واحة "عين التمر"

تعتبر منطقة عين التمر أحد أهم وأجمل الواحات الصحراوية، وفيها أنواع مختلفة من بساتين التمور، ولد فيها شاعر الزهد والحكمة أبو العتاهية، والبقعة الخضراء تمثل عين التمر جغرافيا، وتبعد مسافة 80 كم غربي مدينة كربلاء، يحدها من الغرب منطقة شريش، ومحافظة الأنبار، وشريش اسم المنطقة التي يمر فيها نهر قديم يسمى بنفس الاسم ومن الشرق الطار وهو حافة منخفض أبي دبس أمام منطقة الشعيب.

وعين التمر أو شثاثة أو شتاثة تسميات لمكان واحد يعج به أريج التاريخ والطبيعة والصحراء والماء والنخيل كل شيء في هذا المكان من الممكن أن تجده، وكأن الله أراد أن يعطي دروسا للبشرية من أن الصحراء من الممكن أن تكون واحة خضراء وعيونا تتدفق منها المياه. وإحدى السواقي المحاطة بأشجار الرمان والنخيل والأراضي المستغلة زراعيا يغلب عليها السبخ، ومع ذلك فإن أراضيها تمتاز بصلاحيتها للزراعة، وتملك الواحة معينا لا ينضب من المياه الجوفية، التي خلقت فيها جنة في وسط تلك البوادي القاحلة.

وهناك تدخل مباشرة إلى غابة من النخيل قاطعا قناطر صغيرة ترتفع فوق مياه صافية يجري ماؤها رقراقاً، هناك وسط غابات النخيل تواجدت العيون المشهورة. عيون كبريتية لا يتوقف الماء فيها، تسقي شلالات النخيل والبساتين عبر سواقٍ وأنهار صغيرة وجداول جعلت من الحب آصرة لها لتغدق على الأرض بعضا من حب الله لهذه الأرض، فتكون سرا من أسرار الصحراء فتحولت إلى مركز تجاري للبدو، بعد أن كانت مركزا تجاريا لتجارة القوافل في عهد ما من عهود التاريخ.

ونشاهد قصور المدينة وأطلالها في الطريق المؤدي إلى عين التمر، وعلى بعد مسافة 11كم غربي مدينة كربلاء تقوم بحيرة واسعة تلتقي أطرافها بالأفق البعيد في عناق دائم وتشرئب إليها ذوائب أشجار الكالبتوس، وتلك هي بحيرة الرزازة التي كانت في زمن ما مركزاً سياحياً بخاصة في فصل الصيف، حيث تتحول البحيرة إلى موسم حقيقي للفرح فآلاف المواطنين والمصطافين يتمتعون بسحر المناظر الطبيعية ومناخ البحيرة ورمالها الذهبية.

تنتشر في شثاثا (عين التمر) العيون ذات المياه المعدنية التي يخرج من أعماقها، ويجري عبر قنوات ومجاري فرعية تصل إلى مسافات بعيدة في الأراضي الزراعية، ومياهها بصورة عامة قليلة الملوحة ولكنها تحتوي على الكلوريد والكبريتات، مما جعلها غير صالحة للشرب، وتتغذى عيون شثاثا من المياه الجوفية المتجمعة في الصخور الكلسية والجيرية في أنحاء الهضبة الغربية الواسعة.
ويوجد أكثر من 20 عينا وأهمها 3 عيون هي :
*عين السيب: وتعني التفاح أو مجرى الماء ولهذه العين ثلاثة أنهر تسقي البساتين وأشجار الرمان، وتقع في الطرف الشرقي من المدينة، وهناك أسطورة عند البسطاء من الناس الطيبين تقول إن عين السيب يجب أن تأخذ منهم ولدا كل سنة (يموت غرقا)،  والواقع أن هناك من لا يتمكن من السباحة ثم يغرق ولا ينتبه إليه أحد.

 *العين الحمرة: التي لها نهران صغيران على شكل حفرتين يجري منهما الماء عبر فتحتين وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الأرض المسماة بالحمرة التي تقع فيها العين والعائدة للسادة ( البوضوي ) .
*العين الكبيرة: ويطلق عليها العين الزرقة لعمق الماء ويظهر بلون أزرق وكان يسميها البدو (اليد) أو (العربيد) لسرعة جريان الماء المتدفق في مجاريها.

 كما يوجد في شثاثا أكثر من عشرين عينا كعين الضباط وعين عبيد المهنة وعين بيت السمينة والعونية وعلوان الجاسم. والوافد إلى عين التمر لا بد أن يعرف أن فيها عيونا وإلا أصبحت معرفته في هذه المنطقة سطحية، إن هذه العيون ليست كما العيون المعروفة في الشمال مثلا أو لكونها عيونا يخرج منها الماء من بين الحجر فحسب بل هي أماكن مسورة بجدران مرتفعة فتغدو وكأنها أماكن للسباحة أو حوض كبير يتلألأ فيها الماء الصافي، حتى لكأنك تتابع حركة ما يقذف في داخلها حتى يستقر في قعرها، إنها عيون صافية تمتاز بجمالها وعمقها وألوانها الزاهية وتسمياتها المختلفة التي تدل كل تسمية على أثر ما.
 
 وتتغير درجات حرارتها حسب ميل الشمس عليها ويمكن للزائر أن يلاحظ حركة البخار وهو يتصاعد إلى الأعلى المنبعث مع ساعات الصباح الأولى. ويضاف أن لهذه العيون فوائد صحية أيضا، لذلك فإن الكثير من المواطنين من داخل العراق وخارجه يأتون إلى هذا المكان لطلب العافية من مياه هذه العيون، إنها تتصل بالمزارع والبساتين عن طريق أنهار تتفرع منها.