قمة "كليمنجارو" في تنزانيا تقدِّم فرصة التسلق الى هواة المغامرة

عندما يصل العديد من المتنزهين من مختلف أنحاء العالم إلى جبل "كليمنجارو" يبقى حلم المغامرة البرية في أعلى جبل في العالم عالقًا في الأذهان، حيث يفكر الزائرون على أقل تقدير في الحصول على قدر من السلام والهدوء للتفرغ في مواجهة أقسى التحديات البدنية التي قد تواجههم في حياتهم، حسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وتقول الصحيفة إن الجبل الكائن في تنزانيا، هو أحد القمم الجبلية في أفريقيا والتي تعد مركزًا للعديد من الجبال الخطرة، إلا أن مسألة تسلق جبل كليمنجارو تبدو مختلفة، حيث أن الأمر ربما لا يحتاج الى مهارات فنية من أجل إنجاز تلك المغامرة، وإنما يحتاج في الأساس إلى لياقة بدنية جيدة والقدرة على التكيف مع المرتفع، وهو ما يساهم في زيادة الإقبال على تلك المغامرة إلى حد كبير.
وحسب الإحصاءات الصادرة عن المنتزهات الوطنية في تنزانيا، فإن جبال كليمنجارو تجذب حوالي 50 ألف متسلق في العام الواحد، بزيادة تقدر بحوالي 25 بالمائة عن عام 2008، وهو ما يعادل أكثر 50 مرة من محاولات التسلق التي تشهدها قمم أخرى حول العالم من بينها قمتا "إفرست" في النيبال و"دينالي" في ألاسكا.
ولكن يبقى التحدي الأكبر، متمثلا في كيفية إدارة تداعيات الزيادة الكبيرة في أعداد المتسلقين، حيث يصل عددهم إلى المئات يوميًا، على الجبل نفسه، في ظل الصعود والهبوط المتواتر، وكذلك نصب الخيام يوميًا، وهو الأمر الذي يشكل خطورة في المستقبل على هواة التسلق.
وربما كانت الزيادة الكبيرة في أعداد الزائرين للجبل سببًا رئيسيا في قيام القائمين على حديقة كليمنجارو الوطنية على تعديل بعض القواعد المختصة بتنظيم تسلق الجبل، حيث تم تأسيس محطة وزن متخصصة من أجل تحديد الأوزان التي سوف يحملها كل متسلق، وذلك لحمايته من جانب، ولمنع انتشار القمامة على سفح الجبل من جانب أخر. إلا أنه بالرغم من ذلك تبقى مشكلة النفايات البشرية أحد التحديات المهمة التي تواجه المنطقة، حتى المراحيض الجديدة التي تم وضعها تمثل مشكلة في التضاريس الصخرية للجبل من جانب. كما أن درجات الحرارة الباردة تساهم بصورة كبيرة في إبطاء عملية التحلل.
وتقول "الغارديان" إن هناك ست طرق للصعود نحو القمة، يختار من بينها المتسلقون، حيث يتجه حوالي ثلثي المتسلقين إلى اختيار مارانجو أو ماشامو، بينما توجد طرق أخرى تحظى ببعض الإقبال، من طريق معروف باسم كوكاكولا وأخر باسم ويسكي، وهناك طريقان أخران، وهما ليموشو وشيرا.
اختيار الطريق يبقى أمرًا حيويا للغاية عند تسلق الجبل، حيث يبقى تجنب المناطق المزدحمة أمرًا مهما، حيث يتجه البعض إلى استخدام طرق لا تشهد إقبالا كبيرا، من أجل تجنب الازدحام في الطرق الأخرى، هو ما يساعد في استكشاف العديد من المناظر الخلابة والرائعة ومعرفة المزيد من أسرار الجبل التي ربما لا يتسنى للبعض استكشافها، إلا أنها في الوقت نفسه تزيد من طول الطريق حوالي 86 كيلو مترًا، بالإضافة إلى زيادة التكلفة، والتي تصل في تلك الحالة إلى حوالي ألفي جنيه إسترليني شاملة الطعام والمشروبات، حيث تستمر الرحلة نحو سبعة أيام.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن تكاليف هذه الرحلة تختلف اختلافا جذريا باختلاف عدد الأيام وحجم المجموعة التي سوف تقوم بالتسلق، بالإضافة إلى نوعية المعدات المستخدمة من قبل المتسلقين، وكذلك المواد الغذائية التي يقومون باصطحابها معهم. ونقلت الصحيفة عن أحد المتسلقين قوله إن المسافة من مدينة اروشا حتى الجبل استغرقت حوالي ثلاث ساعات كاملة، حيث دخلوا من بوابة ليموشوا ليشاهدوا مجموعة من أفضل الغابات المطيرة في الجبل وسط أصوات العصافير والقرود، واستمروا في التسلق لمدة ثلاث ساعات كاملة انتهت بهم إلى أحد المخيمات التي قضوا فيها ليلتهم.
وأضاف أن المطر استمر في اليوم التالي، بينما كان المناخ أسطوريا، حيث كانت الأمطار تقدم صورة رائعة مع الأشجار الضخمة حتى انتهى بنا الحال أمام غابة من نباتات "الخلنج"، بينما كان الطريق محاطًا بالشجيرات الرمادية والخضراء حتى وصلنا في النهاية إلى مخيم شيرا.
في اليوم الثالث اتجهنا بعيدا عن لوموشو حيث ذهبنا شمالا باتجاه مخيم موير، وقطعنا حوالي ثمانية كيلومترات بعيدا عن الواجهة الجنوبية للجبل، وفي فترة بعد الظهر ارتفعنا فوق سلسلة من التلال القريبة استكشفنا خلالها شلالًا مهدبًا مع مجموعة من النباتات المعروفة في جبال الألب.
وفي اليوم التالي كان الصعود حادًا للغاية فوق خط الغطاء النباتي إلى المخيم، حيث أنك غالبا ما تجد تلك المنطقة مشهورة بالنسور، وهنا يتلاقى الطريق مع طريقين أخرين وهما رونجي  ومارانجوا، وذلك قبل نقطة واحدة من التلاقي مع باقي الطرق الأخرى عند نقطة ستيلا.
وتقول الصحيفة إن حوالي 50 ألف زائر سنويًا يقومون بزيارة الجبل لخوض تجربة التسلق، حيث أن الفائدة لا تقتصر على الأموال التي يدفعها هواة المغامرة فقط، ولكن أيضا في توفير فرصة عمل لقطاع كبير من الناس هناك، حيث أن كل فوج يحتاج إلى عدد من المرافقين لتقديم مختلف الخدمات.
ويحتاج الفوج الى  أماكن للمبيت، بالإضافة إلى طهاة، وعاملي قمامة وحمالين، بالإضافة إلى مرشدين لا بد أن يكونوا مرافقين لكل فوج، كما أن الوجبات التي تقدم خلال تلك الرحلة تبقى جيدة للغاية، من بينها الشوفان والبيض ومختلف أنواع اللحوم، بالإضافة إلى الدجاج والبطاطا والفواكه والحلوى وغير ذلك.