البحر الأحمر - صلاح عبد الرحمن
يعود تاريخ إنشاء قرية أم الحويطات في مدينة سفاجا إلى بداية القرن الـ 20 عندما كانت مُستعمرَة من قِبل بريطانيا 1882-1956، وبالضبط في العام 1902، حيث بدأت جهود التنقيب لمصادرة واستخدام أي موارد موجودة في المستعمرات الجديدة، وخاصة تلك التي كانت خارج حدودها.
وبدَأَت فكرة إنشاء هذه
المدينة عندما كان مهندس بريطاني يُدعى آندي يأتي إلى المنطقة، وأدّت الأبحاث المحتوية على الرصاص إلى اكتشاف كميات ضخمة من الفوسفات تقدر بملايين الأطنان.
وبالتالي، فإن فكرة استخراج هذه الكميات من مناجم ام الحويطات وإرسالها إلى الأراضي الرئيسية دافع لحفر القنوات، وتمهيد الطرق، وحفر المناجم والسكك الحديد لربط إنشاء منطقة ميناء سفاجا، وفي العام 1907 بدأ العمل الحقيقي في استخراجفوسفات ال، وانتهى بناء السكك الحديد في العام 1910، وفي البداية كان أسلوب العمل اليدوي، ولكن في وقت قصير أحضر الإنكليز الأدوات الجديدة والمعدات الثقيلة، وكان كل عامل يستخراج 5 طن يوميًا.
وبدأ العمل مع ساعات النهار الأولى حتى وقت الظهيرة ومعاودة الأشغال حتى المساء، العامل فقط يمكن الحصول على عدد قليل من القروش كل شهر مع شرط البقاء وحده من دون الأسرة، كما كان يعتقد الإنكليز أن العمال عندما تعيش وحدها من دون الاسرة يجعلها ذلك تركز أكثر في العمل، وكان هذا صعبًا للغاية بالنسبة إلى العمال المصريين، الذين كانوا يتوجهون نحو الأسرة وجلب أسرهم في السر وتسويتها في الوديان ليست بعيدة من أماكن العمل، ثم يتسلل إليهم في الليل مع العودة إلى مخيمات الصباح الباكر، ولكن عندما عرفت الإدارة البريطانية هذا الموضوع، قرر المهندس البريطاني آندي بناء المستوطنات لصالحهم، كما أنه يعتقد أن هذا من شأنه إرضاء لهم وتحفيزهم للعمل أكثر من ذلك، وأنه يهدف الى تحقيق المستوى المناسب من الرعاية الغذائية والحد من عطلاتهم، وزيادة وقت العمل والإنتاجية نتيجة لذلك.
وكان الإنكليز حذرين جدًا بشأن حياة العمال والطريقة التي يعيشون فيها، لذلك، في العام 1910 أنها أنشأت أول مدرسة ابتدائية، ومع زيادة سكان المدينة كانت مدرسة كبيرة قد بنيت في العام 1925، وتدريجيًا زاد عدد من المدارس، ووصلت المدارس الابتدائية إلى اثنتين، الإعدادية واحدة، المدرسة الثانوية واحدة، ويمكن رؤيتها حتى الآن. وأظهر الإنكليز الفائدة في مجال الرعاية الصحية وإنشاء مستشفى في المدينة لتقديم الخدمات الطبية للعمال وأسرهم، خاصة مع المخاطر والصعوبات التي يواجهها العمال داخل المناجم، كما أنها أظهرت اهتماما في الجوانب الثقافية والترفيهية، وأسسوا مركز الشباب، والمسرح وصناعة السينما في المدينة منها فيلم "الاعتراف" بالتعاون مع الشركة العامة للسينما، وزارت فرقة رضا للفنون الشعبية المدينة في 1965، وقدمت العديد من العروض الفولكلورية على مسرح المدينة التي لا تزال موجودة حتى الآن.
واستمرّ مشروع التنقيب عن مناجم الفوسفات تحت السيطرة البريطانية حتى تمّ تأميمها من قبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر في العام 1956 لتكون الرقابة مصرية ٪ 100، وازدهرت في عهد عبد الناصر، واستمرت مصر في تصدير الفوسفات لجميع دول العالم حتى العقد الثامن عندما بدأت تتلاشى يومًا بعد يوم.
وفي الآونة الأخيرة جاء قرار من رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عاطف عبيد لإغلاق المشروع من دون أي خطة بديلة تنص على العمال أو نقلهم إلى مكان آخر.
وبلغ عددهم أكثر من 16،000 شخص، وكانت المدينة تعتبر أكبر مكان ساكن في البحر الأحمر خلال العقدين السادس والسابع.
وللأسف، معظم سكان القرية الذين يعيشون استمروا في التنقل بين مكان المشروع على أنه سيتم إعادة فتح مرة أخرى، والعودة إلى وظائفهم حتى العام 1997، وبعد عام واحد من إغلاق المشروع وبيع آلات ومعدات ومصير لم يمنحهم مزيًدا من فرصة للبقاء، وكما دمرت السيول معظم القرية وغمرت المياه المنازل والألغام مع الماء، مما اضطر السكان إلى الفرار وترك منازلهم، وكانت الحكومة وفرت لهم ملاجئ على طول شاطئ البحر على الطريق بين سفاجا والقصير والمكان الجديد قد سُمِّي أم الحويطات الجديدة.