أبوظبي- سعيد المهيري
كشفت اعترافات شفاهية ومصورة للمتهم في قضية الإساءة لرموز الدولة عبر مواقع التواصل والمعروفة إعلاميا بقضية "بوعسكور" عن تورط مساعد رئيس جهاز أمن الدولة في إحدى الدول الخليجية وعدد من العاملين النافذين فيها بالإشراف على إدارة المواقع المسيئة لرموز الدولة. وأقر المتهم الموقوف على ذمة القضية بانتسابه للجهاز وتلقيه أوامر مباشرة لتنفيذ مهام محددة، موضحاً آلية العمل وأدوار أقسام جهاز أمن الدولة الخليجية وارتباطاتهم بتلك الحسابات.
وشهدت الجلسة التي ترأسها رئيس دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا المستشار فلاح الهاجري أمس الاثنين، عرض فيديو "معاينة تصويرية" أعاد فيها المتهم تمثيل واقعة دخوله للدولة وعملية شراء شرائح الهاتف والتفاصيل المصاحبة لها تفصيلاً، وقررت المحكمة تأجيل القضية لجلسة 27 نيسان/ أبريل للاستماع لمرافعة الدفاع.
وأقر المتهم بصحة الاعترافات الواردة في مقطع الفيديو، وعقب على سؤال القاضي عن رأيه بما جاء في الفيديو المعروض مؤكدا " نعم، أنا هذا الشخص، وأقر بكل ما جاء في الفيديو"، وأعاد المتهم سرد التفاصيل الواردة في المقطع المصور أمام هيئة المحكمة. من جهته أكد المحامي حمدان الزيودي عن استعداده للترافع عن المتهم متنازلا عن حق استدعاء شهود الإثبات.
وأكد ممثل نيابة أمن الدولة إعادة إعلان الجهات المعنية في الدولة الشقيقة بالطرق القانونية، إلا أنها لم تتلق أي رد حتى الأن. وأوضح إن المتهمين أرادوا نشر الفساد والإفساد في الأرض، في قضية شكل النكران والجحود والغدر والخيانة عمادها، مشيرا إلى أن المتهمين استعانوا بالشبكة المعلوماتية التي أصبحت مرتعا خصبا لأصحاب النفوس المريضة فاتخذوها وسيلة لتفريغ حقدهم وكراهيتهم التي ثقلت بها جنوبهم فنالوا من الأبرياء بسيئ الأقوال وبذيء الكلام، محاولين تحقيق الإشباع الذاتي والتوافق النفسي لشخصياتهم المريضة.
وأضاف أن القضية تختلف عن مثيلاتها من قضايا جرائم الشبكة المعلوماتية لأننا ظننا أن المتهمين فيها أشقاء بل حصن ودرع، إلا أن قلوبهم الضعيفة امتلأت بالحقد والكراهية فطوعت لهم أنفسهم وهم ضباط مخابرات بجهاز أمن الدولة الخليجية أن يشكلوا فيمن بينهم فريق عمل لتنفيذ مخططهم الإجرامي فأنشأوا مواقع إلكترونية نشروا عليها معلومات وشائعات وصورا مسيئة لرموز وقيادات إماراتية بغرض دنيء وهو السخرية والإضرار بسمعة وهيبة ومكانة الدولة، ولإحكام تنفيذ مخططهم الإجرامي بشق صف المجتمع الإماراتي قاموا باستخدام أرقام هواتف إماراتية عبر تلك الحسابات والمواقع الإلكترونية للإيهام بأن مستخدمي تلك الحسابات هم أشخاص إماراتيون وأنهم يبغضون قادة الدولة ورموزها.
وحول الأدلة التي استندت عليها النيابة في توجيه الاتهامات فكان أجلاها اعتراف المتهم الأول (ح ع م ع) في محاضر جمع الاستدلال والتحقيقات بأنه يعمل برتبة ملازم أول في جهاز أمن الدولة الخليجية، وأنه كلف من قبل المتهم الثاني (ج م ع) ويعمل برتبة مقدم مساعد لرئيس الجهاز لشؤون العمليات، بشراء خمس شرائح هواتف إماراتية وتعبئتها برصيد خمسة آلاف درهم لكل شريحة لاستخدامها دوليا، وأنه في تاريخ 15 كانون الأول / ديسمبر 2013 توجه من إحدى الدول الخليجية إلى دولة الإمارات لشراء الشرائح مستخدما في ذلك سيارة شقيقه الذي يعمل معهم في الجهاز، وتمكن من دخول الدولة من منفذ الغويفات الحدودي وشراء عدد خمس شرائح اتصالات إماراتية من محل بقالة بالمنطقة الحدودية، وأربعة هواتف متحركة وقام بتعبئتها بتلك البطاقات، إضافة لهاتف خامس كان بحيازته حينها.
