القاهرة - صوت الإمارات
التقى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، مساء أمس الأول الاثنين ،وزير الثقافة المصري الدكتور عبد الواحد النبوي في فندق الماسة في القاهرة .
تناول اللقاء عددا من الموضوعات الثقافية والعلمية، وسبل توطيد أطر التعاون المشترك في المجالات الثقافية .
وأشاد وزير الثقافة المصري بجهود حاكم الشارقة في رفد الساحة العربية بوجه عام، والمصرية خاصة، ودعمها بالعديد من المشاريع الثقافية .
وأقام الوزير النبوي مأدبة عشاء، على شرف حاكم الشارقة الذي تسلم في ختام اللقاء هدية تذكارية من وزارة الثقافة .
وأكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أن التعليم الجامعي الذي نتطلع إليه، بل ويلزم علينا تحقيقه الآن، ليس مجرد التعرف إلى أحدث ما تم التوصل إليه في العلوم والمعرفة واستيعاب التقنيات اللازمة لجعل هذه العلوم والمعارف في خدمة المجتمع وحسب، وإنما يعني أساسا إعادة صياغة العقل العلمي والتعليمي في مجتمعنا على أساس المنهجية العلمية وجعل مخرجات معاهد ومراكز الأبحاث والتطوير قاعدة لتطوير طرائق التعليم والتعلم، ولإيجاد الحلول الملائمة لمختلف القضايا التي تعترضنا .
جاء ذلك في كلمة له ألقاها صباح أمس الثلاثاء، وبحضور حرم حاكم الشارقة رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي ضمن مراسم حفل منحه شهادة الدكتوراه الفخرية في العلوم الاجتماعية من جامعة القاهرة، وذلك بقاعة الاحتفالات الكبرى في مبنى الجامعة، ووسط حضور رفيع المستوى لكبار المسؤولين في جمهورية مصر العربية، وبذلك يكون الشخصية رقم 78 التي تمنح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة طوال عمرها الذي يتجاوز 100 عام .
وأوضح حاكم الشارقة في مستهل كلمته "يسعدني ويشرفني التواجد معكم اليوم لاستلام الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة العريقة . ونتقدم بشكرنا الجزيل إلى الأستاذ رئيس الجامعة،الدكتور جابر نصار ومجلس الجامعة الموقر على قرارهم بمنح شهادة الدكتوراه الفخرية والتي هي شرف كبير لي سأعتز به مدى الحياة" .
وأضاف "لقد أدركنا - وكما يدرك الجميع - أن للتعليم في شريعة ديننا الإسلامي العظيم أهمية كبرى بينها الله العلي القدير لنا لنتمكن من مواكبة مستجدات الحياة البشرية العصرية المتجددة . وقد من الله سبحانه وتعالى، وبتوفيقه ورضاه، على مصر وجعل من التعليم، على اختلاف مستوياته، ركناً أساسياً من أركان النهضة الحضارية الكبرى في العديد من العصور والأزمنة" .
وأوضح ماهية التعليم الجامعي التي يجب أن يكون عليها قائلاً "كما تبين لنا جميعاً أن التعليم الجامعي الذي نتطلع إليه، بل ويلزم علينا تحقيقه الآن، ليس مجرد التعرف إلى أحدث ما تم التوصل إليه في العلوم والمعرفة واستيعاب التقنيات اللازمة لجعل هذه العلوم والمعارف في خدمة المجتمع وحسب، وإنما يعني أساساً إعادة صياغة العقل العلمي والتعليمي في مجتمعنا على أساس المنهجية العلمية وجعل مخرجات معاهد ومراكز الأبحاث والتطوير قاعدة لتطوير طرائق التعليم والتعلم، ولإيجاد الحلول الملائمة لمختلف القضايا التي تعترضنا" .
ولتحقيق ذلك لفت حاكم الشارقة أنه "يجب أن تشمل مشروعات الارتقاء بالتعليم والتعلم في مجتمعنا مختلف البرامج التخصصية لتطوير طرائق التدريس، ليس فقط لأعضاء الهيئة التدريسية بالجامعات، بل لتشمل مدرسي جميع المدارس، من الصف الأول إلى الثاني عشر، ومن أهمها وسائل تحفيز التفكير التحليلي النقدي والبحث العلمي الابتكاري لدى الطلبة، على اختلاف مستوياتهم الدراسية ودرجاتهم العلمية، بما يخدم المجتمع ويطوره وينميه .
