لندن ـ كارين إليان
توقفت "حافلة بوتي" في بلدة "ليفربورغ" على جزيرة "هاريس" السكوتلندية، حيث يقومون بتقديم البيض ورقائق البطاطس كنوع من الترحيب بالزائرين. وفي الصيف تتحول المحادثة إلى "سانت كيلدا" وهي مجموعة الجزر التي تبعد خمسين ميلاً إلى الغرب.
هذه البلدة الشاطئية أحد أهم الموانئ التي يمكنك منها تأجير مركب ليوم واحد في رحلة إلى سانت كيلدا. لكن الطقس في "هبيريدين" لا يمكن التنبؤ به دائماً، وهو عاصف في الغالب. لذا كثيراً ما يتم إلغاء رحلة القارب وينتهي المطاف بالزائرين في البقاء ضمن "ليفربورغ".
ولكنها لازالت لا تماثل كنيسة "سانت كليمنت" الرائعة التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادي ونقوشها البديعة، والتي تبعد بضعة أميال أسفل ساحل رودل. أو يمكنك التوجه شمالاً على طول شواطئ الساحل الغربي الخلابة، وتشرب الكابتشينو في مقهى المعبد ومشاهدة النسور وهي تحلق في السماء.
وقالت إحدى السائحات وهي تروي مشاهدات رحلتها: قمت بحجز بطاقتين لأكون آمنة، و تم إلغاء واحدة، لكن الأخرى توجهت مباشرة عبر المياة المتقلبة والأمطار الغزيرة لمدة خمس ساعات ذهاباً وإياباً . معظم رفاقي من المسافرين تحولوا إلى ظلال رمادية مروعة.
ولم تستطع الصور الفوتوغرافية الكثيرة أو الفيديوهات أن تلم بتضاريس سانت كيلدا. فهي عبارة عن مجموعة من الجزر والمداخن متضمنة مجموعة من أعلى المنحدرات في الجزر البريطانية، كما أنها موطن لأكبر مستعمرات الطيور البحرية. أخذنا جولة حول المداخن وقمت برفع رقبتي للنظر إلى بلاطات الصخور الضخمة التي تقع مباشرة فوق مركبنا وترافقنا صيحات طيور الغلموت والأطيش، ورائحة الأمونيا والملح وهدير الأمواج.
ومن المدهش تصور أن القديس "كيلدانس" خصص هذه المنحدرات للطيور وبيضها حتى يمكنها أن تعيش. رحل آخر من يسكنون هذه المنطقة بناء على طلبهم عام 1930 واضعين نهاية لقصة رائعة عن صمود الإنسان. إنها قصة تدعو للإعجاب مثل هذه الطبيعة الخلابة التي تجعل زيارة سانت كيلدا، أحد أهم مواقع التراث العالمي لليونسكو، أمر لا ينسى. تجولت بين البيوت المهدمة على جزيرة هوريت. زرت المدرسة القديمة وتوجهت إلى قمة كوناشير. كان المشي صعباً على طول المنحدرات ولكنه مذهلاً بين رذاذ المطر الكثيف.
وأثناء العودة مرة أخرى إلى لويس عبرت بأحد أجمل وأكثر السواحل إلهاماً من بين جميع الجزر التي زرتها في أوتر هبريديس. وصلت إلى ويج بعد ساعة أو نحوها بالسيارة، مساحة شاسعة من الرمال الذهبية مع جبال هاريس. إذا استأنفت الطريق إلى مانورستا و ميلاستا سوف تعثر على سلسلة من الخلجان الصغيرة.
هذا المكان العشبي يصلح مكان مثالي للتخييم في البرية، ونحن نتناول إفطارنا على المنحدرات تحت الشمس المشرقة نشاهد طيور الأطيش تغوص في البحر.
المداخن المتعرجة المذهلة تمتد من الأطلنطي على طول الشريط الساحلي. تم اختيار هذه البقعة الرائعة من أجل الاقتراح الطموح ببناء مركز سانت كيلدا، اعترافاً بتاريخها وحياتها البرية والجيولوجيا الخاصة بها. البناء في سانت كيلدا لن يكون ممكناً بسبب الطقس السيء، لذا فإن هذه البقعة تعد أفضل فرصة لرؤية الجزيرة على مسافة 44 ميل إلى الغرب.
وفي طريق العودة توقفت في "ويغ لودج" بإطلالتها الخلابة على الخليج لشراء تذكاراً: سمك السلمون المدخن الذي يعيد إلى الأذهان ذكريات النسيم المالح وصوت أمواح الأطلسي وهي تضرب الصخور.