واستطرد غادر المتهم بعدها في اليوم التالي متجها إلى دولته من ذات المنفذ الحدودي وتقابل مع المتهم الثاني وسلمه الهواتف فقام الآخر بتسليمها للمتهم الثالث (ح خ ا) ويعمل برتبة نقيب مدير الإدارة الرقمية بجهاز الأمن في الدولة الخليجية، والذي كلف بدوره كل من المتهم الرابع (رع ا) الملازم أول بالجهاز والمتهم الخامس (ع م ا) ملازم ثاني في الجهاز، بالإضافة إلى ضباط وأفراد آخرين في الإدارة بإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر وأنستجرام) ونشروا عليها صورا مسيئة جدا لرموز دولة الإمارات مستخدمين في تلك الحسابات أرقام شرائح الاتصالات الإماراتية بغرض الزعم أن مستخدمي الحسابات هم أشخاص إماراتيون.
وعرجت النيابة لإفادات شهود الإثبات عرضا للمزيد من الأدلة القولية التي جاءت متطابقة مع اعتراف المتهم الأول مؤكدة صحتها وسلامتها، مشيرة إلى شهادة الضابط في جهاز أمن الدولة الإماراتي أنه أثناء قيامه بعمله في جهاز أمن الدولة بمتابعة الظواهر الأمنية على الشبكة المعلوماتية الإلكترونية تصله حسابات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تسيء لحكومة دولة الإمارات وقيادتها وتضمنت صورا مسيئة لعدد من رموز الدولة، وتم رصد مشاركته من تلك الحسابات.
وكشف الشاهد الأول عن الخيط الذي أدى تتبعه إلى كشف تفاصيل القضية، حيث أذاع القائمون على إدارة الحساب رقم هاتفه بعد نشر عبارة " والله ذبحتونا إشاعات، كويتي، وسعودي، وبنغالي.. صورتي وحطيتها وهذا رقمي ضيفوني..." ، مشيرا إلى أنه وبالتدقيق على الرقم تبين أنه جرت عليه عملية شحن رصيد بقيمة 5000 درهم في تاريخ 15 كانون الأول/ ديسمبر 2013 في منطقة السلع في إمارة أبوظبي، واسم صاحبها الخليجي (المتهم الأول) وبالتدقيق على المذكور تبين أنه يمتلك سيارة نوع تويوتا وأنها دخلت الدولة بتاريخ اليوم نفسه، ليتم إدراجه وشقيقه (مالك السيارة) على قائمة ترقب الوصول للقبض عليهما، وهو ما تم في الـ 27 من حزيران/ يوليو من العام 2014 وبمواجهته أقر بأنه ضابط في جهاز أمن الدولة في الدولة الخليجية برتبة ملازم، ويعمل في سكرتارية مكتب رئيس جهاز الأمن في الدولة الخليجية.
أوضحت النيابة أن الاعترافات التي صدرت عن المتهم جاءت بإرادة حرة واعية وإدراك كامل دون ثمة إكراه مادي أو معنوي، فضلا عن ذلك فإن إجراءات القبض والتفتيش تمت وفق إجراءات صحيحة تتفق ونصوص القانون وأوضح ممثل النيابة " لم يبق للنيابة باعتبارها ممثلة ونائبة عن المجتمع وموكولا إليها حماية مصالحه وحقوقه إلا تحقيق العدالة وموجبات القانون، وعليه نناشدكم أن تستشعروا معها مدى خطورة الجرم الذي ارتكبه المتهمون والحقد الذي أعمى قلوبهم والضغينة التي ملأت نفوسهم، ليكن حكما رادعا لكل من تسول له نفسه الإضرار والنيل بسمعة الآخرين، مطالبا بتوقيع أقصى عقوبة طبقا لمواد العقاب الواردة بأمر الإحالة.