مشروع قطار الاتحاد الاستراتيجي

يُعيد مشروع قطار الاتحاد الاستراتيجي، الذي تُقدر تكلفته بحوالي 40 مليار درهم، كتابة تاريخ المنطقة من جديد، خاصة أنّ العمليات التجريبية بين حبشان والرويس قد بدأت منذ عام تقريبًا، في حين سيتم استكمال الجزء الأخير من المرحلة الأولى بين حبشان وشاه قبل نهاية هذا العام، لتكون الإمارات أول دولة خليجية تشغل قطارًا يعبر صحراء الرُبع الخالي.

ومسرح الانطلاق والتشغيل التجريبي للقطار يمرّ بقلب واحات ليوا الشهيرة "مزيرعة"، والتي تعتبر بوابة ومدخل الرُبع الخالي، والتي تضمّ أكبر وأجمل الكثبان الرملية في العالم، وهي مساحة شاسعة من الصحراء التي تمتد عبر المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، والتي كانت في الماضي القريب هدفًا لكثير من رحلات المستكشفين الذين جاؤوا خاصةً من أجل الاستكشاف والبحث عن عالم غامض ليصبح له تاريخ.

وتلك الواحات الصحراوية حتى بداية السبعينات من القرن الماضي، لا تعبرها بأحسن الأحوال إلا قوافل الإبل، ولكن عندما بدأ الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس وباني دولة الإمارات العربية المتحدة، يزورها بعد توليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي العام 1966، لامس حاجة المنطقة لكسر عزلتها الموحشة، فأمر بشق الطرق وسط الرمال، واستبدلت الإبل بالسيارات، وأخذ التطور يدب في الصحراء رويدًا رويدًا، حتى أصبح بها الآن أجمل وأحدث المدن.

ولأن كل شيء يتطور في الإمارات بسرعة البرق، لذا أصبح من المألوف أنّ يجد السائح في مدينة أبوظبي إعلانًا للوصول إلى تلك الصحراء وعبورها جوًا برحلات الهليكوبتر السياحية، التي تنظمها بعض الشركات السياحية في العاصمة، حتى أصبحت تلك الصحراء اليوم من أهمّ الوجهات السياحية خارج العاصمة، لمن يريد مشاهدة عظمة صحراء الرُبع الخالي الساكنة، وأكبر منبسط صحراوي رملي في العالم.

وأنّ تعبر تلك الصحراء بطائرة الهليكوبتر لتهبط وسط قصر السراب في قلب الصحراء، فهذا أمر طبيعي، وإلى هنا والأمور تسير بشكل اعتيادي، ولكن عندما تهبط هناك وتتجول في المكان وأثناء تجوالك يمر قطار بجوارك يشق طريقه وسط الرمال المتحركة، فهذه معجزة لا تتحقق إلا في دولة الإمارات، ولتضيف لإنجازاتها السابقة المميزة إنجازًا جديدًا.

ويرى الخبراء والمختصون في شؤون النقل والخدمات اللوجستية، أنّ وجود أكثر من 26 ميناءً بحريًا على سواحل دولة الإمارات، عدا موانئ تصدير النفط تشكل نحو 13 ميناء، منها المنافذ التجارية الرئيسة البحرية للدولة التي ترتبط مع العالم الخارجي، وتستحوذ على أكثر من 61 في المئة من إجمالي حركة الشحن في منطقة الخليج، لنّ يكفي ارتباطها بالطرق البرية، ولا بد من ربطها بشبكة من خطوط السكك الحديدية.

خاصةً أنه من المُزمع ربطها بشبكة السكك الحديدية الخليجية مع سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، من خلال المرحلة الثانية، والتي تمّ الانتهاء من الأعمال الهندسية المبدئية، ومن عملية المناقصات، وسيتم منح العقود قريبًا، بحسب شركة الاتحاد للقطارات.