عمان _ صوت الإمارات
يقع جبل مكاور الى الجنوب الغربي من مدينة مادبا في الاردن وعلى بعد 35 كم من قرية" لب", الذي يرتفع عن سطح البحر 730 مترًا, وعن سطح البحر الميت الذي يعتبر اخفض بقعة في العالم 1125 مترًا.
وينطلق السائر الى الجبل من الطريق السلطاني مرورا ببلدة "لب" الى مكاور التي كان يقع فيها قصر هيرودس، وهو ما يلفت النظر اذا استثنينا المنظر الرائع للبحر الميت، لأن القصر وهو اشبه ما يكون بقلعة تهدمت منذ عهد بعيد ولم يبقَ منه الا بعض الجدران المطمورة بين الانقاض وبقايا اطلال تشبه الممر. ويسيطر موقع القصر على ما حوله كليا ومنه يستطيع المرء ان يشاهد البناءين الاخرين اللذين اقام "هيرودس" كلا منهما على رأس الجبل "هيروديوم" غير بعيد عن بيت لحم والكساندريوم على قرن سرطبة شمالي اريحا وغربي دامية وفي الايام الصافية يمكن للمرء ان يشاهد ابراج القدس العتيقة.
وانبثق اسم مكاور عن الساميين الذين اطلقوه على منطقة الجبل المنفرد الذي اقام عليه القائد "اسكندر جانيوس" قلعته الحصينة, ويدل اسم مكاور على استدارة الجبل وقد استخدام هذا الاسم باليونانية لتقارب معناه مع كلمة "مكاريوس" اي السيف نسبة لوعورة الجبل.
وجبل مكاور يعتبر منطقة حدودية آنذاك بين الامبراطورية الرومانية ومملكة الانباط, حيث اثبتت الحفريات القائمة منذ عام 1978 بأن الموقع يرجع الى حقبتين رئيسيتين, العهد المكابي "90-85" قبل الميلادي والعهد الهيرودي "30 قبل الميلاد الى 72 ميلاديا" . ففي سنة "90 قبل الميلاد" بنى اسكندر جانوس المكابي على قمة قلعة حصينة ليقف في وجه الانباط الذين كانوا يسيطرون على الطريق السلطاني وعلى مدينة مادبا. وظهرت من آثار القلعة الابراج على القمة والسفح الشمالي, حيث تكثر آبار المياه التي تغذيها قناة تمتد من التل المقابل, ولقد دمر هذه القلعة الحاكم الروماني "غابينوس "سنة "75 قبل الميلاد" بأمر من القائد الروماني بومبي, وفي سنة "30 قبل الميلاد" اعاد "هيرودس" الكبير بناء القلعة وبنى في داخلها قصرًا اشتمل على حمامات للضيافة وامامها ساحة تحيط بها الاعمدة والى القرب من الحمامات عدة مرافق "انتباس" التي سجن فيها يوحنا المعمدان "النبي يحيى", وقطع رأسه بسبب الراقصة "سالومي", كما يرويها لنا الانجيل المقدس متى "14: 3-11" وبقيت القلعة في ايدي ابناء "هيرودس" حتى استولى عليها الرومان سنة 44 قبل الميلاد, وعندما اندلعت الثورة اليهودية فرت الحامية الرومانية من القلعة فدخلها الثوار الا ان القوات الرومانية عادت اليها وحاصرتها, ثم استولت عليها سنة 72 قبل الميلاد, ودمرتها تدميرا كاملا.
وقامت دائرة الآثار العامة بالتعاون مع معهد الفرنسيسكان للآثار بأعمال التنقيب في قمة جبل "المشنقة "قرب قرية "مكاور" وكشفت الحفريات عن اجزاء من التحصينات التي شيدها الآدوميون في هذه القلعة واستعملها الملك "هيرودس" الملقب بالكبير والذي ينحدر من اصل" آدومي" الذي تمكن من فرض سيطرته على فلسطين والاردن في زمن الرومان, كما كشفت الحفريات عن بناء حمام روماني وكمية من الاواني والاوراق والكسر الفخارية والنقود النحاسية.