وإذا أردنا أن ترفع جامعاتنا ومعاهدنا ومراكزنا البحثية مناراتها العلمية لتقف شامخة إلى جانب مناراتها الأكاديمية فلا بد من التوسع في تأسيس بنية راسخة للبحث العلمي الجاد والمؤثر .
والتي ستأتي عائداتها العلمية والمعرفية بكل خير ليس على المجتمع المصري وحده، بل وعلى المجتمعات العربية والعالمية بمشيئة الله تعالى" .
واختتم كلمته "كل هذه أمور سبقتنا إليها مجتمعات النهضة الحديثة في الغرب وفي أميركا منذ فترة، ويلزم علينا اللحاق بالركب العالمي مع الاعتزاز والحفاظ على هويتنا الإسلامية العربية الوسطية السمحة والتي تدعونا إلى الارتقاء بالقيم والفكر والمعرفة في كل المجالات" .
وكانت مراسم الحفل الرسمية قد بدأت بدخول الشخصية المكرمة حاكم الشارقة ورئيس وأعضاء مجلس جامعة القاهرة بطريقة بروتوكولية .
وتم خلال الحفل عرض فيلم وثائقي تسجيلي بعنوان "ذاكرة الأمة . . شمس التنوير التي لا تغيب"، عن جامعة القاهرة والدكتوراه الفخرية التي قامت بمنحها لأبرز الشخصيات التي أخلصت وبذلت للعلم والبشرية منذ إنشائها في عام 1908 وحتى اليوم، ومن بين تلك الشخصيات على سبيل الذكر لا الحصر آخر ملوك مملكة إيطاليا، فيكتور ايمانويل الثالث و أول رئيس للسنغال ليوبولد سنغور، ورئيس جمهورية السودان الأسبق،الفريق إبراهيم عبود والحسن الثاني ملك المملكة المغربية السابق، و رئيس جنوب إفريقيا السابق نيلسون مانديلا، و آخر ملوك أفغانستان محمد ظاهر شاه، وغيرهم الكثير .
كما عرض الفيلم الوثائقي التسجيلي نبذة مختصرة عن عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الشخصية المحتفى بها، ليتناول مختلف جوانب حياته بدءاً من نشأته وتأثير البيئة المجتمعية في شخصيته ومن بعد طلبه للعلم والتعليم والانتقال إلى مصر للالتحاق بجامعة القاهرة والعودة مرة أخرى إلى دولة الإمارات للمشاركة في بنائها، ومن ثم قيادته لزمام أمور إمارة الشارقة ومساعيه الحثيثة في دعم الثقافة ونشر التعليم وتشييد المراكز الثقافية والعلمية والبحثية، مسلطا الضوء على أهم الجوائز الدولية التي منحت له واسهاماته المحلية والإقليمية والدولية لنشر الثقافة الإسلامية والعربية وتعريف الآخر بها .
عقب ذلك كلمة لرئيس جامعة القاهرة الأستاذ الدكتور جابر جاد نصار ، صرح فيها "تمثل جامعة القاهرة بتاريخها وحاضرها ومستقبلها قيمة حقيقية مضافة لوطنها وأمتها، فقد كانت رقماً مهماً دائماً في مقعدها، وقد حملت على مدى قرن من الزمان مشعل الفكر الحديث فأسهمت بحق في مسيرة النهضة بمصر وما حولها وقدمت نماذج مشرفة من الرواد الذين انفتحوا على العالم الخارجي ورفعوا اسم أوطانهم عالياً" .
