.

وأضاف: "يشعر الكثير من الفلسطينيين في مخيم اليرموك بعيدًا عن الأزمة الإنسانية بتخلي العالم العربي والمجتمع الدولي بأسره عن قضيتهم، لافتين الانتباه نحو عدم الاهتمام بالنسبة إلى المقيمين الذين تحملوا عامين من الحصار،  بعد أن فر الآلاف من مواطنيهم خلال العام الماضي".

وتابع سلامة: "ينتابني أنا والسواد الأعظم ممن غادروا شعور بخيبة الأمل والحزن المطلق، وشعور بالخيانة من قبل المجتمع الدولي، إنَّ عدم الاكتراث بمعاناة الفلسطينيين يدق ناقوس الخطر فيما يتعلق بحياة المدنيين الذين يتضورون جوعا حتى الموت في القرن الحادي والعشرين".

واستطرد: "أنا لست غاضبًا فقط؛ ولكنني ساخط على هذا الصمت المخيف، فمجلس الأمن يتخذ قرارات لا قيمة لها وليست مفعلة، العالم كله كاذب بالنسبة إلينا".

وأردف: "أعتقد في بعض الأحيان أننا لا ننتمي إلى هذا العالم، إنَّ الشعب الفلسطيني ليس جزءا من الإنسانية ولا أعتقد أن هناك ضوءًا للفلسطينيين في نهاية النفق، إلا إذا كان النفق يؤدي إلى ستوكهولم أو برلين، الفلسطينيون بحاجة الآن لمنقذ أو مخلص"، متسائلًا: "هل هناك شيء أسوأ من الموت من جوعًا؟".