وأضاف "فكل جامعة تتميز بالفكر الذي تقدمه والقيم التي تغرسها في منتسبيها فتتمثل مخرجاتها في كوادر مؤهلة تمتلك العلم وبصيرة الفكر وقدرات الإبداع، وجامعة القاهرة وهي تقف على اعتاب المئة الثانية من عمرها المديد ترنو إلى المستقبل بثقة واقتدار في الوقت الذي تحفظ تراثها وقيمها وقيمتها التي بدأها الآباء الأولون وبين ماض مشرف وحاضر مشرق تتواجد الجامعة في مكانة متميزة ومميزة حيث تقع دولياً ضمن أفضل 500 جامعة من بين أكثر من 23 ألف جامعة حول العالم" .
وأردف رئيس جامعة القاهرة قائلاً "فمن بين جنبات هذه الجامعة تعلم القادة والمفكرون والكتاب والعلماء، وخير دليل على ذلك الشخصية المكرمة في يومنا هذا وهو العالم الحاكم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، هذا الرائد الذي نحتفي به لما يحمل من اخلاص لمبادئ هذه الجامعة وظل قريب الصلة بها والذي من حقنا أن نباهي به ومن واجبنا أن نكرمه كرجل من رجالات الفكر ونسمة من نسمات الإنسانية المضيئة، وتتبدى إنسانيته في بساطته، وتظهر عظمته في عظمة أفعاله تجاه دينه ووطنه وأمته الإنسانية جمعاء" .
بعدها تفضل حاكم الشارقة بالصعود إلى المنصة لبدء مراسم منح الدكتوراه الفخرية، حيث قام بارتداء عباءة ووشاح الدكتوراه، وتلي قرار مجلس الجامعة والذي جاء نصه "نظرا للدور البارز للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ولاهتمامه بالثقافة والعلوم والآداب والفنون ورعايته الكريمة لها في أنحاء المعمورة ودعمه اللامحدود لقضايا وطنه وأمته ومساندته للشعب المصري في كافة المجالات ووفائه لجامعة القاهرة، وافق مجلس الجامعة بالإجماع بناء على توصية من مجلس كلية الزراعة على منحه درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم الاجتماعية" .
وتسلم شهادة الدكتوراه الفخرية باللغتين العربية والإنجليزية، كما تفضل بالتوقيع على السجل التذكاري للدكتوراه الفخرية في جامعة القاهرة .
وتم تقديم مجموعة من الإهداءات إليه من بينها كتاب ادبيات منح الدكتوراه الفخرية في جامعة القاهرة، وكتاب مصر التي في خاطري، وكتاب سلطان العلم وفارس الحكم، ومجسم مذهب لقبة جامعة القاهرة الذي يعد رمز الجامعة وأكثر ما يميزها .
كما تلقى درع محافظة الجيزة - من محافظ الجيزة، الأستاذ الدكتور خالد زكريا وكان قد ألقى قبلها كلمة أعلن فيها "نجتمع اليوم في يوم الوفاء، وفاء الطالب لجامعته وفاؤه لوطنه الثاني مصر، وفاء الجامعة لابن ترعرع بين جنباتها، وأصبح رجلاً يشار له بالبنان، وفاء محافظة لرجل له أياد بيضاء فيها، فالمتكرم اليوم أحب مصر وأبناءها فأحبته وأحبوه واعتبرها وطنه الثاني فاحتضنته واعتبرته ابنا بارا من أبنائها، كل ذلك ألزمنا أن نقدم له ما لا نستطيع أن نصل به إلى قدره، نقدم لك يا شكرنا وتقديرنا وامتنانا واحترامنا، وجزاك الله خيرا كثيرا وأثابك عليه" .
ودعي حاكم الشارقة وأعضاء مجلس جامعة القاهرة لالتقاط صورة تذكارية في ختام الحفل .
وكان الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي قد التقى فور وصوله وقبل بدء مراسم منح الدكتوراه الفخرية بوزير التعليم العالي ومجلس جامعة القاهرة وعمداء الكليات في قاعة أحمد لطفي السيد في المبنى الرئيسي للجامعة، حيث تم الترحيب به والوفد المرافق له، معبرين عن اعتزازهم له بتلبية الدعوة والتفضل شخصيا لاستلام التكريم، ومثمنين له جهوده الملموسة في النهوض بالثقافة والفنون والآداب ومشيدين بمبادراته في حفظ التراث ودعم المراكز العلمية في انحاء المعمورة .